[email protected] في غرة شهر المولد الشريف ربيع الأول من هذا العام الذي سماه إمام الأنصار بعام الفرقان يوم أن أطلت ذكرى تحرير الخرطوم واحتُفِي بها احتفالاً غير مسبوق في ساحة مسجد وجامع سيدي خليفة المهدي وسُمي يومها بيوم الفرقان. انتفضت جموع من أهل السودان مرددين هتافاً خفتت له كل الأصوات النشاز وخفقت له كل القلوب وتساقط له أوراق –الحراز- فلم يكن يوما عاديا أن يحتفل إمام الأنصار وحكيم الأمة مع أنصاره محفزا إياهم بما يقارب الشهر من الإنتظار الحار على الجمر بخيارات أوردها في منتدى الصحافة والسياسة (الثالث والسبعون) في تقديمه لسفره المصون ودره الموضون كتاب ميزان المصير الوطني في السودان، إذ اختتم خطابه يومئذ بخيارين في حال تعنت النظام وعدم قبوله للحل السلمي لقضايا البلاد هما الانضمام لصف الإطاحة أو التخلي النهائي عن العمل السياسي، وينتخب المؤتمر العام لحزب الأمة القومي قيادته. فيومها ارتعدت القلوب وارتجفت الأراجيل وصمت الأفواه، وانقلب البصر إلى كل أنصار الله خاسئا وهو حسير أمام الطرح العقلاني المعطون في نور البصيرة، لم يعي الحديث آنذاك إلا من ألقى السمع وهو شهيد، فكثير من أهل الصحافة والإعلام زوّروا وشهدوا بالباطل لما سمعوه ورأوه في خيمة الملازمين التي عجت بأصحاب الأقلام وضجت بحاملي العدسات ورواد الإسفير، وتفوه عقب ذلك أهل النظام بالأباطيل وأقلامه المأجورة خطت من الأقاويل كذباً وافتراءً وسخرةً وتهكماً على \"الحبيب\" أوما علموا أنه (و َمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللّهِ) وأن الله أمرنا أن نقول الحق (وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللّهِ إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الآثِمِينَ) فهؤلاء دون شك آثمون وفي الإثم مغموسون وجاءوا بهتاناً وإفكاً تخر له السماء وتهدّ له الجبال هدّاً، سار بهذا الإفك من زمرة النظام وغوغائيته وطبّالوه على شاكلة (أبو العفين) وأهل (صحيفة الغفلة) و-الانبهاتة- الذين جعلوا من قول الإمام مرمى لسهامهم السامة وأقوالهم \"المكريّة\" بثمن بخس دراهم معدودة، لم تمر الأيام حتى سارع كبيرهم الذي علمهم السحر بدعوة \"الحبيب\" إلى اللقاء الذي جعل من \"أبو العفين\" كائنا مهذبا في حضرة الحبيب الإمام رغم التصريح والتجريح قبل اللقاء بساعات، هكذا دائما ما يتأدب للملوك المعتوه الذي هو كالحيوان، مع أن الملك قد ملك الدنيا بحلمه وعلمه وحكمته لا بصولاجانه وزبانية وأمواله ملك - فرصة ما استرقها من الدهر مفتول الذراعين أغلب- هكذا دائما يردد هذا \"الحبيب\". وفي غرة شهر –المولد- مولد الحبيب الأعظم، سيطل علينا \"الحبيب\" بطلعته البهية ومحياه الوضيء موجها خطابا مسؤولا تجاه قضايا البلاد والعباد ومحنة الأمة وسبل كشف الغمة، ولا شك أن النداءات التي رددها خلفة عشرات الآلاف في 26 يناير الماضي لا زال صداها يتردد في آذاننا: عاشت ذكرى التحرير الأول. دستور جديد لسودان عريض. شمال جنوب..