بالمنطق من قال إن بن لادن قد مات؟!! صلاح عووضة ٭ قبل أيام بُثَّ شريط لصدام حسين - عبر موقع الكتروني - يقول فيه القائد المهيب الركن إن الذي أُعدم هو شبيه له كان يقوم ببعض أدواره إبان فترة حكمه.. ٭ أي أن الأمريكان ما اعتقلوه ولا قتلوه ولكن شُبِّه لهم.. ٭ ومن المعروف أن زعيم البعث العراقي كان له أشباه كثر ينوبون عنه في بعض اللقاءات الجماهيرية التي تستوجب الحذر والحيطة.. ٭ فالقادة من هذه الشاكلة هم أحرص الناس على حياة يود أحدهم لو يُعمَّر ألف سنة.. ٭ ألا ترى أنهم يحرصون على إخفاء أمراضهم عن شعوبهم لتدمن أجهزة إعلامهم ترديد عبارة (صحة الرئيس زي الفل) متى ما سرت شائعة بين الناس أن أحدهم ب(عافية شوية)؟!.. ٭ وألا ترى أن صورهم المنتصبة في كل مكان تُظهر كلاً منهم وهو في عمر الزهور ولو كانت فترة حكم أحدهم (لوحدها) - دعك من عمره الشخصي - تجاوزت ربع القرن من الزمان؟!.. ٭ وألا ترى أنهم ينافسون نجمات هوليوود في إجراء عمليات (شدّ الوجه)؟!!.. ٭ فأمثال هؤلاء الزعماء يعشقون ذواتهم (الحاكمة!!) إلى حد تمنيِّ الخلود.. ٭ وإلى حد استرخاص أرواح الرافضين لهذا الخلود - من بين أفراد شعوبهم - ولو بلغت جملة الأرواح هذه خمسين ألفاً أو تزيد.. ٭ انظروا إلى عدد الأرواح التي ضحى بها حتى الآن كلٌّ من القذافي والأسد وعلي صالح من أجل أن يبقوا (أحياءً يحكمون!!!).. ٭ وانظروا إلى تلك التي يضحي بها آخرون مثلهم - للسبب نفسه - دون أن يطرف لهم جفن، أو يتحرك في دواخلهم وازع، أو ينتابهم ندم.. ٭ وعشاق السلطة هؤلاء إلى حد (الجنون) لهم عشاق (مجنونون) بهم كذلك من الذين لا تطيب لهم (حياة) إلا ب(حياة) أولئك.. ٭ إنهم يمثلون بقايا جاهلية سياسية لا تزال تؤمن ب(ثورة) الزعيم عوضاً عن (قوة) المؤسسات.. ٭ وقوة أمريكا الآن - وهي الدولة الأعظم في العالم - لا تنبع من قوة رؤسائها وإنما من قوة مؤسساتها السيادية والتنفيذية والتشريعية.. ٭ ومن قوة النظام السياسي هذا تتفرع محفزات القوة في الاتجاهات الحياتية كافة.. ٭ فإذا كان الأمريكان (المتحضرون) لا يهمهم - إذاً - (من يحكمهم؟) بقدرما يهمهم (كيف يحكمون؟)، فإن لدينا (متخلفين) هنا كل الذي يهمهم هو (بقاء الزعيم حاكماً!!).. ٭ ولبعضٍ من هؤلاء الذين يتمنون رؤية صدام حياً - وعما قريب بن لادن - نقول كلمةً ربما يكون فيها عزاء لهم.. ٭ فصدام حسين لم يمت، وكذلك أسامة بن لادن.. ٭ بل أنهما كانا موجودين حتى قبل أن يُولدا.. ٭ وأشباهٌ لهما أحياءٌ كذلك الآن.. ٭ وسوف يظلون أحياء أيضاً بعد أن (يُشبَّه) لنا أنهم ماتوا ما لم نغادر ماضي (الجاهلية السياسية) إلى (راهن الحضارة السياسية).. ٭ الماضي الذي يُمجَّد فيه الزعيم ولو كان (كتَّال كُتَلة!!) عوضاً عن تمجيد النهج (الإنساني!!) للحكم.. ٭ فألم يكن حياً صدام ب(القوة) - حسب الاصطلاح الفلسفي - في شخص الحجاج بن يوسف الثقفي؟!!.. ٭ وألم يحيا الحجاج هذا في شخص صدام حين آلت إليه السلطة؟!!.. ٭ وبن لادن ألم يكن حياً ب(القوة) ذاتها في شخص أبي العباس السفاح؟!!.. ٭ وألم يضحى السفاح هذا ذا وجود ب(الفعل) - حسب الإصطلاح الفلسفي أيضاً - في شخص بن لادن؟!!.. ٭ وأليس لصدام وبن لادن هذين وجود (تقمصيّ!!) الآن في أجساد زعماء يقتلون الأبرياء من أبناء شعوبهم ثم يصّلون ويصومون ويسبحون؟!!.. ٭ ثم القاسم المشترك بين زعماء (اليوم) من هذه الشاكلة أنهم جميعاً يقولون إن اسرائيل هي العدو الأول الذي له يعدُّون العدة، ويحشدون الجيوش، ويخصصون الميزانيات، ولا يسمحون لصوت أن يعلو على صوت المعركة معه.. ٭ ولكن أيَّاً من الزعماء هؤلاء لا يطلق طلقة واحدة صوب اسرائيل هذه أبداً.. ٭ وحتى صدام حسين حين فعلها - باطلاق عدة صواريخ تجاه اسرائيل - كان ذلك بمثابة رد فعل غاضب منه إزاء ما تعرض له من هجوم عسكري من جانب التحالف الغربي.. ٭ وبن لادن إلى أن مات لم يُرسل انتحارياً واحداً إلى اسرائيل.. ٭ والأسد الذي يحرك دباباته الآن صوب الأبرياء العُزَّل من أبناء شعبه لم يحرك واحدة منها (بالغلط) تجاه الجولان التي تحتلها اسرائيل.. ٭ والقذافي الذي قال إن أسلحته مُدَّخرة ليوم حربٍ مع اسرائيل اكتشف العالم أجمع أنه كان يدخرها لشعبه.. ٭ وأنظمة أخرى (تدير) خدها الأيسر لاسرائيل كلما صفعتها على الأيمن لا (تدير) أبداً بنادقها عن صدور أفراد شعبها متى ما أرادوا ممارسة حقهم الشرعي في التظاهر سلمياً.. ٭ من قال إن بن لادن قد مات إذن؟!!.. ٭ إنه حيٌّ يرزق داخل كل زعيم يزهق أرواح الأبرياء من أبناء شعبه.. ٭ ولا فرق بين أبرياء (نظيفين!!) في أبراج التجارة العالمية.. ٭ وأبرياء (مقملين!!) في دولة (النظرية الثالثة العالمية!!).. ٭ أو بين أبرياء أوروبيين ينفجر بهم القطار.. ٭ وأبرياء يمنيين (فاتهم القطار!!!). الصحافة