[email protected] في مثل هذا اليوم من الاسبوع الماضي رحل عن دنيانا الفانية سيدي و ملاذي وشيخي ووالدي الحاج/ محمد البوني البوني عبد الرازق بعد عمر مديد امضاه والحمد لله في طاعة الله وفي السعى وراء الرزق الحلال من الزراعة في مشروع الجزيرة والمناقل والتجارة وبرحيله اكون قد فقدت دليلي وبوصلتي في الحياة بعد ملازمة لاكثر من نصف قرن من الزمان تشبعت فيها بتربية سلوكية لانظيرلها في المدارس و لا في الجامعات ولافي كل مجلدات الدنيا تعملت منه معنى الرزق الحلال الذي كان همه الذي لايفارقه لدرجة تفحص كل لقمة اكل كانت ذاهبه الي فمه وفم من يعول ليرى ان كان فيها اي شبهة لقد جعل من الرزق الحلال منهاجا تربويا نظم به كل اوجه حياته واستعاض به عن عدم التعليم النظامي في علوم الدينا والدين . كان عليه رحمة الله يقول ( لو اي زول في الدينا دي كسب رزقه من حلال الدينا دي ماببقى فيها شي كعب ) وتطبيقاته لهذا المبدا على نفسه ومن حوله فيها الكثير من الحكاوي. تعلمت منه حب الناس دون النظر لالوانهم اوقبائلهم واشهد الله العظيم انني لم اسمع منه في يوم من الايام يتكلم عن الانتساب لقبيلة او عشيرة بل حتى عندما يساله احفاده عن اجدادهم بعد البوني كان يقول لهم (مالكم ومالوم دايرين بيهم شنو كفاكم بونيكم دا وبعد شوية البوني ذاتو خلوه وخليكم في حالكم بلا جدي بلانسبى بلا كلام فارغ معاكم ) قبل حوالى ثلاثة سنوات رحلت عن دنيانا هذة الوالدة العزيزة امامة احمد محمد فضل الله فكتبت تحت عنوان (ايتم عند الخمسين؟ ) وها انا اليوم اشعر بيتم فوق الخمسين وهو في تقديري اكثر ايلاما من يتم الطفولة وقبل ثلاثة اشهر رحل عن دنيانا الفانية عمي وشقيق والدي الاصغر والذي كان بمثابة ابنه الاكبر الحاج/ عبد الله البوني عبد الرزاق فحاولت كتابة بعض كلمات في رثائية ولكنني لم استطع اذ ان لدي ليد شعورا دفينا ان اولاد البوني سوف يرحلون سويا لان حياتهما كانت متلازمة وبالتالي كانت روحيهما متلازمتين فقصة حياتهما معا كانت قصة طفلين يتيمين تركهما والدهما مع ارملة واربعة شقيقات استطاعا وبمساعدة من خالهما محمد احمد ود علي ود سلمان والاسرة الممتدة مغالبة الدنيا واهوالها متكاتفين متحابين لم نسمع في يوم من الايام جدالا بينهما في امرمن الامور وعاشا قرابة القرن من الزمان واديا رسالتهما وتركا خلفهما ارثا اخلاقيا لابنائهما لو تمسكوا به لن يضلوا ابدا ان شاء الله قصة حياة الوالد هي قصة مشروع الجزيرة فقد امتلك الحواشة فيه مع بداية المشروع وعندما اقيم مشروع المناقل امتلك فيه حواشة هو الاخر وقد كان من المزارعين (البرنجية) اي المتفوقين اذ فاز بجائزة اعلى انتاجية على مستوى المشروع مرتين واذكر انه في السنة التي كان ينبغي ان يفوز بالثالثة ليحطم الرقم القياسي وعمل معه شقيقه عبد الله للفوز على حساب حواشته ودون ان يخطره وبالفعل كان صاحب اكبر انتاجية ولكن ادارة المشروع قررت في تلك السنة ان تكون الجائزة بمعيار الجودة وليس الكمية فكانت من نصيب شقيقه عبد الله الذي اثره على نفسه وكانت سعادته بها اكثر من سعادة صاحبها بها . لقد رحل رحمه الله بكامل وعيه وكان يسال عن احوال كل الاسرة وعن الحواشة وقد كانت كل ذرة من ترابها وكل شبر فيها عالق في ذاكرته ويتكلم عنها كانما يقرا من كتاب مفتوح امامه فالاماكن المرتفعة والمنخفضة والتي تنمو فيها الحشائش الطفيلية وانواعها يذكرها وكانها يقف عليها بنفسه . ان قصة حياته تصلح ان تكون قصة لمشروع الجزيرة ولكل الزراعة المروية في السودان وهذا سيكون همي القادم فانشاء الله سوف اوفر نفسي لاصدار كتاب يحول الذاتي الي موضوعي بنية افادة البلاد والعباد وسوف احاول ان اثبت فيه مدى التغريب الذي حدث لمزارع الجزيرة من انتاجه فما انتجه السيد الوالد من قطن على مدى ثلاثة ارباع قرن الماضية كفيل بانه يجعله في غنى من يزرع القطن في كلفورنيا او اي مكان اخر من الدنيا ولكنه كان منتجا سودانيا لذلك كان نصيبه البلهارسيا والملاريا وكل امراض المناطق الحارة وسيكون ان شاء الله وقفا لروحه الطاهرة واود ان استغل هذة السانحة في هذة المساحة لاتقدم باسمى ايات الشكر والعرفان ولكل و(بدون فرز) من واسانا في مصابنا بالحضور لقريتنا او الهاتف او البريد الالكتروني سائلين الله ان لايريهم مكروها في عزيز لديهم وسائلين الله الرحمة والمغفرة لراحلنا وكل موتى المسلمين