[email protected] بعد أكثر من أربعين عاماً في خدمة مصاص الدماء الليبي ونظامه الذي يعتبر رمزاً لأنظمة الدكتاتورية الممتدة بامتداد الوطن العربي بغض الطرف عن صبغتها وشكلها، وبعد أكثر من أربعين عاماً ظلوا فيها يد الحاكم التي لم تعرف سوى البطش والقهر والإرهاب، جاءوا اليوم يقدمون استقالاتهم ويتبرؤون منه ويعلنون انضمامهم إلى مواكب ضحاياهم الثائرين، لا، لا تقبل التوبة يوم القيامة، وأينما كنتم وأينما حللتم ستطولكم يد المحاسبة والقصاص وبالعدل الذي لم تشهده ساحات محاكمكم يوماً ما. أما من يصفون أنفسهم ويصنفونها برجال الدين وينصبون أنفسهم أوصياء على أبناء الأمة، ألائك الذين ظلوا على امتداد الوطن العربي يمارسون ما هو أشبه بزواج المتعة مع الحكام والساسة حيث ينتهي الولاء بنهاية الحاكم وللتاريخ شواهد، ألائك الذين ظلوا يفصلون خطبهم وفتاواهم على قياس أفكار الحاكم وفلسفته ومذهبه (إن كان له فكر أو فلسفة أو مذهب) ومعاهداته وأفعاله، ويلبسونها الصفة الشرعية، ويعينونه على أن يعمل سيفه في كل من يخالفه أو يعارضه، ويأتون عند سقوطه يحلون دمه ويطالبون بالقصاص منه ولم نشهدهم يوماً في حياته كحاكم نصحوه بكلمة وهذا أضعف الإيمان، هؤلاء هم شر البلية وأس ما ألم بالشعوب العربية من فقر وجهل وتخلف ولو لا هم ما استطاع حاكم كائنٌ من كان أن يهنأ بالجلوس على العرش، ويجب عليهم أن يعلموا أن هذه الثورات ليست منهم ولا هي لهم، وإن نظرة الثائرين الآن قد قفزت من فوق وتخطت كل الحواجز والعوائق التي كانت سبباً في التفرقة والشتات والتخلف والتطرف، وعلى رأسها حاجز هذا مسلم وهذا مسيحي وهذا يهودي وهذا وثني، وكذلك الحواجز القبلية والعرقية، وأصبحوا ينظرون للإنسان من حيث إنسانيته وأخلاقه وأدبه وحبه للعدل والسلام ومحبة الخير في قلبه، كما يجب عليهم أن يبتعدوا عن التجديف بقواربهم المتهالكة في هذا الخضم، وإلا أخذتهم الصيحة، وإن لم تطلهم يد القانون ستطولهم يد التاريخ. أما سلالة المتنبي وشوقي الذين قضوا العمر يضربون بسوط السلطان ويأكلون من قدحه ويتمرغون تحت قدميه، فلهؤلاء حديث آخر.