رئيس اتحاد المصارعة وعضو الاولمبية السودانية يضع النقاط علي الحروف..الله جابو سليمان: انعقاد الجمعية حق كفله القانون وتأجيل انتخابات الاولمبية يظل نقطة سوداء لايمكن تجاوزها    شاهد بالصورة والفيديو.. خجل وحياء عروس سودانية من عريسها في ليلة زفافهما يثير اهتمام جمهور مواقع التواصل    494357492_1041486798116280_562566754585908973_n (1)    images (23)    شاهد بالصورة والفيديو.. خجل وحياء عروس سودانية من عريسها في ليلة زفافهما يثير اهتمام جمهور مواقع التواصل    شاهد بالفيديو.. قائد قوات درع الشمال "كيكل" يدخل في وصلة رقص "عفوية" مع (البنيات التلاتة)    شاهد بالصور.. المذيعة نسرين النمر توثق للحظات العصيبة التي عاشتها داخل فندق "مارينا" ببورتسودان بعد استهدافه بمسيرات المليشيا ونجاتها هي وزميلتها نجمة النيل الأزرق    شاهد بالفيديو.. القيادي بالدعم السريع إبراهيم بقال يظهر بأحد الملاعب العالمية ويتابع مباراة كرة قدم.. تعرف على الحقيقة!!    بهدفين مقابل هدف.. باريس يقهر آرسنال ويتأهل لمواجهة إنتر في نهائي دوري الأبطال    بيان توضيحي من مجلس إدارة بنك الخرطوم    عندما كان المصلون في مساجد بورتسودان يؤدون صلاة الصبح.. كانت المضادات الأرضية تتعامل مع المسيّرات    سقوط مقاتلة أمريكية من طراز F-18 في البحر الأحمر    ريال مدريد وأنشيلوتي يحددان موعد الانفصال    المضادات الأرضية التابعة للجيش تصدّت لهجوم بالطيران المسيّر على مواقع في مدينة بورتسودان    التضامن يصالح أنصاره عبر بوابة الجزيرة بالدامر    اتحاد بورتسودان يزور بعثة نادي السهم الدامر    ما حقيقة وجود خلية الميليشيا في مستشفى الأمير عثمان دقنة؟    محمد وداعة يكتب: عدوان الامارات .. الحق فى استخدام المادة 51    أمريكا: الهجمات بالمسيرات على البنية التحتية الحيوية تصعيد خطير في الصراع بالسودان    "آمل أن يتوقف القتال سريعا جدا" أول تعليق من ترامب على ضربات الهند على باكستان    في مباراة جنونية.. إنتر ميلان يطيح ببرشلونة ويصل نهائي دوري أبطال أوروبا    الهند تقصف باكستان بالصواريخ وإسلام آباد تتعهد بالرد    والي الخرطوم يقف على على أعمال تأهيل محطتي مياه بحري و المقرن    من هم هدافو دوري أبطال أوروبا في كل موسم منذ 1992-1993؟    "أبل" تستأنف على قرار يلزمها بتغييرات جذرية في متجرها للتطبيقات    وزير الطاقة: استهداف مستودعات بورتسودان عمل إرهابي    ما هي محظورات الحج للنساء؟    توجيه عاجل من وزير الطاقة السوداني بشأن الكهرباء    وقف الرحلات بمطار بن غوريون في اسرائيل بعد فشل اعتراض صاروخ أطلق من اليمن    الأقمار الصناعية تكشف مواقع جديدة بمطار نيالا للتحكم بالمسيرات ومخابئ لمشغلي المُسيّرات    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحديث عن السودان كما لو كان موحدا
نشر في الراكوبة يوم 08 - 02 - 2011


د. حسن بشير محمد نور
[email protected]
سيحتاج الأمر بعد اليوم الي تغيير الكثير من الأوراق والعناوين وبرامج الحاسوب، كما ان تعديل خارطة السودان الي الوضع الجديد سيكلف الكثير من المال والوقت.رغم ذلك فهناك الكثير من التقارير والبحوث والدراسات، مثل الكثير من الإحصائيات والأرقام التي تتناول الوضع السوداني كما لو كانت البلاد موحدة. بعد ان تم إعلان نتيجة الاستفتاء رسميا في يوم الاثنين، الموافق السابع من فبراير 2011م، وان النتيجة كانت 98.83% لصالح الانفصال، وبعد ان تم قبول تلك النتيجة من الحكومة القائمة الان في البلاد والتي تضم كل من المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، بعد كل ذلك يجب ان يتم تغيير أسلوب تناول الشأن السوداني ليواكب الحدث التاريخي الكبير المتمثل في تقسيم السودان الي دولتين. لنبدأ من انفسنا، لم يعد من المجدي الحديث عن مساحة السودان وعن حدوده كأن شيئا لم يحدث، كذلك عن الموقع الجغرافي الذي تحرك شمالا، عن تأثير السودان دوليا وإقليميا، عن الموارد والثروات، النمو السكاني ومكونات الناتج المحلي الإجمالي ومستوي دخل الفرد، عن مئات المعايير والمتغيرات بل حتي الحديث عن الثوابت يجب ان يتغير، اذ ان التغيير سيطال حتي الثوابت التي سيصير الكثير منها متغيرا.
