تراسيم.. دموع في ليلة زفاف !! عبد الباقي الظافر الليل يمر بسرعة.. الفنان أنهى الفاصل الأول.. بصراحة لم أكن أسمع شيئاً.. وإن سمعت لم أكن أدرك المعاني.. أمّي تركت كل التفاصيل على عاتقي.. تفرغت لمراسم الاستقبال.. أنا أخت العروس الكبرى والوحيدة.. مهامي بدأت باختيار فستان زفاف سلمى.. ومقترحاتي وصلت إلى ما بعد شهر العسل.. فجأة سمعت صخباً إضافياً عند مدخل القاعة.. ابنة خالتي شدتني من ذراعي الأيمن سمعتها تقول أنّ العرسان وصلوا. وجدت أمي وأبي في انتظاري.. أخذت موقعي في الصف.. هذه أعراف جديدة.. تقليعة أن يقود الأب العروس إلى حضن العريس.. كنت متماسكة ما أن خرج العريس لؤي حتى شعرت أنني بحاجة ملحة لاستخدام الحمام.. كان انسحابي محرجاً في هذا التوقيت.. (الزنقة) لم تكن تسمح لي حتى بالاستئذان من أمي التي تعتبر أقرب الناس لي. هرولت كالمجنونة إلى حيث المرافق الصحية.. جلست على مقعد المرحاض وأخرجت ما في بطني.. أحسست أنّ المآقي تشاطر معدتي.. ودمع ساخن يسيل على خدودي المدهونة بكثافة في هذه الليلة الاستثنائية. نعم لؤي كان من المفترض أن يتزوجني.. لا أحد يعرف ذلك إلا أنا وأمي .. أمي الحبيبة كانت تجيد التخطيط وأنا أحسن التنفيذ.. أبي موجدود ولكنه مثل الغائب.. كل الأمور بيد أمي العزيزة.. والدي لا يرى في ذلك عيباً، كان دائماً يقول أنّ إمي شديدة ومُدبرة. أمي أصرّت عليّ وشقيقتي أن ندرس الطب.. كانت والدتي لا تملك ولدا ذكراً لذلك تراهن على نجاحنا.. أذعنت لنصيحتها وتمردت شقيقتي.. أكملت الطب بعسر شديد.. تأخرت عن دفعتي بثلاث سنوات.. أمّي كانت تشجعني وترفع من روحي المعنوية وتقول المهم أن نصل.. لا أحد يسأل كم أخذ تحقيق الحلم من سنوات. عندما جاء لؤي من الهند بعد أن أكمل دراسة الطب.. بدأت خطة أمي في خطف الشاب الوجيه.. إنه ابن أخيها الطبيب.. أخبرتني أنّ لؤي سيكون من نصيبي.. لم أتردد في اختيار أمي الذي صادف هوى في قلبي.. سيقيم معنا في الطابق الأعلى من العمارة لأنّ أسرته تعيش خارج الخرطوم.. بدأت خطة أمي لاصطياد لؤي منذ أن كان طالباً وكنا مغتربين.. تقول إنّ المعروف يكسر العين.. فكانت تقتطع من معاشنا لتساعد ابن أخيها. خطة أمي كانت تمضي على مايرام.. بما أننا زملاء مهنة فكنا نتشاطر كثيرا من الاهتمامات.. بل نخطط سوياً للتحضير.. لم أكن أتردد أنّ أسرّ لصديقاتي أنّ الأمر قضي ولا ينقصنا سوى الإعلان الرسمي. أخبرني لؤي أنه يريدني في أمر خاص.. يفضل أن نلتقي خارج البيت.. قلبي دقّ بعنف.. اختار مطعماً على النيل.. دون مقدمات كثيرة.. أخبرني بشكل مباشر أنّه وسلمى في حب عميق.. لم استطع أن ابتلع جرعة الماء التي كانت في فمي.. سلمى كانت دائماً منشغلة بعملها في قناة النيل الأزرق.. لم ألحظ شيئاً.. المهم باركت الأمر. أخبرت أمّي بفعلة بنتها و (ود أخوها).. أقسمت أنّ هذا الموضوع لن يرى النور.. أقنعتها أنه إن ترك سلمى فلن أتزوجه.. لا يمكن أن أخطف حبيب أختي.. بكت أمّها وتلك من المرات النادرة التي أرى فيها دموع أمي. سمعت طرقات على باب (التوليت).. انزعجت وفتحت الباب.. وجدت أمي أيضاً تبكي. التيار