ميسي: هذا النادي سيكون وجهتي الأخيرة    امرأة تطلب 100 ألف درهم تعويضاً عن رسالة «واتس أب»    شاهد بالفيديو.. في أجواء جميلة.. لاعبو صقور الجديان يحملون علم جنوب السودان عقب نهاية المباراة ويتوجهون به نحو الجمهور الذي وقف وصفق لهم بحرارة    شاهد بالفيديو.. في أجواء جميلة.. لاعبو صقور الجديان يحملون علم جنوب السودان عقب نهاية المباراة ويتوجهون به نحو الجمهور الذي وقف وصفق لهم بحرارة    الدولار يسجل ارتفاعا كبيرا مقابل الجنيه السوداني في البنوك المحلية    "ضحية" عمرو دياب يريد تعويضا قدره مليار جنيه    شاهد بالفيديو.. الفنانة هدى عربي تعود لإشعال مواقع التواصل بوصلة رقص مثيرة على أنغام (أنا بغنيلو)    شاهد بالفيديو.. الفنانة إيمان الشريف تغني لصقور الجديان عقب الفوز على جنوب السودان وتنشر أهداف المباراة (السودان بي جيوشو فيهو رجال بحوشو)    شاهد بالفيديو.. الجيش يتمدد في أم درمان ويقوم بتنظيف السوق الشعبي والمناطق المجاورة له    عائشة موسى تعود إلى الواجهة    ناشط جنوب سوداني يكتب عن فوز صقور الجديان على منتخب بلاده: (قاعدين نشجع والسودانيين يهتفوا "دبل ليهو" ولعيبة السودان بدل يطنشوا قاموا دبلوا لينا..ليه ياخ؟ رحمة مافي؟مبروك تاني وثالث للسودان لأنهم استحقوا الفوز)    الشراكة بين روسيا وقطر تتوسع في كافة الاتجاهات    ابو الغيط: استمرار الحرب في السودان يعجز الدولة عن القيام بدورها    هل يتحول مان يونايتد لمصنع نجوم الدوري السعودي؟    القصور بعد الثكنات.. هل يستطيع انقلابيو الساحل الأفريقي الاحتفاظ بالسلطة؟    شاهد.. فيديو لمدرس بصالة رياضية يثير ضجة كبرى في مصر.. والسلطات تتحرك    البرهان يهنئ صقور الجديان    هدية معتبرة    المريخ يعود للتدريبات ويخضع البدلاء لتدريبات خاصة    قطر ياأخت بلادي ياشقيقة،،    "فخور به".. أول تعليق لبايدن بعد إدانة نجله رسميا ..!    الهروب من الموت إلى الموت    ترامب معلقاً على إدانة هانتر: سينتهي عهد بايدن المحتال    شرطة مرور كسلا تنفذ برنامجا توعوية بدار اليتيم    تُقلل الوفاة المبكرة بنسبة الثلث.. ما هي الأغذية الصديقة للأرض؟    4 عيوب بالأضحية لا تجيز ذبحها    لماذا قد تبدي "حماس" تحفظًا على قرار مجلس الأمن؟    عدوي: السودان يمر بظروف بالغة التعقيد ومهددات استهدفت هويته    قصة عصابة سودانية بالقاهرة تقودها فتاة ونجل طبيب شرعي شهير تنصب كمين لشاب سوداني بحي المهندسين.. اعتدوا عليه تحت تهديد السلاح ونهبوا أمواله والشرطة المصرية تلقي القبض عليهم    نداء مهم لجميع مرضى الكلى في السودان .. سارع بالتسجيل    شاهد بالفيديو.. الراقصة آية أفرو تهاجم شباب سودانيون تحرشوا بها أثناء تقديمها برنامج على الهواء بالسعودية وتطالب مصور البرنامج بتوجيه الكاميرا نحوهم: (صورهم كلهم ديل خرفان الترند)    الإمارات.. الإجراءات والضوابط المتعلقة بالحالات التي يسمح فيها بالإجهاض    إسرائيل: «تجسد الوهم»    الإعدام شنقاً حتى الموت لشرطى بإدارة الأمن والمعلومات    اللعب مع الكبار آخر قفزات الجنرال