لم يعد عدد سكان السودان كما هو قبل الاستفتاء، كم منهم يعتمد علي الزراعة او الرعي، وما هي نسبة سكان الحضر والأرياف؟ لم تعد أراضيه الصالحة للزراعة كما كانت عليه ولا المساحات التي يهددها التصحر هي نفس النسبة السابقة ، لم تعد قطعان الماشية 120 مليون رأس ولم يعد البترول يمثل 22% من الناتج المحلي الإجمالي او يغطي حوالي 50% من الإيرادات في الموازنة العامة او انه يشكل 95% من الصادرات، كما ان الصادرات غير البترولية لم تعد تشكل 5% من جملة الصادرات. لم تعد الغابات والحياة البرية كما كانت، لم تعد معدلات النمو او مستويات الدخل وتوزيعه هي هي. ما هو السلبي والايجابي في كل ذلك؟ انه سؤال إشكالي تصعب الإجابة عليه دون بحث دقيق وتقصي. مع ذلك فهناك جملة من الحقائق المؤكدة كبديهيات وليست فرضيات قابلة للنفي او الإثبات.
من الحقائق ان مستوي دخل الفرد سيتغير كما ستتغير معدلات الفقر بمختلف أنواعه وتصنيفاته وسيأتي ذلك في التقارير الدولية ابتدأ من هذا العام. نتيجة لنقص الموارد سترتفع معدلات الضرائب والرسوم فوق عبئها الزائد الحالي الذي تعاني منه البلاد.ستزداد نسبة الضرائب الي الناتج المحلي الإجمالي رافعة معها معدلات التضخم وتراجع في عائدات الإنتاج والقدرة الاستهلاكية مع ارتفاع في تكاليف الإنتاج. يمكن رؤية كل ذلك في نوعية الضرائب والرسوم منها الطبيعي ومنها الذي يتم فرضه (بالزندية)، كما يحدث بشكل الأوامر والقرارات المالية التي تفرض أنواعا من الإتاوات ما انزل الله بها من سلطان ولم تعرف حتي في (التركية السابقة).
سيتحول السودان الشمالي من مصدرا للنفط الي مستورد له. ذلك بعد ان تحول في (زمن النهضة البترولية) الي مستورد للزيوت بعد ان كان يوما ما مصدرا لها، وقد تجاوزت فاتورة استيراد الزيوت 100 مليون دولار في العام. كل ذلك مع استيراد الألبان من المملكة العربية السعودية ودولة الأمارات العربية المتحدة (السودان الشمالي بعد الانفصال تفوق مساحته مساحة البلدين المذكورين مجتمعين اما أراضيه الصالحة للزراعة وثروته الحيوانية فحدث ولا حرج)، يضاف ذلك لفاتورة القمح التي وصلت العام الماضي الي حوالي 2 مليار دولار. يعني كل ذلك ان مخصصات التنمية في البنيات التحتية اللازمة للزراعة والصناعة، الخدمات العامة خاصة الصحة والتعليم، رفع تنافسية القطاع الخاص وبناء القدرات والمهارات، تلك المخصصات الضرورية كما الماء والهواء ستتقلص متراجعة عن مستواها المتدني أصلا كما هو الحال قبل الانفصال.
