زمان مثل هذا قصف المال الخاص الصادق الشريف القصف الإسرائيلي المستفز لضاحية بورتسودان؛ أنسى الناس القصف العنيف الذي يتعرَّض له المال العام... والخاص. وبعض ما يعرفه الناس عن قصف المال العام يستمدون معلوماته من تقارير المراجع العام... وهي تقارير تقدِّم تفاصيل التفاصيل عن الأيادي العابثة التي تتسلل خفية الى خزائن الدولة... وتلك التي تتسلل عنوة خلف ستار القوانين واللوائح المالية. لكن الأجدر بالاهتمام هو مدخرات وودائع المواطنين (الخاصة) في البنوك والتي تسربت منها أموال ضخمة دون أن تتسرب عنها معلومة مفصلة للصحف... فقط بعض الحديث المُبهم عن الجوكية، و(خلوها مستورة). وجوكية هذه الأيام ليسوا هم التجار ورجال الأعمال القدماء (آباؤنا وأجدادنا القدماء) الذين يعرفهم الناس أباً عن جد... بل هم قومٌ جُدُد على ساحة المال والأعمال... نبتوا فجأة، مثل أشجار المسكيت التي تمتص خصوبة التربة وماءها، فامتصوا أموال القطاع المصرفي... وأموال المصارف ليست سوى ودائع للمواطنين. السيد سعود البرير رئيس اتحاد أصحاب العمل؛ قال في أحد حواراته الصحفية: (أنا تاجر وأبوي تاجر وجدي تاجر، وبالتالي يفترض أن أعرف معظم كبار التجار ورجال الأعمال في السوق، لكنّ الذي يحدث هو أنّني لا أعرف 90% من رجال الأعمال الذين عجزوا عن سداد مديونياتهم بعد حصولهم على تمويل من البنوك). ودافع الرجل عن اتحاده قائلاً: (معظم الجوكية ليسوا أعضاءً في اتحاد أصحاب العمل). ثمّ ألقى بقنبلة مضيئة... تضيئُ لمن يعاني من قصر النظر: (هناك أربعة تجار حصلوا على تمويل بمبلغ 200 مليون جنيه - 200 مليار بالجنيه القديم – أنا لا أعرفهم ولم أسمع بهم من قبل وهم ليسو أعضاءً في الاتحاد). استدعاء هذه المعلومات المدوية من لسان رئيس اتحاد أصحاب العمل؛ جاء به الخبر الذي أوردته صحيفة الصحافة في الإسبوع الفائت. يقول الخبر (استردت لجنة تحقيق مكلفة من وزارة العدل لتحصيل مديونية أحد البنوك الحكومية، مبلغ 25 مليون جنيه من جملة أكثر من 200 مليون عجز عن تسديدها بعض رجال الأعمال الذين اقترضوا هذا المبلغ من أحد البنوك الحكومية بدون ضمانات، أو عبر رهن عقارات لا تساوي قيمة القروض، وعجزوا عن السداد ما اضطر وزارة العدل لتشكيل لجنة مكونة من خمسة مستشارين لاسترداد المبلغ المطلوب). وأفلحت اللجنة في استرداد ربع المبلغ المطلوب... برافو... وأين بقية المبلغ؟؟؟... وهل ستموتُ القضية بعد هذا الربع؟؟؟. فساد البنوك هو فسادٌ لا يُرى بالعين المجردة... فالبنوك هي كناتين لبيع الأموال، لذا فالفساد داخل القطاع المصرفي أكبر من ذلك الذي يسمع به الناس عن فساد التنفيذيين الحكوميين. فأحد رجال الأعمال مات... نعم، توفي لرحمة مولاه وهو مديون لأحد البنوك بمبلغ ستين مليار جنيه (فقط ستين مليون جنيه جديد)... مات وقد سجل معظم ممتلكاته لأبنائه، ولم يجد البنك سوى (النيم) ليأكله. التيار