في الظلام    انقطاع الكهرباء والموجة الحارة.. "معضلة" تؤرق المواطن والاقتصاد في مصر    نصائح مهمة لنوم أفضل    إغلاق مطعم مخالف لقانون الأغذية بالوكرة    شرطة بلدية القضارف تنظم حملات مشتركة لإزالة الظواهر السالبة    التضخم في مصر.. ارتفاع متوقع تحت تأثير زيادات الخبز والوقود والكهرباء    إجتماع بين وزير الصحة الإتحادي وممثل اليونسيف بالسودان    أمسية شعرية للشاعر البحريني قاسم حداد في "شومان"    بنك السودان المركزي يعمم منشورا لضبط حركة الصادر والوارد    عودة قطاع شبيه الموصلات في الولايات المتحدة    داخل غرفتها.. شاهد أول صورة ل بطلة إعلان دقوا الشماسي من شهر العسل    محمد صبحي: مهموم بالفن واستعد لعمل مسرحي جديد    خطاب مرتقب لبايدن بشأن الشرق الأوسط    السودان.. القبض على"المتّهم المتخصص"    قوات الدفاع المدني ولاية البحر الأحمر تسيطر على حريق في الخط الناقل بأربعات – صورة    الغرب والإنسانية المتوحشة    رسالة ..إلى أهل السودان    من هو الأعمى؟!    حكم الترحم على من اشتهر بالتشبه بالنساء وجاهر بذلك    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وعد من لا يملك لمن لا يستحق!! .. بقلم: أم سلمة الصادق
نشر في سودانيل يوم 02 - 06 - 2011


بسم الله الرحمن الرحيم
تأتي تصريحات بعض المسئولين بما يؤكد تخليطا تاما في المفاهيم وتماهيا في حدود الملكية بين المسئول ودولة الوطن. و الناس متشابهون في أمور كثيرة، لا يميزهم عن بعضهم بعضا إلا ما يحملون من :- معتقدات ،أو- ضمائر حية هي النفس اللوامة التي تعمل على إرجاعهم عما يقترفون ، متى ما غادر فعلهم خطوطا حمراء بحسب تلك المعتقدات أو غادر فعلهم ما تطمئن إليه ضمائرهم الحية ، أو- رقابة جمعية ترجعهم عن الأخطاء متى ما ارتكبت، بالنصح والمحاسبة وعلى تلك الرقابة معظم الاعتماد لمراجعة الأخطاء لأن معاييرها تصلح للجميع أصحاب الروادع الذاتية وغيرهم .
لذا نؤكد حاجتنا كبشر لمثل تلك الجهات التي تحاسب –خاصة لمن هم في مواقع المسئولية. وبسبب تلك الحاجة اكتسبت مقولة لورد أكتون :السلطة مفسدة و السلطة المطلقة مفسدة مطلقة هذا الرواج لصدقيتها في كل تجربة إنسانية تستدعيها .فالحكام الذين ينفردون بسلطات مطلقة يفسدون كذلك بلا حدود ولا يستمعون لنصح أو مراجعة، وعندها يُخّيل إليهم أن مناصبهم كحكام، هي ذرائعهم وأذرعهم لتملك موارد الدولة، مما نجده مثبتا في مثل قوله تعالى في سورة الزخرف "ونادى فرعون في قومه قال يا قوم اليس لي ملك مصر وهذه الانهار تجري من تحتي افلا تبصرون"آية 51 ففرعون حاكم مصر المستبد يجعل حجته ، للسخرية من موسى نبي الله :أنه ملك لمصر فخيراتها ومواردها التي ترمز إليها (الأنهار) هي له فكيف يعارضه أو ينصحه موسى (العيي المهين الذي لا يكاد يبين)؟ وقد ثبت من روايات التاريخ ومن القرآن الكريم خطل تلك الحجج الفرعونية وضعف منهجيتها. ونعرف كلنا المصير الذي آل إليه فرعون رغم أن قومه في فترة ما قد تبعوه وأطاعوه " فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ"الزخرف 54.
