بالمنطق بيض..!!!! صلاح عووضة ٭ حين سئل بلدياتنا «سكّج» في زمن مضى عن اسباب طلاقه للتي كان قد «قاتل» من أجل جعلها شريكة حياته اكتفى بأن قال إنها صارت أشبه ب «الكُمبُّك» أي البيض الفاسد ولم تعد تلك الوردة النضرة التي تمنَّى قطفها شباب تلكم الايام.. ٭ أما شباب هذه الايام فإنهم يصفون كل ما هو «مكرور» ذو سماجة وملل بأنه «بيض».. ٭ وأحد شباب الايام هذه في بلدنا قيل إنه ذاق مرة حلوى ال «كريم كرامل» فأصر ان يأكلها كل يوم مهما كلفه ذلك من «كُمبُّك» ليفاجيء الناس بعد ايام انه كره هذا «الشيء» الذي جعل فمه «بيض بيض».. ٭ وفي أمثالنا الشعبية يقولون: «كترة الطلة تمسخ خلق الله».. ٭ أي أنها تجعل ذا الاطلالة الدائمة ولو كان جميلاً أشبه ب «البيض».. ٭ وأكثر الذين يبتلى الناس ب «كترة طلتهم» عبر وسائل الاعلام في زماننا هذا هم اولئك «القاعدون!!» من رموز الانظمة الشمولية.. ٭ هم الذين «يقعدون» ولا «يقومون».. ٭ وبقدر (قعود) الواحد من هؤلاء - من سنوات - تكون اطلالته (البيضية) على الناس.. ٭ فان كان قاعداً عشر سنوات - مثلاً - فانه يكون (بيضاً) على الناس طوال السنوات العشر هذه.. ٭ وإن كان قاعداً ثلاثين عاماً فإن من الناس من قد يكون وُلِد ثم مات - شاباً - وليس في فمه سوى طعم (البيض).. ٭ ومنهم من يضحى (البيض) كابوساً دائماً له في صحوه ومنامه.. ٭ فليس في حياته سوى البيض.. ٭ على صدى كلمات (بيضية) يغفو.. ٭ وعليها يصحو.. ٭ وتحت صورٍ (بيضية) في الشارع يسير.. ٭ وبجوار لافتات مثلها يقعد.. ٭ ومن معين توجيهات بيضية في المدارس ينهل.. ٭ وعلى أوراق الامتحان «يُفرغ» من جوفه ذاك الذي نهله.. ٭ وما ألهمنا فكرة كلمتنا هذه اليوم رغم اشارتنا اليها كثيراً من قبل اختزال بعض المتظاهرين بمصر هذه الايام لاسباب احتجاجهم في دلالات كلمة «كفاية».. ٭ فقد قال أحد هؤلاء من الشباب لقناة فضائية: «أنا من ساعة ما فتَّحت عينيَّا ما بشفش غير حسني مبارك، «معؤولة بس؟!».. ٭ وقال آخر: «هوَّ بيحكم من تلاتين سنة، كفاية بأى!!».. ٭ وقال ثالث: «يعني هيَّا مصر دي مفيهاش غير مبارك واللا ايه؟!».. وقال رابع: «إحنا زهقنا خلاص، زهقنا م الجوع، وم الفأر، وم البطالة، وم الناس اللي آعدين على دماغنا تلاتين سنة دول».. ٭ ولو كان المحتجون المصريون هؤلاء على دراية بخبايا المصطلحات الشعبية السودانوية لوصفوا ال «قاعدين» هؤلاء بأنهم «بيض».. ٭ فالوجوه مكرورة.. ٭ وكذلك الخطب السياسية.. ٭ ثم الوعود الكاذبة.. ٭ وأيضاً الاحاديث المملة عبر أجهزة الاعلام طوال ساعات اليوم.. ٭ لا شيء يتغير سوى معالم الوجوه تلك بفعل عامل الزمن.. ٭ فالوزير الذي «يقعد» شاباً لا «يقوم» ولو صار هرماً.. ٭ أو لا يقوم إلا حين يأمره القاعد «الأكبر!!» بأن يفسح المجال لقاعد جديد.. ٭ أما القاعد الأكبر «ذات نفسو» فهو معصوم من القيام بما انه لا يرى ان هناك من هو أحق منه بالقعود.. ٭ ويدعم هذا الظن عنده، انتخابات «يطبخها» قاعدون من «تحته» تجعله فائزاً بنسبة «99.99%».. ٭ ولا يفيق القاعد الأكبر من «الوهم» هذا إلا حين ينفجر الشارع غضباً جماهيرياً لا يجدي معه رد ولا قمع ولا «رصاص».. ٭ وحينها فقط يدرك «القاعدون» انهم كانوا بالنسبة لشعوبهم مثل الهم «القاعد» على القلب.. ٭ فالتغيير هو سنة الحياة.. ٭ وكثرة الطلة تمسٍّخ خلق الله.. ٭ وحلوى الكريم كرامل ملّها بلدياتنا بعد «مداومة!!» على أكلها عدة أيام لانه لم يعد يرى فيها سوى «البيض».. ٭ أو لم يعد يتذوق فيها سوى طعم البيض.. ٭ وبلدياتنا الآخر طلق زوجته بعد عشرين عاماً من الزواج لانها حسب قوله صارت «كُمبُّكاً» فاسداً.. ٭ وللسبب هذا تحرص الدول الديمقراطية «المتحضرة!!» على ان لا «يقعد» الرئيس فيها سوى سنوات معدودات.. ٭ فإن كان الشعب لا يزال يحبه عقب السنوات هذه يتم تجديد ولايته الرئاسية مرة واحدة فقط.. ٭ فالقعود لأكثر من ولايتين رئاسيتين عمر الواحدة منهما اربع سنوات يجعل القاعد «بيضاً».. ٭ والشيء نفسه ينطبق على القاعدين «من تحت» القاعد الأكبر.. ٭ فكل وزير من هؤلاء هو في نظر افراد الشعب شخصٌ «بيض».. ٭ وكلما تطاولت سنوات القعود يزاد الناس سأماً من «الكُمبُّك».. ٭ ويزاد هو «فساداً!!!!». الصحافة