تراسيم.. سامحهم.. يا شيخ!! عبد الباقي الظافر جاءت حفيدة الإمام المهدي لزيارة زوجها الحبيس بسجن كوبر.. الشيخ الثمانيني أقبل على زواره كلاعب السيرك.. كان عليه أن يطأ بعض الطوب بمهارة عالية حتى لا تقع أقدامه في المياه الآسنة التي نتجت من انفجار شبكة الصرف الصحي في المعتقل الشهير.. والترابي في عزلته تلك كان يسأل عن الرئيس مبارك المحاصر.. ولم يدرك أن الفرعون قد أصبح مخلوعاً منذ خمس ليال. في إحدى إقاماته المتجددة في ذات السجن.. كان الترابي يشكو من أن الفئران تؤانسه في وحدته.. بل أن أسرته كانت تتابع باهتمام جرحاً بان في قدم الشيخ وتظن أنه ناتج من لسعة فأر جائع. آخر أخبار الترابي في محبسه أنه يشكو من تورم في إحدى عينيه.. وأسرته تقول إنه أصيب في قدمه وتم نقله للاستشفاء خارج السجن.. وأن الأسرة مازالت توالي البحث عن المشفى الذي يداوي الشيخ ولم تهتد إلى العنوان الصحيح حتى هذه اللحظة. مضى على اعتقال الشيخ حسن الترابي أكثر من شهرين.. تجاوز الحبس الاحترازي الذي أجله ستة أسابيع.. بعدها وفقاً للقانون يطلق سراح المتهم أو يمضي المعتقل إلى المحكمة أو يجدد اعتقاله بواسطة مجلس أمني وقانوني متخصص.. تجاهلت الحكومة هذا الأجل.. بدأ بعض رموزها النافذين يصرحون أن المواطن حسن الترابي معتقل لتقديرات أمنية.. إنه المنطق الذي يعلو التقديرات الفردية على النصوص الدستورية. حسن الترابي يا سادة هو الرجل الذي هندس انقلاب الإنقاذ.. الترابي علم أبناءه الرماية حتى اشتدت سواعدهم .. لو لا الترابي لما كانت الإنقاذ.. ولو لا الترابي لما عرف الناس أسماء صارت ملئ السمع والبصر. اعتقال الترابي جعل الشيخ راشد الغنوشي يذرف الدمع في صالون الشيخ في المنشية.. كان التلميذ التونسي الوفي يستغرب قسوة الإنقاذ على شيخها المرشد.. وذات الاعتقال يجعل الشيخ القرضاوي يصرف النظر عن زيارة الخرطوم وفيها شيخ حبيس. لن تخسر الحكومة شيئاً ان اعتقلت الترابي في ظروف إنسانية.. ماذا لو حبس الترابي في بيت عادي.. فكرة الاعتقال ترتكز على الحد من حركة مواطن معين.. الإذلال الذي تمارسه الحكومة في حق شيخها لن يؤتي أكله.. الترابي الذي انفق ربع عمره السياسي حبيساً لن يزجره سوء المعاملة. في مجتمعنا السوداني الذي يوقر الكبير.. سترتبط الإنقاذ في ذهن الناس بالقسوة والظلم.. هذا المعنى صرح به الراحل قرنق ضاحكاً عندما أوضح أنه سمع بالثورات التي تأكل بنيها ولكنه لم يسمع بالثورة التي أكلت أبيها إلا في حالة الإنقاذ . ترتكب الحكومة السودانية خطأ فادحاً باستمرارها في اعتقال الترابي.. تتعمد تجاوز الدستور.. تقدم لغرمائها في المعارضة نموذجاً التعامل مع الخصم.. إذا كان هذا مصير عراب الثورة ومنظرها فماذا تنتظر المعارضة التي تنتظر إزاحة الحكومة من السلطة. اعتقال المواطن حسن الترابي سيكسب منه السياسي حسن الترابي. الترابي