وتأتي تلك الطاعة لمن هم في موقع السلطة برغم ضعف حجتهم وفساد مواقفهم ، تأكيدا لما يقوله علماء النفس الاجتماعي من أن تضخيم قدرات من هم في السلطة تنسينا الالتفات إلى الواجبات المستحقة عليهم والتي هي الشروط المستحقة، التي يجب عليهم الوفاء بها- إن أرادوا الحكم.وللسلطة بريق يخدع الآخرين فيحسبون (أن القبة تحتها فكي) مهما كانت خاوية على عروشها لا تقوم على شيء.لذلك يجب تطوير الآليات التي تكسر حدة ذلك البريق و بموجبها تخضع السلطات التنفيذية لسلطة تشريعية أعلى منها- هي البرلمانات التي ينتخبها الناخبون لرعاية مصالحهم وحفظ حقوقهم، بمثل ما هو كائن في الدول التي تنتهج الديمقراطية وسيلة للحكم وتسود فيها قيم الحكم الراشد من محاسبة ومشاركة وشفافية وسيادة حكم القانون مما نجده مطابقا في وجوه كثيرة لما أمرنا به الله تعالى نهجا للحكم وسياسة الناس.
أما ما نجده في سودان الإنقاذ اليوم، فهو نظام حكم شمولي كامل الدسم (بالرغم من الانتخابات الابرلية) التي أتت مجاراة وخضوعا لنيفاشا وقد فرضت بأيد خارجية ،و نفذها الأبالسة باللعب في شيطان تفاصيلها فأتت ببرلمان يجتمع تحت قبته من يحبهم الانقاذيون ويمنع عنه من يكرهون .
ولأن النظام في السودان ديكتاتوري بمعنى الكلمة نجد في السودان أمثلة عديدة لمثل الحديث الذي أدلى به د.مصطفى عثمان إسماعيل مستشار رئيس الجمهورية ، والذي أوردته صحيفة السوداني في يوم الأحد 22 مايو 2011 مما نجده مطابقا حذوك النعل بالنعل على خطى ذلك النهج الفرعوني الذي أوردناه في مقدمة هذا المقال. وهو النهج الذي تضيع فيه الحدود بين ما هو للحاكم وما هو للدولة، فيصير الحاكم هو الدولة وتصير الدولة هي الحاكم أو كما قال لويس الرابع عشر(أنا الدولة والدولة أنا)!
أكد المسئول المذكور -بصفته مستشارا لرئيس الجمهورية:إن المليون فدان التي تردد أن السودان قد خصصها لحزب الوفد هي مطروحة لكل أبناء مصر وقال إن تلك القطعة من الأرض تأتي في إطار التكامل المطروح بين البلدين وهي ليست لمجموعة دون أخرى واستمر في قول أن الاقتصاد المصري واعد جدا إذا ابعد عنه الفساد )انتهى.وقد كان يشير للتصريح الذي أعلن به رئيس حزب الوفد المصري السيد البدوي موافقة نائب رئيس الجمهورية علي عثمان طه خلال لقائه الوفد الشعبي المصري ،الذي زار الخرطوم في 6 مايو الفائت ، على تخصيص مليون فدان صالحاً للزراعة بسعر رمزي، باسم حزب الوفد، في الولاية الشمالية للسودان.(تجد بقية تفاصيل الخبر في موقع حزب الوفد على الشبكة العنكبوتية).
في مصر نفى النائب المصري " مصطفى الجندي" وزير شئون السودان وأفريقيا في حكومة الظل الوفدية أن يكون قد تقدم بأي طلب للخرطوم بشأن تخصيص مليون فدان لحزب الوفد ، وقال " الجندي" في تصريحات خاصة ل " أفريقيا اليوم" لم أتقدم بأي طلب في هذا الصدد للقيادة السودانية، مضيفا لم أشارك زيارة حزب الوفد وبعض مرشحي رئاسة الجمهورية إلى السودان، فكيف تقدمت بهذا الطلب؟ مبينا أن زيارة حزب الوفد للسودان لا تمثل الدبلوماسية الشعبية المصرية. وقال " مصطفى الجندي" وهو منسق وفد الدبلوماسية الشعبية المصرية : ذهبنا إلى أثيوبيا ويوغندا لأن هناك أزمة بعد توقيع بوروندي على إتفاق عنتيبي، وكان لابد من تدارك الأمر، وتابع سوف نزور السودان للإحتفال بالثورة المصرية التي لم تنته بعد، فليس لدينا مشكلة مع السودان حتى نعجل بالسفر له الآن، فالمشكلات الداخلية بمصر كبيرة وعميقة ولابد من حلها أولا .
اثر هذا التنازع المصري وبعد أن انكشف ما أشار إليه أستاذ النور احمد النور في عموده المقروء (حروف ونقاط) سياسة وبيزنس سارع النائب الأول إلى إصدار بيان نفى فيه أن يكون السودان قد خصص مليون فدان لحزب الوفد المصري أثناء زيارة رئيس الحزب الدكتور السيد البدوي للخرطوم في اليومين الماضيين (من تاريخ نشر البيان).
