أراضي الولاية الشمالية...الخطيئة والقربان!! تقرير: حسن بركية [email protected] كلما تعثرت مسيرة العلاقات الثنائية(المصرية السودانية)بفعل فاعل رسمي،وظلت الخطب الرنانة معلقة في الهواء ولم تتحول إلي أجندة عملية تخدم مصالح الشعبيين، بحث كل جانب عن كبش فداء لهذا الفشل المتواصل، خاصة الجانب السوداني الذي لا يتواني في التبرع بكل غالي ونفيس حتي يطوي صفحة (حسني مبارك) إلي الأبد مهما كان الثمن غاليا وفي الأذهان الضغوط التي ظل يمارسها نظام حسني مبارك (ظاهرا وباطنا) علي الحكومة السودانية تحت لافتة (ثمن محاولة إغتيال حسني مبارك في أديس أبابا.). وكانت صحف الخرطوم الصادرة أمس قد أبرزت خبر تبرع الحكومة السودانية للوفد المصري الذي زار البلاد مؤخرا بمليون فدان في الولاية الشمالية (إقترح وفد الأحزاب والقوي السياسية المصرية برئاسة سيد البدوي رئيس حزب الوفد المصري خلال لقائهم علي عثمان أمس علي الحكومة السودانية تخصيص مليون فدان في الولاية الشمالية ليتبني زراعتها فلاحون من مصر والسودان، مؤكدا أن طه واقف علي المقترح) وهذا ملخص لما نشر في صحف الخرطوم حول المنحة الحكومية الجديدة لمصر بعد قصة (5الف بقرة) لمصر كعربون صداقة وإستبشارا بزوال حكم مبارك الذي كان يكتم أنفاس حكومة البشير وبلغ الفرح السوداني بزوال عهد مبارك أعلي درجات الجرأة عندما ذكرت الصحف أن نائب الرئيس علي عثمان نصح وفد الثورة المصرية الذي زار الخرطوم بمحاكمة رموز نظام حسني مبارك. والولاية الشمالية المثقلة بجراحات الماضي في ملف العلاقات السودانية المصرية وتزال قضية ترحيل أهالي وادي حلفا ضحايا إنشاء السد العالي رغم مرورمايقارب نص قرن باقية في الأذهان كمثال حي لظلم ذوي القربي وتجاوزات الساسة.وقضية الأرض في الولاية الشمالية من أكثر القضايا الشائكة والمعقدة وهي العامل المشترك في كل النزاعات والصراعات هناك،وقبل أيام شهدت منطقة أم جواسير في الطريق الصحراوي (شريان الشمال) صراعا بين مواطني المنطقة والسلطات بسبب التصديق لإحدي الشركات بمساحات شاسعة في أراضي عرب الهواوير وفي النهاية تدخلت الشرطة لحسم الصراع الذي تطور إلي قتال بالأسلحة البيضاء،والسبب توزيع حكومي للأراضي دون حكمة أو إشراك المواطن صاحب المصلحة الحقيقية في الأمر،وشهدت الأيام القليلة الفائتة تحركات عديدة في مناطق مختلفة من الولاية الشمالية ومن مختلف الاتجاهات السياسية لمناهضة القرار الجمهوري رقم 206 لسنة 2005 الخاص بنزع ملكية أراضي الولاية الشمالية لغرض قومي، القرار صدر في العام 2005 وأثار في وقته جدلا كثيفا وتجدد الصراع حول القرار مرة أخري عندما بدات وحدة تنفيذ السدود في إجراءات النزع ببعض المناطق وحدثت مواجهات عنيفة بين المواطنين والسلطات في أكثر من منطقة منها(القولد- أم جواسير). وفي محلية القولد بالولاية الشمالية تنذر الأوضاع بحرب قادمة بعد شروع وحدة السدود في نزع ملكلية أراضي غرب القولد لإقامة مشروع إستثماري كبير لايعرف أحد كنهه علي وجه الدقة والقرار الكارثة يسمح لوحدة السدود بنزع كل الأراضي الغير مستثمرة في الوقت الحالي ودخلت المنطقة في مرحلة من مراحل التطور السلبي للأزمات وربما تكرر شريط أحداث كجباروأمري.