[email protected] يقول حكيمنا الشيخ فرح ود تكتوك ضمن نبوءاته عن آخر الزمان (البقول النصيحة بموت)، يخبرنا في تلك النبوءة عن حال آخر الزمن ال(أخير ليك فيهو تقطّع النصيحة في مصارينك) من أن تصرح بها فتجلب لنفسك الهلاك والقُلل الفي الشباك. من أكثر من اشتهر بقول النصيحة، ولو كانت جارحة، هم قليلو الذوق الما عندهم دم، والعيال وكبار السن وبالأخص الحبوبات.. فكم من موقف حرج تسبب فيه تبرع الحبوبات بالنصيحة دون أن يطلب منهن ذلك، كحال تلك الحبوبة التي ذهبت ضمن وفد المقدمة لخطبة عروس حفيدها، حيث حفهم أهل المخطوبة بالكرم وأغرقوهم بالمطايب من عنب وتفاح وألوان الجاتوهات، إلا أن حبوبه العريس ظلت (تلاهي) لرفيقاتها: كدي أول خلوهم اليورونا عروس البخت دي.. بدل قاعدات تكوضمن بلا وعى.. مش أمكن ما تقع لينا؟!! إلا إنهن كن (يقرصن) لها حتى تسكت وتتلهي بالأكل.. وفعلاً بعد الإكرام وإطعام الطعام هلّت العروسة بطلتها غير البهية وجلست على صدر المجلس.. شملتها الحبوبة بنظرة فاحصة من (راسا لي كرعيها) ثم جلست تقاوم الشعور بالقرف والغثيان وتغالب رغبتها القوية في التصريح برأيها في العروس، والذي حذرنها منه بناتها مسبقاً لمعرفتهن بطول لسانها ويقينهن من عدم صبرها على شناة العروس (الغنية) غنى يشفع لشناتها المُرّة، إلا أن صبر الحبوبة كمل عندما سألتها إحدى قريبات العروس: يعني ما وريتينا يا حاجة رايك في عروسكم.. ما من قبيل قلتي عايزة تشوفيها؟. فلم تتمالك نفسها من مصمصة شفتيها والتمطِّق بفمها شبه الخالي من الأسنان قبل أن تقول في تسليم: نسوي شنو؟؟ إن نضمنا أتقلمنا وإن سكتنا السكات غُلب علينا.. الله يهني سعيد ب سعيدة. تؤكد أمثالنا بأن (الصراحة راحة والاختشا قباحة) إلا أن في الكثير من أنواع الصراحة قباحة، فقد شهدت موقفاً طريفاً تجلت فيه صراحة حبوبة بعض معارفنا المخلة. كنا في حفل خطوبة إحدى حفيداتها حيث كانت الحبوبة تهم بالنزول من مسطبة البرنده المرتفعة لتنتقل إلى الحوش الممتلئ عن آخره بالمدعوات، عندما مدت يدها نحو واحدة من أهل العريس والتي صادف وقوفها أسفل المسطبة لتعينها على النزول.. حسبت تلك القريبة أن الحبوبة ترغب في مسالمتها فهشت لها وهي تهم بمقالدتها: حبابك يا حاجة.. أهلاً وسهلاً. فما كان من الحبوبة إلا أن دفعتها عنها وهي تقول بصوت عالٍ سمعه كل من كان في الحوش: تحبك دقونة يا يمة.. شوفي المرة الغبيانة دي؟؟.. أنا قلتا ليك سلّمي عليّ وللا نزليني من المسطبة؟!. وقول النصيحة أو الحقيقة خشم بيوت، منها المطلوب، وهذا يكون في مواضع إحقاق الحق حين يترتب على إخفاء الحقيقة الظلم والضرر، وهناك مواضع أخرى تكون فيها المناصحة بقول النصيحة مطلوبة، ولكن مع تخير المكان والزمان المناسبين، فقد دعانا المصطفى صلوات الله وسلامه عليه لتخير وقت المناصحة المناسب، بحيث يكون المنصوح في حالة نفسية جيدة تساعده على تقبل النصيحة، وأن تكون المناصحة بعيداً عن أعين وأسماع الآخرين، حتى تكون المناصحة لإعانة المنصوح على الشيطان وليس لإعانة للشيطان عليه. للنجمة الأمريكية المحبوبة (ساندرا بولوك) فيلم عاطفي وإنساني رقيق يحكي عن قصة معاناة سيدة شابة من خيانة زوجها مع أعز صديقاتها وانفصاله عنها ليتزوج من تلك الصديقة تاركا لها تلعق جراح الخيانة وكسر الخاطر الذي تعرضت له على مشهد من أنظار العالم، فقد اختار زوجها وصديقتها أغرب وأقسى طريقة لتوصيل خبر ارتباطهما لها، حيث قاما بدعوتها لبرنامج يذاع على الهواء مباشرة يختص بالمواجهات الصريحة، وأثناء جلوسها في أمان الله بجوار زوجها في الحلقة، أخبرتها المذيعة أن زوجها وصديقتها يودان أن يخبراها خبراً يشركان فيه جميع المشاهدين، ثم أفضى إليها زوجها بسر العلاقة التي ربطت بينه وصديقتها العزيزة ورغبته في الانفصال، لتنتهي الحلقة بنظراتها الحيرى وابتسامتها المسكينة البلهاء وتلفتها يميناً وشمالاً دون أن تستوعب حقيقة ما يحدث.. تذكرني قصة ذلك الفيلم بالبرنامج الأمريكي الشهير (الحقيقة) الذي يذاع على (mbc4) والذي يعتمد الربح فيه على بجاحة المتسابق وقدرته على قذف الحقائق الجارحة في وجه أقربائه وأحبائه، وللحقيقة برضو أفزعني بشدة رغبة القناة في تقديم نسخة عربية من البرنامج الذي يخالف شرعنا وطبعنا الرافض للبجاحة وشيل الحال، مما يرجعنا لجدلية (الصراحة راحة والاختشا قباحة) مع تأكيدنا على حقيقة إن آخر الزمن (الاختشوا ماتوا). الرأي العام