أما الدكتور مصطفى إسماعيل فلم نجد في بحثنا عن متعلقات الخبر، ما يثبت تنصله من المنحة مثار عجبنا ، لذلك سنمضي قدما في تبيان خطورة هذا الكرم المفرط لدرجة التعدي على السيادة:
ولأننا نجد أن التصريح مثير للجدل في كل جزئياته (إذ أنه وعد من لا يملك لمن لا يستحق) إضافة لكونه يبشر بزوال صفة الفساد من الاقتصاد المصري بسبب ثورة 25 يناير لكنه يتجاهل كونه غارقا في وحل فساد الاقتصاد السوداني حتى النخاع ويكفي الاستشهاد هنا بتقرير المراجع العام السنوي للميزانية وما تطفح به الصحف حتى الحكومية وحكومية المزاج منها ،من نماذج للفساد تكفي لتخريب قارة كاملة ناهيك عن بلد ) ويقول أن المنحة أتت في إطار التكامل بين البلدين ،فأين هو هذا التكامل وما هي الجهة التي اتخذت قرارا بشأنه ومن فوضها؟أم هو إحياء لسيرة الديكتاتور الراحل نميري وقد اتخذ التكامل في مناخ التحالفات والتكتلات الدفاعية التي ذهبت وذهب رعاتها وقد أتت الانتفاضة الرجبية المباركة في 1986 رفضا لسياساته الخاطئة كلها ومنها هذا التكامل الذي ردته الحكومة الديمقراطية المفوضة لعيوبه ولعدم استجابته للمصالح الحقيقية للشعبين الشقيقين. لذلك سنحاول وسعنا إنزال التصريح أعلاه ، في منازل العقل بعيدا عن العواطف حتى لا تربط العواطف لساننا أو قلمنا فلا نكاد نبين وهو أمر وارد في مثل هذه المواقف الصادمة للشعور العام.
في البداية علينا طرح سؤال محوري:
ما الذي يجعل مستشارا لرئيس الجمهورية بصفته تلك، يتمسك بمنحة قد حملت الأخبار تنازع من منحت لهم على صحتها وتشكيكهم بالصورة التي جرت عليها فينصب نفسه إلها يهب و يمنع فوق الجميع؟ خاصة وقد تنصل من المنحة بصورتها المعلنة النائب الأول الذي كان هو من تقدم بها كما ورد في الأخبار. وفي هذا السياق لا يكفي ما ورد بلسان المستشار الرئاسي كون المنحة ليست لحزب معين بل هي منحة للشعب المصري لأن من تقدم بالطلب حقيقة هي جهة محددة (السيد البدوي باسم حزب الوفد)كما هو معلوم .
و لا شك أن إجابة هذا السؤال تكمن في طي ذاك النهج الفرعوني الذي شرحناه في سابق حديثنا وفي طي علاقات القوى(الباطنية) الشائكة والشائهة في دولة الإنقاذ التي تجعل المستشار الرئاسي نافذ الكلمة متى ما رآها ،مهما استحال التنفيذ وعاقته العوائق.
ثم إن غادرنا الكليات إلى الجزئيات بحثا عن الإجابات، سوف لن نجد إجابة نطمئن إليها في مجرد استعراضنا لمؤهلات دكتور مصطفى عثمان فهو وبحسب ما ورد عن سيادته على الويكيبديا (وهي موسوعة حرة قد لا تكون المعلومات فيها مؤكدة ولكنها متاحة للتصويب لذلك نعتمد على ما بها من معلومة حيث لم يتم تصويبها من جهة ما) :
هو وزير الخارجية السوداني السابق ومستشار الرئيس السوداني عمر البشير. حاصل على شهادة البكالوريوس في طب الأسنان من جامعة الخرطوم ومن ثم ماجستير في الكيمياء الحيوية بعدها نال الدكتوراه في نفس المجال من جامعة الخرطوم، مارس مهنته عام1978 في وزارة الصحة بالسودان ثم عمل كمعيد في جامعة الخرطوم ومن بعدها أصبح محاضرا في كلية الطب سنة 1988 م
عين كوزير للخارجية في سنة 1998 حتى 2005 حينما أصبح مستشارا للرئيس السوداني عمر حسن أحمد البشير)انتهى .
