تراسيم.. أن تتحول الثورة إلى انقلاب!! عبد الباقي الظافر فى جمعة الغضب المصرية في الخامس والعشرين من يناير كان الشعب المصري يهتف \"واحد اثنين الجيش المصري فين\".. خرج بعدها الجيش من ثكناته.. وعلى إثر ذلك غابت الشرطة المصرية.. الجيش المصري التزم الحياد.. وضع نفسه في منطقة وسطى بين الحكومة والشعب.. ثم أخيراً وعندما ضاق الخناق على الرئيس مبارك تحرك الجيش وأعلن البيان رقم واحد. الجيش المصري لم يغب أبداً عن الساحة السياسية المصرية.. منذ ثورة يونيو التي أطاحت بالحكم الملكى.. كان العسكر حضوراً في كل المُلِمَّات.. هيمنوا على كامل عهد عبد الناصر.. وكان لهم وجود فى سنوات السادات.. أنور السادات قتل بين جنوده وبأيدي جنوده.. حسني مبارك كانت مرجعيته عسكرية.. صحيح أنه مدمن منصب الرئيس.. واعتزل الألقاب العسكرية.. إلا أنه كان دائماً محاطاً في حكمه بعدد من الجنرلات على صعيدي الجيش والشرطة.. هم عينه التي يرى بها ويده الباطشة عند الملمات. عندما شعر الرئيس مبارك بدنُوِّ الأجل.. عاد إلى معسكر الجيش.. وعين اللواء عمر سليمان نائباً له ثم اجتبي الفريق أحمد شفيق رئيساً للوزارة.. كان ذلك إشارة واضحة للجيش أن الأمر لهم من بعد ومن قبل.. وبالفعل التقط العسكريون إشارة القائد المهزوم من شعبه.. وفضلوا الصبر عليه أشهر معلومات حتى ينقضى أجله في رئاسة الجمهورية في سبتمبر المقبل. خيارات المعارضة المصرية لم تكن متوافقة على شيء غير رحيل الرئيس مبارك.. منهم من يرى في اللواء عمر سليمان خياراً مفضلاً لإكمال مسيرة الإصلاح.. فيما قدم فصيل رئيسي من المعارضة خيار قضاة من القضاء المصري لإدارة حكومة انتقالية.. وبعض المعارضة راهن على وجه مدني ليبرالي مثل الدكتور محمد البرادعي لقيادة حكومة مدنية انتقالية. الآن بدأ الجيش المصري التحرك لملئ الفراغ.. الخطوة الذكية قد تجهض الثورة الشعبية.. وتحيد بها عن طريقها الصحيح.. قادة الجيش هم رجال النظام الأوفياء.. وجوه عملت تحت قيادة الرئيس مبارك لسنوات طويلة.. حتى التحرك الأخير تم الترتيب له من داخل نظام الرئيس مبارك.. وسيمضي مبارك إلى ملجأ آمن يتم الترتيب به بعناية واهتمام . المطلوب من المعارضة المصرية أن تمضي إلى غاياتها ولا تستبدل جنرالاً عجوزاً بآخر صبياً.. كل التجارب تقول إن العسكريين الثوار يتحولون في النهاية إلى طغاة جبارين.. وأن الحكم المدني هو الوسيلة التي تحقق غايات المجتع الديمقراطي. بدأت ثورة يونيو بشعارات عظيمة.. هدَّت عروش الملكية.. حاربت الإقطاع.. وردَّت الحكم إلى أهل مصر.. وفي النهاية انتهت إلى مجرد دكتاتورية فاسدة تحميها طبقة من الانتهازيين.. إن لم يضع الثوار الشباب هذه الحقائق نصب أعينهم وانجرفوا بلا وعي إلى تأييد سراب التغيير العسكري.. فستضيع ثورة عظيمة كان يمكنها أن تُغيِّر واقع كل الإقليم. البيان الأول يعني دائماً البداية من الخطوة الأولى.. والخطوة الأولى قد لا تنتهي إلى ما يروم الشعب المصري من ثورته الشابة. التيار