هناك فرق. فتش عن المسؤول..! منى أبو زيد (1) التحليل الاقتصادي لظواهر الجرائم هو المدخل الأساسي للسيطرة على معدلات ارتفاعها، والتحليل لجرائم مجتمعنا يقول إن الفقر هو أول وأولى أسباب انتشارها، فالجانب الوقائي من محاربة الجريمة يعتمد بالضرورة على توفير الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الملائمة.. استحكام الغلاء هو السبب المباشر لارتفاع معدلات الجرائم الجنسية في البلاد هو وراء تفاقم صور الانحلال الأخلاقي، وكثرة أعداد أطفال المايقوما، بل شيطان معظم حركات التمرد.. فالدولة التي تعيش استقراراً اقتصادياً لا تعيش اضطراباًَ أمنياً، والعلاقة الطردية بين الاستقرار الاقتصادي والسياسي معلومة، فلتذكر الحكومة- التي ينام ضميرها بزعم أنها بمأمن من ثورات الداجنين- دعوات المتعففين القائمين في جوف الليل.. اتقوا الله في عباده، حاصروا طوفان الانحلال بمحاربة استحكام الغلاء، ولتحذروا شعباً لا يسأل فيه رجل امرأة تعوله، من أين لك هذا.. الجرائم الاجتماعية هي عشيقة الجوع الكافر، والحد من انتشارها، يقتضي رجمهما معاً..! (2) (ما نريده الآن ليس قوانين لمكافحة الجريمة، بل قانوناً لمكافحة الجنون!)، هكذا تكلم مارك توين في رسالته العاشرة.. إذ ليس أنكى من جنون العظمة وهذيان الطموح عندما يصيب شخصاً وجد نفسه في موقع سلطة ثم أدرك أن سلوكه المهني، وإن شطح، سوف يبقى بمعزل عن مساءلة القانون.. جنون العظمة هو الذي صور للرئيس الأمريكي الأسبق نيكسون أنه قادر على دحر خصومه السياسيين عن طريق خرق القانون واستغلال السلطة والنفوذ بالتجسس عليهم، ولولا أمراض السلطة لما كانت فضيحة ووترجيت، ولولا وقوف القانون فوق رأس الحصانة لما تمت محاكمته ولما خلفه فورد الذي أصدر بحقه مذكرة عفو عند المقدرة..! لماذا لم تستطع الكثير من حكومات العالم هزيمة الفساد؟!، رئيس إحدى دول أمريكا الجنوبية تبرع يوماً بإجابة عظيمة على هذا السؤال، عندما قال إن هزيمة الفساد شبه مستحيلة في دول تشجع تقاليد حكمها على الإفلات من المسؤولية عن طريق ثقافة منح الحصانة..! (3) الحل الجذري للصراعات السياسية والدينية والعرقية داخل البلد الواحد يكمن في إعادة بناء إشكالية (الأنا) و(الآخر)– إعادة بنائها - ضوء المتغيرات الفكرية والسياسية الخطيرة الماثلة، ليس على مسرحنا المحلي فقط بل على المسرح الكوني بأسره.. فخروج الشعوب من مآزقها السياسية وخلافاتها الداخلية لا يتحقق إلا من خلال إستراتيجية (العقل التداولي) المتمثلة في الاعتراف المتبادل بالخطأ.. وإتقان لغة التسوية.. ونضج عقلية الشراكة السياسية.. وتعدد الرؤى والأبعاد.. وترسيخ ثقافة \"التهجين\".. وهو ما لا ولم يخطر لحكامنا على بال..! التيار