فتخصصه الأكاديمي كطبيب للأسنان أو كحامل لشهادة دكتوراة في الكيمياء الحيوية لا يفسر لنا تغوله على أراضي الدولة السودانية وتوزيعها على الأغيار دون وجه حق كما أن سلطاته الحالية كمستشار لرئيس الجمهورية لا تبيح له هذا الحق في عرفنا وعلى ضوء ما وجدناه من حقائق عن حدود المواصفات الوظيفية للمستشارين ،حتى بنهج فرعون.
وحتى عندما كان وزيرا للخارجية فقد ارتبط د.مصطفى في ذاكرة كثير من السودانيين بتصريح مثير للجدل ينعت فيه شعبه (بأن الإنقاذ وجدتهم شحادين) وقد انتاشته وانبرت له كثير من الأقلام محلية ومهاجرة تقرعه وترده إلى سواء السبيل مثلما ورد في مقال السيد سالم احمد سالم بسودانيل وعنوانه (مصطفى عثمان إسماعيل :تجسيد حي لضمور القدرات) مما يجرده من الصلاحيات الواسعة التي قد يعطيها الحب في مجالات أخرى ،غير إدارة قضايا الدولة وشؤون الخلق، طبعا.كما اشتهر بتصريحات أخريات مثيرات للجدل أثارت عليه الغضب الشعبي مثل قوله : الشعب السوداني معروف اصلاً شعب بتاع ثورات لا يخاف .. لكن لماذا لا نقول أن الشارع السوداني مقتنع بهذه الحكومة؟؟
غير أن تجربتنا المتطاولة مع الإنقاذ زودتنا بأن هناك نوعان من المستشارين: أولئك الذين يُسكنون القصر من أجل الترضيات القبلية أو الحزبية أو بدوافع فرق تسد وهؤلاء ينعمون بمميزات المنصب المادية ولكن تحجب عنهم الصلاحيات والفعالية فيظلون بلا أعمال وبلا أعباء وتأتي الفئة الثانية من المستشارين (أولاد المصارين البيض) الذين لا تسعهم الوزارات-بسبب أو آخر فتتسع لهم القلوب بمثل هذه المناصب الاستشارية وتكون لهم سلطات واسعة يستمدونها من سلطات الرئيس بحسب قربهم منه ويبدو أن د.مصطفى إسماعيل من هذا النوع الثاني الذي يعلو ولا يعلى عليه.
و بالرجوع إلى التصريح مثار اهتمامنا على ضوء هذا المقطع الأخير يبدو أن الدكتور مصطفى قد أباح لنفسه توزيع المنح من أراضي دولة الوطن بالنهج الفرعوني الذي سبق شرحه،وإلا فما هو السبب الذي يخول للدكتور مصطفى مثل تلك الهبات الحاتمية من ملك ليس له (لا ورثة ولا شراء ولا هبة) ومتى ما ركنا إلى ذلك التفسير و بطل عجبنا سنصرف همنا إلى منازعته في هذا الحق الذي تغول عليه بينما نرى أنه لا يملكه وليس له.
قبل مناقشة هذا الأمر يجب التأكيد على أن ليس هناك وطني غيور يقف في وجه علاقة تبادلية صحيحة مع الشقيقة مصر كما أن موقف حزب الأمة الحاضر المدون في أدبياته الكثيرة هو مع تلك العلاقة التي تفيد الطرفين وكذلك الموقف التاريخي للحزب الذي حرره د.فيصل عبد الرحمن علي طه في كتابه الحركة السياسية السودانية والصراع المصري البريطاني بشأن السودان، من كل التهم التي رماه بها الأعداء أو سوء الفهم في تفسير هدف الحزب الاستراتيجي لتحرير السودان تحريرا كامل الدسم ثم إقامة علاقة ندية بين مصر الحرة والسودان الحر لتكون علاقة مستمرة بين الشعوب، وهو الموقف الذي استطاع الإمام الصادق المهدي إيصاله وشرحه لكثير من النخب المصرية إبان إقامته الجبرية والاختيارية في القاهرة في السنوات الماضية.
فلست في حاجة لمزيد من شرح بأن علاقة تقوم على رعاية المصالح المشتركة في معادلة ربحية لطرفيها برعاية حكومات تأتي برضا الشعوب هي التي نطمح لها وهي التي ستفيد الشعبين .
