تحليل / هاشم عبد الفتاح [email protected] بين يدي العالم الان حالة جنونية وظاهرة كونية جديدة تمسك بتلابيب المشد العام في العالم العربي الذي يشهد عملية صياغة جديدة لانظمته الحاكمة في ظاهرة تشابه الصحوة العربية الا ان الظاهرة الاكثر توصيفا لهذه الحالة هو ما يجري من فعل ورد فعل في ارض الجماهيرية العربية الليبية ويبدو ان جنون السلطة وتاثيرها علي عقل الرئيس الليبي معمر القذافي استعصي تفسيرها حتي علي علماء النفس والاجتماع قبل ان تصيب النخبة السياسية بالعالم العربي بالدهشة والاحباط انه نموذج للطاغية او ما اسماه البعض \" بنيرون\" العصر الحديث .. مشاهد مثيرة عبرت عنها ردة فعل العقيد القذافي وهو يري ان غضبة شعبه التي انطلقت في السابع عشر من فبراير تحاول اقتلاع اركان عرشه الذي تطاولت سنواته لاكثر من اربعين سنة عجاف جماهير ليبية تبحث عن فجر جديد تنهي به ظلامات القذافي وجوره واستبداده ولكن الشعب انتفض كما الذي يبحث عن قطعة لحم من بين فكي الاسد ..غضبة جماهيرية جعلت كل شبر من الاراضي الليبية تهتز من تحت عرش الطاغية الفاسد ويبدو ان العقيد القذافي لم يتخيل انه سياتي اليوم الذي تغيب فيه الشمس علي نظامه وتنتهي الي الابد دولة الاسرة والقبيلة التي تمتع بها \"42\" عاما سنوات غابت فيها ارادة الليبيين وحكمت \"الافكار الخضراء\" شعبا اعزل منعت منه قيم الحياة والحرية فاراد له جلاده كالذي لايري في الافق غير افكار القذافي وسلطانه ووصاياه يستنسخ جيلا بعد جيل عبر انجالة وقبيلته غير ان ليبيا التي خرجت الي الشارع ثائرة غاضبة لا تابه بتهديدات التصفية والابادة ولكن القذافي الذي لايري شرعية غير شرعية سلطانه ليس علي اليبيين فحسب وانما حتي علي عموم شعوب افريقيا واجه رافضي حكمه بثورة اخري لا هوادة فيها ولا انسانية نتيجتها الدماء والدمار والحرب فهي ثورة \"رجل\" اعماه جنون السلطة واصيب بهستيريا الخوف والضياع والزوال ..والمشهد اذن هناك في الجماهيرية يوكد حقيقة ان ما يجري هو احتقار حاكم لشعب لم يشهد لها العالم نظيرا في التاريخ الانساني حيث غاب عقل الرجل ورشده وثار ضد شعبه كما المجنون يقتل ويذبح ويسيء ويحتقر شعبا لطالما منحه نعيم السلطة والولاية علي مصالح البلاد ليكون حاكما مطلقا عبر شرعية \" الكتاب الاخضر\" ويروع شعبه وجيرانه ويزرع الشقاق ويغزي الثائرين في المنطقة العربية والافريقية للانقلاب علي الانظمة الحاكمة فيها وهو لايدري ان الذي يزرع النار حتما سيجني الرماد ورغم ان ثورة \"الرجل\" هدد باسكات اصوات المحتجين بالابادة والحرب واستخدام كافة اليات القمع الا ان غضبة الجماهير التي انطلقت لن تلين لها ارادة دون ان تنال النصر وتذيح هذا الكابوس الذي جسم علي صدور الليبيين سنين عددا يمارس حكما بلا مؤسسات فالجماهير تريد ان تبني مجدا جديدا علي انقاض عرش الطاغية القذافي فالتقارير الصحفية تتحدث الان عن حرب جديدة يعتزم اتباع القذافي القيام بها ضد المحتجين قوامها عتاد حربي لا تنقصه الاليات العسكرية الثقيلة ويحوي عدد من اسراب الطائرات الحربية والتي تحدثت عنها تقارير امريكية وان القذافي نفسه ينوي تسليح المنظومة القبلية والمرتزقة من ابناء القارة السمراء وهؤلاء هم الذين جاءت بهم الاقدار كعابرين لاوربا عبر شواطئ الجماهيرية الا ان احلام هؤلاء بالهجرة قد تبددت بفعل الاجراءات والضوابط والقوانين التي اقرت في كثير من البلدان الاوربية للحد من الهجرة غير الشرعية فارتد المهاجرين الي اعقابهم ولكنهم اتخذوا من الجماهيرية ملاذا ومتكأ فاستقل النظام الليبي حاجة وظروف هؤلاء وعمل علي تجنيدهم\"كمرتزقة \" او مليشيات مسلحة لحسم اي تفلاتات امنية ضد نظام القذافي فكان له ما اراد ..ولكن هل يصمد هؤلاء المرتزقة حينما تشتد وطاة الجماهير علي النظام الليبي . وقائع الاحداث هناك تشير الي ان الشارع الليبي وحده هو الذي يواجه \" ثورة \" القذافي علي الاقل حتي الان فالانظمة \"والاليات\" العربية والاسلامية منشغلة ومنكفئة علي احتقاناتها وازماتها الداخلية فالجامعة العربية مثلا والتي يراد لها ان تلعب ادوارا حقيقية لصالح الشارع الليبي في ثورته ضد القذافي فان امينها العام عمرو موسي منشغل هو الاخر \"بتجهيز\" نفسه لمنصب رئاسة الجمهورية في مصر . فاكتفت الجامعة \" باسطواناتها \"القديمة ذات الشجب والادانة والاستنكار ويبقي التحدي الحقيقي امام ثوار ليبيا اذا رحل القذافي من سدة الحكم فهل ستزول بين ليلة وضحاها كل الافكار والمفاهيم التي بثها الكتاب الاخضر في اوصال المجتمع الليبي و التي اصبحت واقعا وروحا تجري بين الناس منذ اكثر من اربعين عاما ؟ ام ان ثورة فكرية اخري ستنطلق لاصلاح كل ما افسدته افكار الكتاب الاخضر فالذين يقراؤن الكتاب الاخضر لايجدون اختلافا ما بين سلوكيات القذافي وما اشتمل عليه الكتاب من نصوص ومفاهيم اقصائية اذن المعطيات تشير الي ان القذافي في طريقه الي ان يكون احد الحكام السابقين ولكن بارادة الجماهير وسوف تنتهي دولة الكتاب الاخضر الي الابد