تراسيم.. الشعب يريد تغيير الإمام!! عبد الباقي الظافر بعد نجاح انقلاب الإنقاذ في فجر تلك الجمعة.. كان السيد الصادق المهدي رئيس الوزراء خارج منزله.. لذلك لم يتمكن الانقلابيون من رقبته.. شق وزير الداخلية مبارك الفاضل طريقه عبر مجاهل الصحراء إلى ليبيا.. فيما فضل الإمام المهدي الاختباء في العاصمة المثلثة.. الصادق من تحت الأرض حمل مستشاره لشؤون الأمن العميد عبدالرحمن فرح رسالة تحمل عناوين للتفاوض مع من قوض سلطته بليل.. اختار السيد الصادق الذى يتكئ على الشرعية الحوار مع من يحمل البندقية.. تلك دائماً مشكلة الصادق المهدي اختيار الأسلوب الصحيح في الوقت الخطأ. لماذا دائماً يبدو الإمام الصادق المهدي مشلولاً في حركته السياسية.. يمنحه الشعب الملك أكثر من مرة ثم تضيع السلطة من بين يديه.. لم ينجح الإمام الصادق يوماً في استعادة الحكم.. أكثر تجاربه جرأة كانت حركة 1976م العسكرية التي جاءت من أعماق ليبيا.. حتى هذه أعانه فيها بقدح معلى الشريف الهندي وقادة الأخوان المسلمون.. انتفاضة إبريل وجدها جاهزة.. اعتلى الحكم لثلاثة أعوام وفقده بكل يسر.. إن لم يتقدم العميد عمر حسن البشير لمنصة القيادة لفعلها ضابط غيره.. حكومة الإمام كانت برتقالة تبحث عن فم جائع. السيد الصادق رجل مفكر.. سياسي يحمل رؤى نبيلة .. يفخر دوماً أنه لم يعتل سدة الحكم إلا بإرادة الجماهير.. وفوق ذاك يحمل قاعدة سياسية عريضة تكن له احتراماً عظيماً.. ولكنه امتاز دائماً بضبابية المواقف والتردد المرضي في اتخاذ القرارات.. هل تذكرون اتفاقية الميرغني للسلام.. ذاك الجهد المشترك بين الراحل جون قرنق ومولانا الميرغني الذي كاد يثمر سلاماً.. الصادق المهدي كان يقبل ذلك الاتفاق.. ثم يعود ويرفضه.. ثم يقبله ببعض التوضيحات.. حتى علاقته بالجبهة الإسلامية التي انقلبت عليه لاحقاً امتازت بالتقلبات السياسية. في عهد الانقاذ هذا.. من الصعوبة أن تدرك أين يقف الإمام الصادق المهدي.. الشرطة تشج رأس كريمته مريم.. وتتعاطف معها في دمها المسال حتى الدكتورة عائشة القذافي التي تبعث عبر الحقيبة الدبلوماسية ب (بوكيه) ورد لمريم الجريحة.. قبلها كان الإمام يأذن لفلذتي كبده البشرى وعبدالرحمن بالالتحاق بجيوش الانقاذ التي سرقت أحلامه ذات ليل. الآن المعارضة تخير حزب الإمام بأن يحسم موقفه.. يختار ما بين الثوار والحكام.. ولكن الحقيقة أن انضمام السيد الصادق للمعارضة لن يضيف لها شيئاً غير التردد في حسم خيارتها.. وذات الخلاصة ستجنيها الحكومة إن اعتمدت الإمام لاعباً أساسياً.. سيمضي وقت طويل حتى يحسم الإمام مواقفه في المصالحة مع الحكومة.. وما أن يدخل إلى مجلس الوزراء حتى يبحث عن منافذ الخروج.. هذا ما حدث بعد أن ولج الإمام الصادق إلى الاتحاد الاشتراكي.. عندما كان يسمع خطاب الترحيب بمقدمه بعد المصالحة.. كان الصادق يكثر من الالتفاف يمنة ويسرى. في موسم الثورات العربية يفاوض الإمام الانقاذ.. في الوقت الذي ترفع المعارضات من سقف مطالبها.. يقدم آخر رئيس وزراء منتخب التنازلات. من يقنع الإمام بالتنحي يا أنصار؟ التيار