تراسيم.. المعتصم.. لا يعرف!! عبد الباقي الظافر مررنا بمنزل فخيم في ضاحية مترفة الثراء بالخرطوم.. مرافقي سألني إن كنت أعرف صاحب هذا الذوق الرفيع.. وضعت في ذهني قائمة باسم رجالات الأعمال.. ولكن إجابة صديقي كانت صادمة.. إنها لسيادة المدير التنفيذي لمكتب رجل نافذ.. لم أهنأ باستغرابي.. وإذا به يرميني بأخرى قاتلة.. هذه العمارة هي الثانية لسعادة المدير.. وقبل أن أسيء الظن بصاحب المقام الرفيع.. طفق صاحبي يفسر.. المدير المعني ليس لصاً ولا يقبض رشاوى.. منصبه يجعله يطير إلى قِبَل الأرض الأربع مرافقاً للمسؤول السيادي النافذ.. في كل رحلة يقبض ألوفاً من الدولارات تحت بند نثرية سفر. المعتصم عبد الرحيم وكيل وزارة التربية والتعليم.. سألته صحيفتنا التيار عن تقارير تقول إن حافزه السنوي عن أعمال الشهادة الثانوية قد بلغ المائة وخمس وستين ألفاً.. السيد الوكيل لم ينفِ أو يؤكد المعلومة.. بدلاً عن ذلك قال إنه لا يعرف على وجه التأكيد كم يقبض من حافز.. ثم أوضح شيئاً مهماً أن كل الحوافز تخضع للقانون.. وأنه ينفق ما يقبض باليمين على الفقراء والمساكين وأبناء السبيل.. في بلد لا تنفق الحكومة إلا أقل من ثلاث بالمائة من دخلها على التعليم.. يجد كبير المعلمين نفسه من رجال البر.. ينفق مثله مثل أولاد النفيدي على المحتاجين وذوي الحاجات.. وفي بلادي ليس هنالك أفقر من المعلمين.. بناءً على ذلك لا يحتاج المعتصم إلا أن يخرج من مكتبه.. ثم ينفق على مرؤوسيه من حافزه الذي لا يعلم مقداره. ليس وكيل وزارة التعليم وحده الذي لا يعرف.. السيد نائب الرئيس قال إن راتبه يقل عن راتب بعض الولاة بألفي جنيه .. رأس السوط وصل إلى والينا عبدالرحمن الخضر.. فأبرز الخضر إيصال استلام الماهية.. وقبلها كما ذكرنا كان وزير المالية يقول أرقاماً أخرى.. ومصدر مطلع يسألنا أن نسأل ولاة أمورنا عن منحة الخمسة آلاف جنيه.. منحة تصرف على وزرائنا ومن هم في مقامهم كل شهر. نكرر قولاً سبق أن قلناه.. المشكلة ليست في الرواتب الشهرية.. الحكومة تبعث سفراءها ووزراءها إلى أرجاء الدنيا.. هنالك معدل معروف يصرف على رحلات هؤلاء إلى الخارج.. يومية دولارية يعرفها زملاؤنا الذين يُحظون بمرافقة عليَّة القوم من حين لآخر.. هذه النثرية مخصصة للانفاق على الرحلة المعينة.. بعض من ولاة أمورنا يفضلون الإقامة مع السفراء في بيوتهم الخاصة.. الذي يحدث في مثل هذه الحالة أن السفير المعني لا ينفق من جيبه على الضيوف.. بل يغرف من المال العام.. هنا يجد محمد أحمد المسكين أنه يدفع مرتين على شاغل المنصب الدستوري. انتهز هذه السانحة وأتوجه بالسؤال لهيئة علماء السودان أن تفتنا في نثرية الجيب التي لا ترد إلى الخزينة العامة.. ثم بصورة من ذات السؤال اتقدم باستيضاح لمعالي وزير المالية أن يخبرنا بقائمة من يصفون نثرياتهم عقب كل رحلة. الشفافية تعني أن يعرف دافع الضريبة كم تبلغ حوافز حكامه.. وإذا كان الحكام أنفسهم لا يعرفون فلماذا نتباكى عندما يصنفنا العالم بأننا دولة فاسدة جداً. التيار