ولذلك سيكون نقاشنا منصبا لدحض مثل تلك المنح المشبوهة التي لا تقوم على أصل ثابت وتعتمد منهج الترضيات والرشاوي :
- أولا لا بد من التأكيد على أن أي استثمار اقتصادي أو تعاملات بينية مع دول أخرى أو حتى محليا لا بد من أن تتم بدراسة منهجية من جهات فنية اختصاصية تحدد الجدوى والمصالح وبالتالي لا يمكن إطلاقها من السياسيين في الهواء الطلق أو في جلسات الغرف المغلقة خدمة للعلاقات العامة .
- ثانيا ترفع مثل تلك الدراسات من الجهات الفنية المختصة للجهات التنفيذية أي الحكوميين الذين سبق أن تم تكليفهم بانتخابات نزيهة غير مشكوك في زيفها ونزاهتها.
- ثالثا منح الأراضي أو غيرها من عطاءات لا بد من خضوعها لتقييم يوضح مدى تعديها على سيادة الدولة المعنية ومصلحة سكانها فان تمت في إطار مشروع سياسي للوحدة بين بلدين لا يمكن للوحدة أن تتم دون رضا الشعوب عبر حكومات منتخبة انتخابا صحيحا.
رابعا: حتى في اطار الوحدة المتفق عليها والمتراضى عليها بين الشعوب لا يمكن أبدا تحديد منح قطعة أرض سودانية دون الرجوع لسكان المنطقة المراد منحها ومعرفة ما هو موجود على الأرض ولتوضيح هذه النقطة نستعين بالتقرير الذي أفادنا به الأستاذ حسن بركية والمنشور على سودانيل في 10 مايو المنصرم تحت عنوان : أراضي الولاية الشمالية...الخطيئة والقربان!!حيث ذكر ( والمتابع للأوضاع في الولاية الشمالية يعلم أنها غارقة في صراعات حول الأراض وصلت مراحل في غاية الخطورة وهناك مجموعة شبابية تحمل إسم (شباب الشمالية للتصدي للقرار 206)تنشط في عدة مواقع وتعمل علي تعبئة المواطنيين ضد إية إتجاهات خاصة بالتصرف في أراضي الولاية ومن قبل تقدم البروفيسور محمد سعيد حربي نائب والي الشمالية بإستقالته من المنصب إحتجاجا علي تغول وحدة تنفيذ السدود علي أراضي الولاية الشمالية.ويستمر قائلا (إن الولاية الشمالية المثقلة بجراحات الماضي في ملف العلاقات السودانية المصرية وما تزال قضية ترحيل أهالي وادي حلفا ضحايا إنشاء السد العالي رغم مرور ما يقارب نصف قرن باقية في الأذهان كمثال حي لظلم ذوي القربي وتجاوزات الساسة.وقضية الأرض في الولاية الشمالية من أكثر القضايا الشائكة والمعقدة وهي العامل المشترك في كل النزاعات والصراعات هناك.
ثم نتقدم بهذا الطلب المشفوع بالحجج التي تقف عائقا في طريق مثل تلك المنح التي لا تصب في مصلحة الشعوب لأنها تقوم على السرية وعلى الفوقية وعدم المنهجية فلا تشرك المختصين ولا أهالي المنطقة المراد منحها وتعتمد منهج الرشاوي والاكراميات تقربا واعتذارا على أخطاء الماضي وأوزاره ونقول أن تلك الأساليب على بؤسها لن تمنع القدر وهي بالتأكيد لا تنفع في مصر اليوم ، مصر التي طرحت ماضيها الكئيب بثورة نرجو أن يعمنا خيرها.وطلبنا الذي نتقدم به لسعادة المستشار الرئاسي ،نؤكد فيه أن السودان ليس ضيعة خاصة به حتى يبذل أرضها للآخرين كما نؤكد مع صاحب التقرير المذكور(السيد حسن بركية) : أن ملف العلاقات السودانية المصرية المثقل بخطايا وجراحات الماضي ومخلفات الفشل المشترك هو أكبر من أن تنقله تبرعات الأبقار(التي سبق أن تبرع بها الرئيس لمصر) والأراضي(التي تبرع بها المستشار) إلي مربع جديد يستمد مشروعيته من روح الشعبين).
وسلمتم
umsalama alsadig [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.