تراسيم.. هذا المعتمد.. لجان ثورية!! عبد الباقي الظافر وقف العقيد معمر القذافي من شرفة دار في العزيزية ليخاطب شعبه.. القائد الأممي أكد استحالة تقاعده وسأل شعبه الذي وصف بعضاً منه بالحشرات والجرذان والمقملين.. سأل الفرعون قومه كيف لقائد في مقامه أن يتنحى.. والشعب الثائر كان يرد على القائد بطريقته الخاصة.. الأحذية الغاضبة كانت تطال رأس القذافي في شاشة التلفاز الضخمة المنصوبة في ميدان عام.. ثم تتهاوى المدن واحدة تلو الأخرى.. الوزراء ومن بعدهم السفراء يفرون من معسكر القائد الأجرب. في منتصف ظهر أمس خرجت من داري في بحري قاصداً مقر صحيفتكم (التيار).. في شارع المدارس الشهير لفت نظري رتل من السيارات الفارهات.. ميزت من بينهن ثلاث من ذوات الدفع الرباعي.. ورأيت رجلاً يحمل كاميرا.. وجمع من الناس.. ظننت أن الرئيس يزور حارتنا الشعبية.. تحركت نحو القوم فإذا به موكب معتمد بحري يتفقد شؤون الرعية في يوم عطلته الرسمية. أخذت مكاني بين الناس.. المعتمد كان يستوضح المقاول الذي تولى إنشاء شبكة الصرف الصحي.. من بين ثنايا النقاش تبينت أن المقاول وعلى غير العادة تحصل على مقدم كبير لإنجاز العمل.. رغم ذلك تأخر في تسليم علمه في الوقت المنصوص عليه عقداً.. المقاول يحتج ويقول إن سعر الحديد قد ارتفع.. ويرد المعتمد أنهم لم يغرموا الرجل بسبب التأخير.. تدخلت برفق وقدمت نفسي باعتباري صحافي ومواطن أسكن في ذات المنطقة.. بدأ المعتمد وكأنه فوجئ برجل غريب في موكبه.. سألته لماذا تدفعون مقدماً لعمل لم يكتمل إنجازه.. رد علي بصوت عال فيه بعض التهجم.. رجوته أن يتعامل معي بهدوء.. ولكن ثورته وصلت مداها (أنا ما ح أتكلم معاك وأمشي أكتب العاوزو)، ثم رمى بجسده الثائر إلى داخل دابته المترفة ومضى مخلفاً بعض الغبار واستنكاراً من الحضور. ربما كان مواطنو الجريف الذين احتلوا شارع بشير النفيدي أمس الأول يدركون أن جل مسؤولينا من شاكلة هذا المعتمد.. لهذا تداعى السكان واعتصموا بشارعهم الذي بات أكبر مهدد لحياة المواطنين.. حادث واحد حصد أرواح أربعة من العابرين.. المواطنون رفضوا الوعود وبدأوا في نصب الخيام وأداء الصلاة في جماعة.. عندها هب مدير المرور ووالي الخرطوم بالإنابة.. وجمع من ولاة الأمر.. وبدأوا في عملية مفاوضات صعبة.. في هذه اللحظات العصيبة بدأت الحكومة تعمل تحت وطأة الضغط الشعبي.. ليلة وضحاها تم علاج المشكلة على أكمل وجه. منهج التعالي على المواطنين.. يجعل ولاة أمرنا ينظرون إلى الناس وكأنهم بعض من النمل.. بُعدهم من نبض الجماهير يجعلهم يظنون أن النمل سيولي الدبر ويعود إلى بيوته خشية من جند الحكومة ويدها الباطشة.. ولكن الحقيقة أن هذا التقدير الخاطئ لقوة الرأي العام هو الذي يعجل بالطامة الكبرى. يا والي الخرطوم إن كان هذا الرجل يمثل تعامل حكومتكم في الخرطوم فتلك مصيبة.. وإن جاءت به المعادلات والترضيات الجهوية، فالخطب أعظم يا سيادة الوالي. التيار