تيمان برقو ما بنفرقو. مطالب دارفور مطالب عادلة. الإسلام نصير الحرية. الإسلام نصير العدالة. الإسلام دين الكفاية. لا استقرار مع نار الأسعار. الإفلات من العدالة تقنين للجريمة. ثورة تونس في طريق أكتوبر وطريق أبريل. التجربة التونسية ملهمة التطلعات الشعبية. فهذه الهتافات الوجدانية مكمن الخط السياسي المرشد القادم المحصن بخيار الحكومة الانتقالية القومية أو التونسة أو اتخاذا التذكرة التونسية وسيلة لخلاص الوطن فهو لا شك الطرح المنقذ لبلادنا والملبي لتطلعات أهل السودان وروشتة استباقية لما يمكن أن تأتي به مقبلات الأيام من محن وإحن عقب إنفصال بلادنا وانشطار دولة وليدة جديدة مجاورة لوطننا الذي تحدق به تحديات الجوار الأخوي ومعاهدة التوأمة وتحدي دارفور وما يلم بها من كوارث وأزمات تتفاقم وتستفحل وتحدي الدستور الدائم للبلاد والمسألة الإقتصادية التي هي أس البلاء وتحدي الملف المسجون خلف قضبان القوانين المقيدة للحريات وقوانين النظام العام \"ملف الحريات\"، فوق ذلك كله تحدي المناطق المجهولة المصير (القنابل المؤقتة) كل هذه التحديات وأخرى معلومة للكافة لا يرجى زوالها بالتعنت والاستعلاء الكيزاني على الشعب السوداني الذي ضاقت به السبل وشظف عيشه ونقم على هذا النظام المشؤوم الذي يتمادى كل يوم في ابتكار وابتدار سبل الهلاك والتدمير والفساد والاستبداد استهداء بشريعة العناد والإنفراد. إن لم يفلح كل أهل القبلة وما دونهم من الأمم في السماع لهذا \"الحبيب\" عند قوله كلمة الحق من فيه الذي لا ينطق بغيرة، فسيجري على البلاد ما جرى عليها في 21أكتوبر و6إبريل الناصعين وتونس العطرة بالياسمين أو25يناير المصرية على أسوأ الفروض. فلا أحد يستبعد أن يكون في المؤتمر الوطني عقلاء برغم كثرة الرُّعناء فيه وأن يجد صوت الحكمة والحلم والعقل أذناً صاغيةً وعقلاً مجبولاً على استيعاب الخير، فالمؤشرات كلها تقول أن النظام في السودان ترنَّح وتردَّى في سيادته وسياسته واقتصاده وجميع ملفاته واتسخت سمعته حتى بلغت الإساءة إلى سمعة السودان أوجها باتهام رئيسه بطائفة من الجرائم ضد الإنسانية والتي لا تسقط بالتقادم أو \"التواكد\" فمهما فعل أهل الاتحاد الإفريقي والجامعة العربية لن يوقفوا هذا الإجراء الذي وضع له العقلاء رؤية قانونية، ومخارج ديبلوماسية ، ومعالجات سياسية متكاملة معلومة ومنشورة. كل هذه السوءات لن يغطيها الخصف بأوراق الانتخابات المزورة في إبريل 2010م ولن تمح آثارها التقطيعات والتعديلات المزمعة في دستور تنتهي صلاحيته بانتهاء الفترة الانتقالية في مايو القادم، ولن يجدي معها المكر والتآمر. ولن تجد السبل القمعية والطرق الاستبدادية سبيلا لعقول وأفئدة المؤمنين بالديمقراطية وعشاق الحرية، فكل المشاهد الحالية تنبئ بسيناريوهات عنادية انفرادية وخطب عنجهية اعتاد السودانيون عليها. إلا أن السيناريو القادم إذا تعنت النظام وسدنته سيكون أعنف وأقتم وأشد دموية وتدميرا لأن الغضبة أكبر من كل غضبٍ مضى ولأن البلاد صارت عبارة عن عبوة ناسفة وقت لها النظام أن تنفجر هذا العام. فلا سبيل ولا مناص من القبول برؤى المعارضة السودانية وطرحها الموحد ووثيقة عهد الخلاص الوطني آخر طرقة في باب الحوار السوداني، دون شك سيكون العمل بهذه الرؤى المقدمة من وطنيين سودانيين أفضل وأفعل، هذا أو أن يجر الرئيس السوداني(الملاحق) عمر البشير على نفسه وزبانيته مزيدا من التضييق والملاحقة مما سيجلب على شعب السودان مزيدا من الكبت والتنكيل والتضليل، وحينها ستبرز الانتفاضة رحمة بهذا الشعب على نفسه وجحيما على المشير وزمرته عله يتعلم أو يعي الدرس الأخير قبل أن يتألم، فالشعب لا زال وسيظل المعلم الخصوصي لكل دكتاتور تجبر أو طاغية تكبر ودونك الزين ومبارك الذين رغم أنفهما لعظمة هذه الشعوب، فها قد جاءت الطامة الكبرى... وبرزت الانتفاضة للبشير عله يرى.