حديث المدينة خمسة وخميسة من عين الشعب..!! عثمان ميرغني حسناً.. د. مندور المهدي نائب رئيس المؤتمر الوطني في ولاية الخرطوم أكد أن تغييرات كبيرة يشهدها الحزب في الفترة المقبلة على رأسها نظامه السياسي نفسه.. وبعض رموزه.. ومع ذلك.. هل يكفي ذلك.. بصراحة لا.. بكل عقلانية ومنطق.. أوجه هذه الأسئلة للدكتور مندور والمؤتمر الوطني.. هل يرغب الحزب في التغيير لأنه ضرورة طبيعية للمرحلة أم لأن ترياق و(تطعيم) ضد المرحلة؟ أرجوكم لاحظوا بكل دقة.. الثورات العربية التي تجتاح الفضاء العربي الآن.. تبدأ بمجرد مطالب إصلاحية بسيطة.. ثم ترتفع قليلاً وتنطق بكلمة (الحرية).. ثم بعد أن تعلن الأنظمة الحاكمة موافقتها على تغيير الحكومة والدستور والقوانين يسارع الشعب الهائج في الشارع إلى تطوير مطالبه ويهتف (الشعب يريد تغيير النظام). بعبارة أخرى.. إما أن يكون التغيير حقيقياً يمس مباشرة ما يريده الشعب أو يفسر على أنه مجرد ترياق.. وهل أجدى الترياق الذي مارسه بن علي ثم مبارك من بعده وجرَّبه على صالح أيضاً. لو أراد المؤتمر الوطني أن يحتفظ بريادته وتفوقه على الأحزاب.. وتجنب سيناريوهات الثورات العربية فإن التغيير يجب أن يمس بصورة كاسحة غالبية مفاهيمه للعمل السياسي بل وكوادره التي وصلت حد السقف في خبراتها السياسية ولم يعد لديها جديد. صحيح الذي يجب على المؤتمر الوطني فعله أقرب للجراحة الكبرى.. لكن الأمر لم يعد فيه خيارات أخرى سوى هذه الجراحة.. أول هذه المفاهيم فصل الحزب عن الدولة.. تبدأ بإعلان الرئيس البشير مغادرته نهائياً لمنصب رئيس حزب المؤتمر الوطني.. وكذلك ولاة الولايات.. وثانيها اخضاع الحزب للمراجعة القومية.. كما ينص بذلك قانون الأحزاب.. فالشفافية الممعنة في الشفافية ستتطلب تعديل كثيراً من السلوك السياسي الدارج الذي تعودنا عليه منذ الاستقلال.. حيث تتصرف الأحزاب كأنها منظمات (مافيا) تتستر بكل حرص على حركة المال منها واليها. وتفترض أن أفدح ما يصبيها (عين الشعب) التي فيها (ستين عود).. تحويل الأحزاب إلى منابر سياسية قومية عمل يكسب منه الوطن بكل قوة.. لكن الأفراد يخسرون.. خاصة أصحب النفوذ الأبدي أو الملتصقون الذين لا يستطيعون العيش بعيداً عن جسم يتغذون منه.. ولو تحول المؤتمر الوطني إلى جسم (وطني) حقيقي.. قادر على احتمال الممارسة السياسية دون ذراعي الحكومة والأمن فإنه بالضرورة يكون (فهم!) قبل أن يحتاج أن يردد (الآن فهمت). باختصار.. التغيرات التي أعلن عنها مندور ليست هي تلك التغييرات التي تهتف بها الشعوب في (الشعب يريد تغيير النظام).. هي تغييرات (ترياق) لا تفيد. الأجدى ابتدار (برسترويكا) شاملة في الحزب.. وسيستبين القوم النصح ضحى الغد..!! التيار