* و للحرية الحمراء في دم كل حر يد سلفت و دين مستحق علاقة المواطن بالأجهزة الأمنية علاقة متوترة يشوبها الكثير من الشك في دور تلك الأجهزة و تبعيتها للسلطان والذود عن حماه. مشكلة (الأنظمة السلطوية) أنها لا تبحث في تلك الإشكالية وترى في تلك الأجهزة آلية للبطش بالمواطن وإهدار كرامته و سلب حقوقه , والأجهزة الأمنية ترى في النظام جهة تغدق عليها الأموال, حد الترف , فهي ربيبة نعمتها. وقد شاهدنا على شاشات التلفزة, في تغطية للتحولات التاريخية في محيطنا الجغرافي , الوحشية التي تعاملت بها أجهزة الأمن مع المتظاهرين من ركل و سحل و ضرب بأعقاب البنادق. ولعل أسوأ ما تفتقت عنه عقلية أجهزة الأمن المريضة هو اختطاف الجثث و تفخيخها و حرمان الجرحى من العلاج في المستشفيات خشية إن تطالهم أعين الإعلام الخارجي والمنظمات الحقوقية. كما شهدنا مؤازرة إعلام تلك الأنظمة للآلة الأمنية القمعية و محاولاتها اليائسة لتفريغ زخم المتظاهرين وتسويق الاسطوانة المشروخة من استهداف النظام والتأمر عليه. أما الملاحقات والاعتقالات وممارسة العنف والتعذيب وإغلاق الشوارع المؤدية لميادين التظاهر والاعتصامات ورش المتظاهرين بمياه المجاري ودس البلطجية والشبيحة والزعران (أدبيات ثورات المنطقة) بين المتظاهرين واستخدامهم الرصاص الحي لإعطاء المسوغات لاستباحة الدماء وتسريب السلاح للمناصرين داخل الأحياء, جميعها أساليب تعرفها الشعوب و تحفظها عن ظهر قلب. عصابة الإنقاذ ومنذ أن سطت على السلطة , تسلحت بقوى أمنية أطلقت لها العنان وحصنتها من الملاحقة والمساءلة القانونية وفتحت لها الأبواب مشرعة لشرعنة القمع الأعمى الوحشي , لضمان البقاء على كراسي الحكم من ناحية وإيجاد بيئة حاضنة للفساد والإفساد من ناحية أخرى. ولم نسمع طيلة العقدين ونيف أن الإنقاذ أبدت توجهات جادة أو تنازلات حاسمة في مسألة الأجهزة الأمنية. هذه العقلية الأمنية تغذيها أوهام تعشعش في عقلية الإنقاذيين مثل(التفويض الإلهي) و (ربط الأرض بقيم السماء) و ( الأمة الرسالية) و (خيار من خيار) .....الخ مما اكتظت به خطرفات الأولين. في ظل الوضع المعقد الذي آلت إليه البلاد جراء الطيش السياسي للزمرة الحاكمة, وتوجسا مما يدور في المحيط الجغرافي الناقل لعدوى الثورات التي تعصف بالطواغيت في المنطقة , والإنقاذ واحد منها وتوفر كافة الظروف الموضوعية لإشعال الفتيل, فان النظام في سبيل تأبيد سلطته لن يتورع عن إرهاب الأخر و خلق المبررات لارتكاب المجازر, وما (بيوت الأشباح) ببعيد عن الأذهان كما إن تصريحات صقوره من (لحس الكوع) و مرورا ب(أخذناها بالقوة ومن أرادها فليأخذها بالقوة) وليس نهاية ب (الدايرا اليقوي ضراعو). تنم عن (فوبيا) متأصلة و مراهنة على أجهزة أمنية باطشة. يملك الشعب السوداني رصيدا ضخما في التعامل مع الأنظمة الشمولية ومع آلتها القمعية, ويختزن في ذاكرته الجمعية الكثير....ولا يساورني أدنى شك بان هذا الشعب الأبي و المعلم العبقري سيخرج في مواكب احتجاجية هادرة تدك حصون النظام و تلقي به في مزبلة التاريخ , استلهاما لأكتوبر العظيم و ابريل الأشم. * ناشط