تراسيم.. جاءوا إلى العنوان الخطأ !! عبد الباقي الظافر استضافت إحدى القنوات المصرية مهندس الثورة الشاب وائل غنيم..عندما تم عرض شهداء الثورة المصرية من الشباب الذين كان يعرفهم المهندس وائل عبر التواصل الأثيري.. لم يتمالك غنيم نفسه ودخل في نوبة بكاء غادر على إثرها استديو التسجيل.. وائل غنيم كان مهندس كمبيوتر ناجح.. يعمل في بمدينة دبي في شركة عالمية بحجم قوقل.. رغم ذلك ترك عمله وهبط مصر لقيادة الثورة.. تم اعتقاله بعد تفجر الأحداث وظل رهن الحبس لمدة اثنى عشر يوما.. ولما جاء إلى ميدان التحرير قال بتواضع \"أنا لست بطلا \". جاء إلى الخرطوم وفد من شباب مصر أطلقوا على أنفسهم شباب الثورة.. شاب مصر الزائر لم يسألوا عن ميدان أبوجنزير.. ولم يزورا سجن كوبر.. ولوا وجوههم شطر القصر الجمهوري .. استضافهم الدكتور نافع علي نافع صاحب نظرية (الضراع القوي) في تبادل السلطة في السودان.. تيسيرا للوفد الزائر وشرحاً للمتون.. هذه النظرية لا تقر صندوق الانتخابات كآلية لتولي السلطان.. بل تعتمد على القوة البدنية في إقرار الأمر الواقع . لماذا ثارت مصر ضد الرئيس مبارك.. مبارك مثل الرئيس البشير تمت إعادة انتخابه أكثر من مرة في منصب الرئيس.. الحزب الوطني في مصر مثل رفيقه الحاكم في السودان ظل مهيمناً على الحياة السياسية لوقت طويل.. البرلمانات في القاهرةوالخرطوم لا تمثل المعارضة فيه إلا جزءاً ديكورياً مكملاً لأبهة السلطان. هل كانت تلك المظاهر الديمقراطية كافية لمنع الثورة في مصر.. أم أن النظام السياسي في السودان يمتاز بلبرالية وشفافية تصلح كنموذج للحكم فجاء ثوار مصر يلتمسون شيئاً من تجربة السودان في تعزيز الحريات.. ذات البيئة الحاضنة للتجربة المصرية السابقة استنسخت منها السودانية.. حكومة مهيمنة على كل شيء.. حريات تمنح بمقدار.. دساتير تفصل بمقاس الحاكم.. بطانة تحيط برأس الدولة وتحجب عنه الرؤية المجردة للأشياء.. فيستغرب الرئيس من المظاهرات ويعتبرها رجس من عمل الشيطان وضرب من العمالة لخدمة أجندة أجنبية.. ويظن الحاكم أن كل الأمة من أقصاها إلى أدناها تشد من أزره إلا حفنة من المأجورين. في تقديري ان هنالك لبساً في الأمر .. إما ان الوفد الزائر لا يمثل أخوة وائل غنيم الذين رابطوا الليالي الطوال في ميدان التحرير حتى يخلِّصوا من مصر من ليل طويل وحكم استبدادي قاهر.. أو أن الوفد قد أخطأ العنوان . الراجح أن دبلوماسية العلاقات العامة أفلحت في تجنيد بعض الشباب تحت لافتة الثوار وبعثت بهم للخرطوم.. حدث مثل هذا السيناريو يوم أن استضافت الخرطوم وفداً إعلامياً أمريكياً .. أقيمت على شرف الوفد الولائم .. وبعد حين أدركنا أن لا أحد من الذين زاروا الخرطوم يملك قلماً مؤثراً في الساحة الأمريكية.. بل إن بعض أعضاء ذاك الوفد لم يكن يقرأ الصحف الأمريكية بانتظام ناهيك عن الكتابة الراتبة والمؤثرة فيها. الخرطوم في هذا الوقت محتاجة أن تعيد البصر كرتين في ما حدث من تغيير في العالم العربي.. العاقل من اتعظ بغيره. التيار