[email protected] أكبر دافع لنجاح ثورة 25 يناير العظيمة فى مصر هو أن المصريين جميعهم من فلاحهم لعاملهم لأستاذهم لطبيبهم لوزيرهم لخفيرهم ،لتاجرهم لمثقفهم،بمسلميه ومسيحيه،أجتمعوا على حب مصر...سمو به فوق حب ذاتهم التى ضاعت منهم طوال فترة ما قبل 25 يناير وأفقدتهم الكثير من مكانة مصر ،بعليائهم على غيرهم أو ان شئت فسمها بالمصرى (النفخه الكدابة)..تباعد المجتمع المصرى عن بعضه البعض..وتطاولت فيه الطبقية ..وأصبح الكل فى سباق مع ذاته ومن يقف ضدها لحجز مكانه وسط طبقة أى كانت ومهما كان الثمن من أجلها،فتباعدت أواصر الترابط وأتسعت الفجوة بين الرئيس ومرؤسيه فى أى مجال وتحول المجتمع الى (أسياد وعبيد)..الى طبقتين أقواها هى التى بيدها جميع مقالد الأمور وأخرى مسلوبة الارادة لاتملك من سبيل للحياة الا الأنصياع لارادة من بيدها كل شىء،فتحول المجتمع وخصوصا أواسط تلك الطبقة التى سلبت منها الارادة والتى تم ركنها فى أقاصى المدن فى ظل تنامى نفوذ الطبقة الطفيلية الانتهازية والتى أستطاعت النفوذ الى مفاصل الطبقة العليا وداهنتها حتى نمت لها أسنان أستطاعت بها أن تقضى على أحلام تلك الطبقة المحكوم عليها بالاعدام لهثا وراء لقمة العيش والمأوى مهما كانت واضعته،الى مجتمع غابى الصوت فيه للحناجر الغليظة والأيادى الباطشة ،هؤلاء يأتون من أقاصى المدن وعشوائياتهم المكتظة ليمروا عبر بوابات الطبقة الطفيلية والتى تتولى تصعيدهم للعمل تحت الطبقة التى تباعدت بينها وبين الآخرين المسافات فأمر هؤلاء أضحى لايعنيهم فى شىء اللهم الا صناديق الاقتراع تلك والتى يتم فيها شراء أصواتهم بحقوقهم التى سطوا عليها وهذا شىء من باب المكياج على الديمقراطية الزائفة فى عهدهم... ربما هذا حال المجتمع المصرى قبل ثورة 25 الميمونة والتى لها الفضل فى أن يجد هذا المجتمع نفسه بعد هذا التباعد الاجتماعى والتناحر الدينى والطبقية..وربما يعود الفضل الأكبر لعودة المجتمع المصرى الى نفسه كمجتمع وليس كأفراد أو طبقات الى عناد الرئيس السابق وتمسكه بخناق الكرسى وهو ينزع منه ...هذه الحالة وما أعقبها من فوضى اثر جريمة الفراغ الأمنى وفتح السجون لاجهاض الثورة ، كانت لحظة ميلاد المجتمع المصرى الذى أذهل العالم بثورته العفوية فتلاحم فى تلك الأيام العصيبة التى دفعت بالمصريين للدفاع عن أنفسهم وممتلكاتهم العامة والخاصة من بطش الهاربين من السجون وعصابة البلطجة المنظمة باللجان الشعبية والتى كان لها الفضل الأكبر فى اعادة صياغة المجتمع المصرى هذه اللجنة التى جعلت عدة مهن وطبقات ما بين العليا والدنيا تلتقى فى رحابها وأنا تتعرف بعضها البعض لاول مرة كان يفصل بينها وبين بعضها الجدران الأسمنتية ، والبحث عن الذات ، فألتقى الطبيب بالبواب والصحفى بالمهندس والاستاذ الجامعى بالمكانيكى الميلياردير بالفقير،وعرف الناس ظروف بعضهم واقتربوا من بعض فتولد لديهم أحساس (النفير) فساند الغنى الفقير وشاعت بنهم روح التعاون والتكافل وتجسدت تلك اللوحة فى الأحياء وعبر عنها سكان ميدان التحرير انذاك فى جمعهم الذى خلا من كل ما هو كان بئة صالحة لفوضى المكبوتين والمحرومين فعناد مبارك كان فى صالح المجتمع المصرى أن يعود لنفسه ويتقارب ويلتحم من جديد فى شىء واحد هو حب مصر وحب المصريين لبعضهم البعض وأحساسهم ببعض..طاقة الحب والتعارف والتقارب التى أتاحتها ليالى تلك اللجان الشتوية الباردة لتعيد المجتمع المصرى لدفئه ولحضن بعضه البعض ستكون خالدة كما خلود الثورة. وبما أن فى مصر مؤسسات كان للمؤسسة العسكرية الدور الأعظم والأكبر فى أن يعود المجتمع المصرى لنفسه وتعود مصر لأهلها الحقيقيين وليس للذين سطوا عليها طوال تلك السنين، فهنا لعب الجيش دوره الحقيقى وانحاز لارادة الشعب الذى يحميه وليس لارادة نظام أو طغمة سياسية، وموقف الجيش هذا أجبر كثير من قوى الفرجة السياسية والمنزويين تحت بند عايز أكل عيش الى التعبير عن أنفسهم والدفع بهم الى قطار الثورة . الفرق هو أن فى مصر الجيش جيش ...لاقوى مرهونة فى أيدى جماعة أو مسيسة لاجوهر لها فما يحدث فى اليمن الآن وفى ليبيا يبين لنا الفرق ما بين الجيش الحقيقى والجيش الدعاية.. واقع الحال عندنا فى السودان لايختلف عن مصر فى شىء ما قبل الثورة خصوصا وأن النظام السودانى مفتون ومقلد أعمى لسياسية الحزب الحاكم فى مصر سابقا وبسقوطه فقد نظام الانقاذ الكثير من توازنه مما جعله مترنحا حول نفسه وفى داخله لهذا دوما ما تجد أن عدد المعبرين عنه فى تزايد وتضارب مستمر ،والمؤسف أن هذا المشهد قد تكرر كثيرا فى الايام التى سبقت سقوط أستاذه ومعلمه ...ولكنه لم يستفد من الدرس ولجأ الى نفس الوسيلة وهى الأعلام المزيف والارهاب الخطابى ..ولكن كل هذا لايفيد لأن الشعب عند ماينفجر ينزل عليه وحى التوحد والعودة الى نفسه ومجتمعه الذى حولته الانقاذ الى مجتمع شبيه بالمجتمع المصرى ما قبل 25 يناير الفرق أن مصر لم تخسر جزء من أراضيها أو جيشها المؤسس وليس المسيس.. وعلى الشعب السودانى (المعلم) أن يدرك أن الطريق الى النجاح يبدأ اولى خطواته بانكار الذات وليس بتبنى النجاح...فنحن فى أشد الحوجة الى العودة الى بعضنا البعض دون ذواتنا ..عغلينا أن نحب السودان أكثر من أنفسنا ونجعل هذا هدفنا والذى ليس له وقت غير أنه بأيديكم وأنتم من تتحكمون به،، فالأحزاب هدفها المشاركة أكثر من التغيير والتغيير هو العلاج الناجع الوحيد لالآم الوطن...فليس عيب أن نتعلم..فالعيب هو الادعاء