تراسيم.. أطباء بلا حدود!! عبد الباقي الظافر وضعت الممرضة الأمريكية ابتسامة مصنوعة على فمها الجميل.. حيتني بحرارة صديقين قد فرق بينهما الزمن.. ثم بدأت تشرح السياسة العامة التي تحكم عمل مشفاها الصغير.. ثم بقدر كبير من الجدية أخبرتني أن الفحص الطبي الذي اخضع له يمر بمناطق حساسة من جسدي.. بناءً على ذلك من حقي الاستعانة بمرافق.. ولم تنسَ ان تذكرني إن كان هذا الأمر يتعارض مع معتقداتي الثقافية أو الدينية فمن واجبي التصريح بذلك .. لم تكتفِ الممرضة الحسناء بإفاداتي الشفهية وجعلتني أوقع على أوراق رسمية.. كانت تلك الواقعة قد حدثت منذ زمن طويل وأنا اخضع لكشف طبي لاختبار مدى أهليتي لأداء وظيفة معينة. مريضة سودانية أتى بها ذووها إلى مشفى عام.. المريضة كانت تحت وطأة الم شديد.. أسلموها الطبيب الذي اختلى بها في خلوة طبية.. تأخر الطبيب المعالج في أداء مهمته.. انتاب المرافقون قلق شديد .. مضوا إلى ما وراء الستارة الطبية ووجدوا الطبيب في وضع غير لائق مع مريضته.. المنظر العام يندرج تحت مسمى التحرش الجنسي.. الجماعة أوسعوا الطبيب ضرباً مبرحاَ.. ومضت القضية إلى ساحة القضاء الذي أدان الطبيب بالسجن بأشهر معدودات. قبل ذلك كان البروفيسور مأمون حميدة يقول إن نحو نصف معاملنا الطبية تخرج بنتائج خاطئة.. وبناءً على ذلك يتعاطى نحو نصف مرضانا دواءً خاطئاً.. دراسة أخرى جاءت على لسان الطبيب حمزة عوض الله في برنامج تلفازي.. الدراسة تفيد أن عدداَ كبيراً من أطبائنا يكتبون وصفات علاجية دون اللجوء إلى الفحوصات المعملية.. شاهدت بأم عيني بعض الأطباء يشخصون حالات طبية على الهواء.. أكثرهم تهذيباً يستغل الأثير التلفازي للترويج لعنوان عيادته وذلك عندما يطلب من المتصل هاتفياً المرور عليه لتلقي العلاج مجاناً في عيادته بشارع الحوادث. قراءة (الروشتة) الطبية تحتاج إلى متخصص في فك الطلاسم.. في الصيدلية يتحول مساعد الصيدلي إلى طبيب.. هنا عليك أن تسهب في شرح التفاصيل المرضية.. (بياع) الصيدلية يكون همه الأكبر إفراغ جيبك من محتوياته النقدية. نعود إلى أطبائنا المحترمين.. في العنبر تجد الأخصائي وتلاميذه يناقشون أمر المريض في لغة انجليزية.. يتحدثون عن كل شيء يهم المريض ولكن نيابة عنه.. في غالب الأحيان لا يتفضل أحدهم بشرح المرض لصاحبه.. وربما يتفضل بتمليك الحقائق الطبية مهما كانت خصوصيتها إلى أحد المرافقين.. المعلومات الطبية ومهما كانت خطورتها يتم تمريرها عبر فائلات ورقية متهالكة. العلاقة بين الطبيب والمريض واحدة من الزوايا المظلمة في الحقل الطبي.. مثل هذه التجاوزات لا تجد اهتماماً من جهات الاختصاص.. المجلس الطبي لا يرى في تعالي الطبيب مع المريض خطأ طبياً يستوجب المساءلة. احترام حقوق الإنسان السوداني يجب أن تكون جزءاً من ثقافتنا ومسؤولية تشملنا جميعاً. التيار