[email protected] يعتبر حد الكفاية من المسائل الملحة لدى كل الانظمة وهو المستوى الذى يستطيع فيه انسان هذه الدول تلبية حاجاته الضرورية من مأكل و مشرب وكساء و علاج و تعليم و أمن أما مافوق ذلك من رغبات فهى رفاهية من حق الفرد ان يسعى فى سبيل تحقيقها ، و حد الكفاية هذا يأخذ فى توسعه كلما أزداد المستوى الأقتصادى للبلاد و كلما أزدادت البلاد فى فقرها كلما ضاق هذا الحد ليشمل ما ذكرته أعلاه من حاجات أساسية دون غيرها ، و حد الكفاية هو واجب الدولة المباشر تجاه أفرادها فهى التى تدير الأقتصاد وتجمع المال و هى المسئولة عن المساواة بين أفرادها لكيلا يضيع حق من حقوقهم . و قد أستطاعت المجتمعات القديمة من أن تطور من قيمها الأخلاقية الشىء الذى جعلها اكثر حساسية تجاه هذه الحاجات لما لها من تأثير عظيم على حياة الافراد ووجود هذه المجتمعات ، ففى كتاب (الأقتصاد المجنون) لكريس هارفى يقول : فى مذكرات دراسة كلاسيكية لقبيلة النوير فى شرق أفريقيا ( أنه لايوجد فى قرية النوير من يعانى الجوع الاّ اذا عانى الجميع ) . وكذلك شغل حد الكفاية الرعيل الأول من المسلمين قبل ان يعتنق النظام الأسلامى نظرية الأقتصلد الحر ، فقد قال عمر (ر) (ما من أحد الا وله فى هذا المال حق ، الرجل و حاجته ، والرجل و بلاؤه ، ثم يقول ( أنى حريص على الا أدع حاجة الا سددتها ما أتسع بعضنا لبعض فاذا عجزنا أمسينا فى عيشنا حتى نستوى فى الكفاف ) . و الواضح ان النظام الحاكم فى السودان لا تحكمه نظرية أخلاقية فهو نظام أنتقائى يختصر الليبرالية فى الأقتصاد الحر متجاهلا باقى القيم المكملة لهذة النظرية ثم يذهب فيختزل الأسلام كله فى منشست واحد هو طاعة الحاكم دون ان يرهق نفسه بحمل باقى القيم التى تحاكم أو تفضح مشروعه الحضارى ، فكيف بالله يفشل نظام يدعى انه أسلامى من الحيلولة دون أن تبيع امراة (أمة) فى عداد هذا المجتمع لاطفالها ، فهو– أى هذا النظام– يطلق العنان لاّلته المالية أن تكتسح كل شىء دون الالتفات الى مستوى الدمار الذى تحدثه على مستوى قيم و اخلاق هذا المجتمع ، وواحدة من هذه التغييرات الأيجابية ! فى حق الأسلاميين (مستجدى النعمة) أنتشار ظاهرة زواج الاسلاميون لا سيما الشيوخ منهم فى ظاهرة اقرب ما يمكن ان توصف به هو الزواج فى الخفاء ، و من ذلك حين أشتكت مواطنة من ساكنى مدينة الثورة فى أتصال هاتفى على الهواء لبرنامج أجتماعى بالأذاعة يناقش فى قضايا الأسرة أن شيوخا بعينهم يستأجرون بناية فى حيهم يأتون لماما الى فتيات مقيمات فى شقق هذه البناية . و يبدو أن النعمة حين تجرى على اليد يذهب العقل لاسيما أذا كانت هذه النعمة كثيرة دون جهد يبذل فى تحصيلها سوى (الولاء) ، فلو كان هناك نظام اجتماعى تأمينى يراعى متطلبات الاسرة لما أضطرت طالبات العلم فى سبيل أيجاد من يعولهن الى اللجوء الى واحدة من السيق الجديدة للزواج التى تخفى فيها علاقتها ، وكذلك لما اضطرت والدة اولئك الأطفال و ابيهم الشيخ من اللجوء الى بيعهم كى يعولوا بثمنهم بقية اخوتهم ويتمكنوا من مواجهة الة الاقتصاد الجديد الذى تحتكر به السلطة وأفرادها كل مقدرات الشعب ، انها عجلة الاقتصاد الجديد وهى ترمى بضحاياها فى كل الأتجاهات – أولاد الشوارع – أطفال المايقوما – العاطلين – الفاقد التعليمى – تجارة البشر – المخدرات – والقائمة تمتد ، أنه التكدس غير المشروع للثروات فى يد عصبة بعينها ، يرجعنى هذا الى رسالة بعث بها أبوبكر(ر) الى خالد بن الوليد معاتبه فيها من زواجه من بنت أحد زعماء بنى حنيفة و بعد أن أنتهت اخطر معارك الأسلام فيما عرف ب (حديقة الموت) و قد انتقد الخليفة خالد بقوله ( لعُمرى يابن أُم خالد ، أنك لفارغ تنكح النساء ، وبفناء بيتك دم الف و مائتى رجل من المسلمين لم يجفف بعد ) ، اليس لنا أن نقول لهؤلاء الذين يفقرون فى اهلنا و يرهقون بلدنا بالفساد ، انكم لفارغون تأتون كل هذه الفظائع و بفناء هذا البلد كل هذه الماسى . مثلما لكل عهد فقهاؤه و منتفعيه ومثلما كان المرجئة هم الذين تصدوا للدفاع عن فظاعات الامويين الى ان ذهب بهم الامر حد اشتراط النسب (القرشى) على الخليفة حتى لايطالبهم غير قرشى بالامارة و الركزن الى (الجبرية) فيما يأتى به الحاكم من أفعال وتفسيرها ، فالله هو المسئول عن أفعال هذا الحاكم و ليس هذا الحاكم الضعيف وذلك حتى يتسنى لهؤلاء الحكام الحكم دون أن يعترضهم أحد و البطش بالرعية و أذلالها حتى لا يناكفوهم أو يراجعوهم فى مسألة اهليتهم كحكام وفى ضرورة محاربة الحاكم الفاسد ، كل ذلك فى سبيل الحفاظ على الكرسى . مثلما لكل عهد أمثلة من هؤلاء الفقهاء كذلك لا يعدم هذا العهد من ايجاد مثل هؤلاء . على فقهاءنا و علماءنا أن يخرجوا لنا بفتوى – أقلاها أن يطلبوا من مشترى الأطفال من وسطاء الى تجار أو بائعين أو منتفعين مباشرين فى الداخل أو الخارج ان يراعوا الجوانب الأنسانية فى هذه التجارة (طبعا غير المشروعة) ، فحتى فى زمن الحرب ناهيك عن غيره طلب عمر (ر) من القائم على جمع الغنائم قيل تقسيمها ان لا يفرق بين أخوين أسيرين ، كما كتب لقائد جيشه وهو نافع بن عبد الحارث الا يفرق بين الأخوين ولا بين الأم وولدها فى البيع . فوراء كل طفل يباع أو فتاة تقتات من ثديها أو أسرة تبيع طفلها أو أمتلاء الدور بفاقدى النسب و أمتلاء الشوارع بالمشردين و المتسولين الا قضية من قضايا ضياع الحق (لم أقل : أن الفضيحة تراءت فى تلافيف العمامة و أمتداد اللحية الزيف. لماذا لم تقل أن العمارات أستطالت افرغت أطفالك الجوعى على وسخ الرصيف ).