معادلات مع سكوت هيئة العلماء : رحم اللهُ بُرداً ، أبا بشَّارٍ الأعمى علي يس [email protected] بلغنا أن شيخاً من شيوخ المؤتمر الوطني ذوي الشوكة ، قال لمن سألهُ عن موقف المؤتمر وحكومته من الفساد الذي لا تُعيرُهُ الحكومة ما يستحقُّ من اكتراث ، و عن انعدام مبدأ المحاسبة والمساءلة داخل الحزب و داخل أجهزة الدولة ، قال : (إننا نُحاسبُ و نُسائلُ و نُعاقب ، وقد فعلنا مع الكثيرين ..).. فسألهُ السائلُ عن مثالٍ واحدٍ على ما يزعُم ، فقال الرَّجُل : ( لا نُريد أن نُشَهِّرْ بمن حاسبناهُم)!!!!!!!!!!!... هذا قولٌ نُقِلَ إلينا ممن لا نشكُّ في أمانته ، ولم نسمعْهُ من قائله ، ولكن إن صحَّ ، فرحمةُ الله وبركاتُهُ على قبر (بُرد) ، أبي بشَّار الشاعِر ، القائلِ دِفاعاً عن ابنهِ السليط : (ليس على الأعمَى حَرَج).. فإنَّهُ والله أفقهُ من صاحب العبارة أعلاه ، فالمسكينُ بُرد – هذا الذي ظلَّت الأُمة الإسلامية كلها تتنَدَّرُ على فقهه لعشرة قرون أو تزيد - و إن كان استشهادُهُ بالآية القُرءانية في غير موضعه ، إلا أنَّهُ – على الأقل – استشهدَ بآيةٍ من كتاب الله ، بينما نَرى صاحبَنا هذا لا يرجِعُ لا إلى قُرءانٍ ولا إلى سُنَّةٍ ولا إلى قياسٍ ولا إلى عقلٍ ولا حتى إلى \"فلسفة\"!! ، يل يرجِعُ إلى \"عاطفته الأخوية\" تجاه المفسدين وخائني الأمانة !! .. فيخافُ عليهم التشهير (ما أشبه مثل هذا برجُلٍ ظلَّ صامتاً وثيابُهُ جميعها تُنزَعُ عنهُ ، حتى إذا جاءوا ينزعون عن قدميه \"الجوارب\" صاح مولولاً من فضيحة أن يبقى بغير جوارب!!).. يا مولانا ، أتخشَى التشهير على خائني الأمانة وناهبي مال الأُمَّة ؟؟!! أتخشى التشهير بمن شهَّر الله بهم ورسُولُهُ وصالح المؤمنين؟؟!! من أين جئتُم بهذا الفقه يا قوم؟؟ أو ما علمتُم ما يعلَمُهُ رُعاة الأغنام في بوادي السودان ، من أن الغيبة نفسها ، التي نصَّ الله على تحريمها في كتابه العزيز و عظَّمَ رسول الله ، صلوات الله وسلامُهُ عليه وعلى أله ، تشنيعها في كثيرٍ من أحاديثه الصحاح ، أو ما علمتم أن الغيبة نفسها أحلَّها سيد ولد آدم في سِتَّة مواضع تنطبق جُلُّها على خائني الأمانة والمفسدين في المال العام و أهل المحسوبية؟؟ أو ما سمعتُم بما سمع به صبيان الخلاوى من إباحة الغيبة في كل من هُو غيرُ مأمونٍ على دين الله ؟؟ و هل يؤمَنُ على دين الله من لا يؤمَنُ على أموال المسلمين و من يخُونُ الأمانة و من يأكل بآيات الله ثمناً قليلاً !!.. ما أشبه فقهكم هذا بفقه ديوان الزكاة الذي يحرِمُ الذين يموتون فقراً و مرضاً ، ليُعطي الأغنياء خوف أن تُصاب فتياتهم \"بحالة نفسية\"؟؟ (والراجِحُ عندنا أنَّ ديوان الزكاة هذا درسَ الفقهَ على مذهب هبنَّقة ، الذي كان يأخُذُ أغنامهُ السِّمان إلى المرعَى ، ويترُكُ الهِزال في الحظيرة ، مُعلِّلاً ذلك – فقهياً – بقوله : \"هذه أسمنها الله ، فأنا أُسمِنُها ، و تِلك أهزلها اللهُ ، فكيف أُسمنها أنا؟؟\"!!.. قاتل الله فقهكم هذا ، و نصر الإسلام بإخراسكم.. أتمنَّى أن أسمع كلمةً واحدةً من ذلك الكيان المسمَّى (هيئة عُلماء السودان) في هذا الذي يجري ، أتمنَّى أن يُطلق الله لساناً واحداً من ألسُن هيئتكم يا شيخ عبد الحي ، ويا شيخ سعد احمد سعد ، حول هذا الذي يقولُهُ بعضُ مشائخ آخر الزمان هذا ، وحول هذا (الفقه) الذي يستنِدُ إليه ديوان الزكاة \"هل قرأتُم ، يا عُلماء السودان، ردَّ ديوان الزكاة على سؤالنا حول مصارف الزكاة ، ذلك الرد الذي نُشِرَ بهذه الصحيفة الأحد البارح؟؟\" ما قولُكم، طالَ عُمرُكم؟ فقد والله طفح كيلُ الجهلِ ببلدنا هذا و استأسدَ الجهلةُ و تجرَّأُوا على دين الله حين صمت العُلماء ، واللهُ سائِلُكُم أيُّها العُلماءُ إن سكتُّم على مثل هذا الفقه المعتوه الذي تُدارُ به شُؤونُ العباد..