بسم الله الرحمن الرحيم السيد الفريق أول شرطة هاشم عثمان الحسين، مدير عام الشرطة نصيحة مجردة (2) أخي الكريم أكتب إليك أخي، وكل همي هو استقرار الوطن العزيز في ظل تحديات المرحلة الراهنة، وهي تحديات يمكن أن تذهب بريح ما تبقي من السودان الحبيب عقب مآلات نتيجة استفتاء تقرير المصير، كما لا ينبغي أن نغفل إسقاطات (سلسلة الدومينو) التي اجتاحت جيراناً ودولاً عربية تعيش نفس ظروفنا، والتي لا أوافق الخطاب السياسي الذي يقول \"إن ظروف السودان ليست كظروف تونس ومصر\". أعتقد أن من الحكمة أن نتحسب لكل الاحتمالات، ومن بينها ماذا لو جري عندنا ما جري هناك؟ هذا هو تقدير الموقف السليم الذي تم تعليمنا إياه في كلياتنا العسكرية، ولا ينبغي أن نبني خطط الاستجابة علي سيناريو واحد. الشرطة في كل أنحاء العالم المتحضر الحر عبارة عن مؤسسة مدنية ترتدي زياً رسمياً مميزا (A Civil Authority in uniform)، ومهمتها الأساسية الحفاظ علي النظام العام وليس علي النظام الحاكم. يجب أن نكون أمينين في تفسير عبارة \"الحفاظ علي النظام العام\"، وأن لا نستغل التفسير الخاطئ لها في تكميم الأفواه وحجبها عن التعبير السلمي عن أشواقها وتطلعاتها. ما الذي يخيفنا من التظاهرات السلمية، إن لم يكن تحت الرماد نار!!! أليس من حق أهلنا التعبير عما يجيش في صدورهم، بنفس القدر المتاح للسلطة والنظام في وسائل الإعلام؟؟ أليس هذا مطلباً مشروعاً؟؟ أتمني أن نستلهم الدروس المستفادة من التاريخ، سواء تاريخنا المعاصر ممثلاً في ثورة أكتوبر 1964 وانتفاضة مارس/أبريل 1985، بجانب الثورة التي تمت علي ضفاف النيل شمالنا في الأيام الماضيات. لقد اتضح أن استخدام الشرطة كأداة بطش وقهر تحت زعم الحفاظ علي النظام لن يجدي فتيلاً أمام التظاهر السلمي، بل سيحوله إلي غضبة مضرية إن أدي سلوك أفراد الشرطة والأمن إلي استفزاز الجمهور. إن كان النظام الحاكم يدعي بأن هامش الحريات عريض في السودان فلم التصدي للمتظاهرين بالعنف والغاز والهراوات؟؟؟!!! لا أدري إن كان سيادتكم قد شاهد الفضائح المنشورة علي مواقع الانترنت المختلفة، وأكثر ما حز في نفسي منها منظر تطبيق \"حد الجلد\" علي احدي الفتيات. أنا لست بفقيه ولكني علي يقين بأن فطرة الدين والشريعة السمحة لا ترضي بمثل ذلك السلوك الذي شاهدته من أفراد شرطة السودان وهم يقومون بتلك الفضيحة. حقيقة إن ما شاهدته وما دافع عنه أحد أركان النظام بأنه \"عقاب تستحقه لأنها أنثي غير محترمة\" يعكس غاية الإسفاف والتطرف ويعطي أعداءنا صورة قبيحة عن ديننا الحنيف. أخي الكريم إن استلزم الموقف التعامل مع تظاهرات أهلك فتذكر أنك منهم وأن من حقهم التعبير السلمي عن مطالبهم. لا تنسي إنك حامي كيان الدولة ومسؤول عن سلامة كافة أبنائها، اتفقوا مع النظام أو اختلفوا. عليك حمايتهم إن تعرضوا لعنف مضاد من أية جهة تختلف معهم. إن العنف لا يولد سوي العنف المضاد، ولا ينبغي أن يدفع الخطاب السياسي للسلطة قوات الشرطة في مواجهة مع الجمهور، يكون الخاسر فيها أولاً وأخيراً وطننا السودان. إننا لا نرغب في أن يصير أمر العلاقة بين أهل السودان وقوات الشرطة كما الحال في مصر الشقيقة، وتعلمون تبعات التشويش الذي شاب تلك العلاقة. أخي الكريم إن كان الدين يأمرنا بإسداء النصح فقد فعلت علي قدر ما أستطيع، وأتوقع أن تولوا الأمر اهتمامكم في المقابل. وفقنا الله جميعاً لما فيه خير أهل السودان، وحفظ الله وطننا، وأسأل المولي أن لا تنطبق علينا مقولة: نصحت لقومي بمنعرج اللوي فلم يستبينوا النصح إلا ضحي الغد أبو أيمن ضابط قوات مسلحة متقاعد