يقول عبد الله الزبير الملك المرشح السابق لمنصب والي الشمالية وأخر ملوك الدناقلة هذا قرار غريب كيف يتم منح أيه جهة مليون فدان هذه مساحة كبيرة جدا من الصعب الحصول عليها وخاصة أن هناك أراضي كثيرة غير صالحة للزراعة وبها كثبان رملية ومناطق جبلية وصخرية ويضيف الملك الولاية الشمالية لها أجيال من المهاجرين ولها حقوق في هذه الأراضي ويجب مراعاة حقوق هؤلاء وحقوق الأجيال القادمة قبل توزيع أيه مساحات من الأرض. بعد نجاح الثورة الشعبية في مصر توقع كثيرون أن تدخل العلاقات الثنائية بين البلدين مرحلة جديدة ولذلك بتجاوز مخلفات الماضي والتحول نحو علاقة تخدم الشعوب بدلا عن الأنظمة ومن المفارقات أن وفد الثورة الشعبية التي أطاحت بنظام شمولي في مصر زار السودان تحت عباءة حزب شمولي وبدت الوفود المصرية التي زارت السودان وكأنها تريد السير في ذات الطريق القديم العازل لإرادة الشعوب، وأبدت بعض أحزاب المعارضة في السودان تحفظات كبيرة علي برنامج زيارة الوفد المصري للسودان وقال بيان مشترك بين الحركة الشعبية والمؤتمر الشعبي(حزب المؤتمر الوطني أراد إختزال زيارة الوفد المصري في شخص حزبه وخياراته من القوي السياسية الأخري وقام بعزل قوتين مؤثرتين في السياسة السودانية هما الحركة الشعبية في دولة شمال السودان وحزب المؤتمر الشعبي مما يخل بأصول التعامل السياسي والوطني..الخ). وتظل العلاقات السودانية المصرية رغم تباشير الثورة المصرية مكبلة بالعديد من القيود وبعيدة عن نبض الشارع في البلدين وتعبر في كثير من المواقف عن صراعات النخب الحاكمة في البلدين،الحكومة السودانية تحمل نظام حسني مبارك مسؤولية التدهور الذي أصاب ملف العلاقات الثنائية ولكن هناك من يعتقد أن النظام السوداني هو الآخر يتحمل جزء كبير من المسؤولية.موضوع الحريات الأربع ظل لسنوات عرضة لإتهامات متبادلة بين الطرفين وكل طرف يتهم الآخر بتعطيل بعض بنود الإتفاقية. الوفد المصري الذي زار السودان برئاسة سيد البدوي أقر ببعض التجاوزات التي إرتكبها نظام حسني مبارك وقال في تصريحات صحفية(إن النظام المصري السابق لم يقم بدوره كما ينبغي خلال الثلاثين عاما الماضية، خاصة في فترة السنوات الخمس الأخيرة بعد توقيع اتفاقية السلام الشامل بين شريكي السلام في السودان، ما تسبب في انفصال الجنوب عن الشمال). ملف العلاقات السودانية المصرية مثقل بخطايا وجراحات الماضي ومخلفات الفشل المشترك ولذلك هو ملف أكبر من تنقله تبرعات الأبقار والأراضي إلي مربع جديد يستمد مشروعيته من روح الشعبين .والمتابع للأوضاع في الولاية الشمالية يعلم أنها غارقة في صراعات حول الأراض وصلت مراحل في غاية الخطورة وهناك مجموعة شبابية تحمل إسم (شباب الشمالية للتصدي للقرار 206)تنشط في عدة مواقع وتعمل علي تعبئة المواطنيين ضد إيه إتجاهات خاصة بالتصرف في أراضي الولاية ومن قبل تقدم البروفيسور محمد سعيد حربي نائب والي الشمالية بإستقالته من المنصب إحتجاجا علي تغول وحدة تنفيذ السدود علي أراضي الولاية الشمالية.