كيف سيكون الحال مع هذا الوضع؟ ستزداد الضغوط المعيشية وستعاني قطاعات الإنتاج، ستكون هناك مشاكل أكثر تعقيدا وسيطال ذلك جميع أوجه الحياة دون استثناء . مع ذلك سيتم الحديث عن بعض القطاعات الإنتاجية والمشروعات كما لو أنها فتح جديد لم يكن موجودا قبل الاستفتاء، برزت في ذلك قطاعات مثل التعدين الذي قيل انه سيعود بعدد من المليارات من الدولارات، جاءت سيرة القطن من جديد، كذلك الحال بالنسبة لمشروع سكر كنانة. هذا الأخير حالة فريدة من نوعها، فبالرغم من كونه من اكبر المشروعات المنتجة للسكر وبالرغم من ارتفاع إنتاجيته للفدان الواحد الا انه لم يحل ضائقة السكر ولم يخفض من أسعاره، إذ أن الندرة مستمرة، خاصة في سكر الصناعات أما الأسعار فهي ربما الاعلي عالميا، خاصة بالنسبة للمستهلك العادي، المفارقة ان أسعار سكر كنانة في الخارج اقل مما هي عليه بالداخل ويبقي السؤال هو: ما هي الفائدة إذن بالنسبة للمواطن؟ النمط الإنتاجي لهذا المشروع يعتبر مثالا جيدا لتنويع التركيبة الإنتاجية واستخدامات المواد الخام والمصنعة، اما المردود التنموي فلابد ان يتبع نمطا مغايرا لما يحدث في كنانه. اذن مع التأكيد علي ضرورة الذهاب في اتجاه تفعيل قطاعات التعدين، الزراعة والمجمعات الزراعية الصناعية الا ان ذلك لن يحدث الا في إطار سياسات متكاملة يتم التوافق عليها في مسار التخطيط التنموي المستقبلي لسودان ما بعد الانفصال.
للإجابة علي الأسئلة التي أوردناها سابقا، لابد من توفر عدد من الشروط لتغيير الأوضاع نحو الأحسن والخروج من الأزمات والتوجه نحو التنمية والبناء. نحتاج لتغيير شامل ونوعي للسياسات العامة‘ نحتاج لنمط جديد في العقلية الاقتصادية في التخطيط، اتخاذ القرار، التنفيذ والتقويم. نحتاج الي تحويل ثقل قنوات الإنفاق نحو التنمية الاقتصادية والاجتماعية، تنمية البنيات التحتية وتحديثها، توفير الخدمات الاجتماعية في الصحة والتعليم، المياه والكهرباء الخ كمستلزمات للحد من معدلات الفقر وتفجير طاقات الإنتاج، نحتاج لتشجيع تنافسية القطاع الخاص الوطني وبناء القدرات، نحتاج الي جذب الاستثمار الأجنبي دون إغراق للأسواق بسلع غير ضرورية او متدنية الجودة، كما نحتاج لتطوير قطاع التعدين ليصبح حديثا بدلا عن الاعتماد علي الأشكال البدائية. مع كل ذلك لابد من التذكير مرة اخري وإضافية ان المغالاة في فرض الضرائب والرسوم فوق الطاقة الاقتصادية المتاحة سيكون مدمرا للجميع ، منتجين ومستهلكين وحكومة، مما يستدعي إصلاحا حقيقا للنظام المالي ليكون مشجعا لقطاعات الإنتاج الحقيقي ومقبولا اجتماعيا وان يخضع لعمليات الحساب الاقتصادي الدقيق وحكم القانون والابتعاد عن عقلية (الزندية) السائدة اليوم.
لكن لتحقيق المتطلبات أعلاه لابد من توفر شرط ضروري، هو الاستقرار السياسي وإيجاد نظام سياسي يستوعب جميع أشكال ألتنوع السوداني لإطفاء نيران التوتر والنزاعات المشتعلة وتلك التي يومض جمرها من تحت الأركان. هذا هو الشرط الذي يمكن من إنتاج سياسات تستوعب المتغيرات الجديدة لما بعد الانفصال والتي يمكن ان تضع سياسات تقود السودان الي التنمية،تحقيق معدلات مقبولة من النمو تمكن من الخروج من الضائقة المعيشية المستحكمة وتساعد في خلق فرص عمل للشباب الذي تتزايد معدلات بطالته. أي مسار أخر سيقود الي تدمير الذات عن طريق التفتت، تعميق الفشل، او قد يؤدي الي انفجار غير مأمون العواقب يجر وراءه كما مخيفا من الخسائر والضحايا، هل في كل ذلك ما يدعو الي الفرح والابتهاج ونحر الذبائح؟
من الآن فصاعدا يستدعي العقل السليم ان نغير أسلوب تعاطينا مع الأحداث وتغيير أسلوب تناولنا لقضايا سودان ما بعد الانفصال بعيدا عن الأوهام والتخيل. ان سودان اليوم ليس هو سودان الأمس وللسير به نحو غد مشرق لابد من مواجهة التحديات ألكبري والطريق الأكثر وعورة الذي وضع الانفصال خطوته الأولي فقط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.