اوراق متناثرة إلى وداد صديق!! غادة عبد العزيز خالد انتقلت الى رحمة مولاها في مساء يوم الأربعاء 11 مايو 2011،الأستاذة الفاضلة «وداد صديق». ولربما لم يسمع معظمكم عن اسم «وداد صديق» الا بعدما سرى نبأ وفاتها ونشر نعيها في معظم الصحف السودانية والمواقع الاليكترونية بصفتها زوجة أخينا الأستاذ فتحي الضو. ولا تثريب، فلقد تعرفت انا كذلك على «وداد» قبيل حوالي العقد والنصف من الزمان وأيضا بذات الصفة،ولكن ما ان التقيتها حتى صارت معرفتي بها واعزازي لها لذاتها، وأكاد أعاهدكم ان هذا كان في يوم سيكون ايضا حالكم. جرى اللقاء في ظهر يوم جميل ساطعة شمسه، ناقلة اشعتها الى المرء مراسم الاحتفاء بالحياة. سالمتها في منزلها الذي كان واقعا بأحد أحياء أسمرا الهادئة، وكانت قد دعتنا اليه ليس لأننا من الخاصة، بل لانها طبيعتها السودانية الأصيلة التي تحتفي بكل زائر ومقيم سوداني.وبنظرة سريعة الى وجه «وداد» الذي كانت تزينه ابتسامة رائعة، لمست فيها ملامح الانسانة البسيطة الحنونة الهادئة والوديعة، واقسم لكم بكل الصدق الذي استطيع ان أتحدث به أنني لم أبالغ في كلمة واحدة هنا كتبتها.بل حقيقة، اشعر أنني لم استطع أن أوفيها حقها ولكنني قد حاولت وأتمنى أن يكون لي «على الأقل» اجر الاجتهاد. كان بصحبة «وداد» في ذلك الوقت ثلاثة من الأبناء، ولد وابنتان أسعدتني الأيام برؤيتهم قريبا فوجدتهم «ما شاء الله وتبارك في خلقه» قد كبروا ليدخلوا الجامعات ويتفوقوا فيها. وبعد وصول «وداد» وأسرتها الى الولاياتالمتحدة، وضعت مولودا فازداد عدد أسرتها الرائعة. الا أن فرحتها لم تدم طويلا حيث علمت وابنها لا يزال رضيعا، أنها تحتضن في جسدها سرطان الثدي الخبيث. واذكر حديثها في ذلك الوقت وهي تقول إنها ستتناسى تماما أن مرضها قاتل وستعمل على مقاومته وهزيمته بكل قوة وعزيمة، وصدقت «وداد» فلقد ظلت تحارب المرض بكل صبر لسنوات طويلة حتى صرعته في فترة فقط ليعود المرض مرة أخرى، وبخبثه المعهود، الى جسدها. وآخر لقاء لي ب«وداد» كان قبيل الأربعة أشهر والنصف حينما زرتها ووالدي وأسرتي في منزلها بمدينة «شيكاغو».وبدت لي «وداد» تعبة جدا ومرهقة، الا أنها ظلت محتفظة بذات الابتسامة الرائعة التي لفتت نظري بها في أول يوم التقيتها. وظلت كذلك ذات الانسانة الحنون الهادئة الوديعة التي تحتضنك بنظراتها قبيل حتى ان تتعرف عليها. وتحدثت معها عن مرضها، فأخبرتني بان المرض قد وصل الى الغدد اللمفاوية وأنها تدرك تماما أن ليس لحالتها طريق الى شفاء، بل هي محاولات علاج تبعد بها الآلام وشبح النهاية حتى يكتبها الله لها. كان بصوتها ايمان عميق وهي التي تصبرنا قائلة بان لكل انسان أجلاً وحينما يدنو فلا يستأخر ساعة ولا يستقدم. ان فراقك يعز علينا يا «وداد» والحياة بدونك تبدو حقيقة خالية. اننا، في ذات الوقت، يا «وداد» بأمر الله راضون وان كنا على أنفسنا مشفقون. عزمنا على زيارتك مرة في خلال الأسابيع الماضية لكي نطمئن على حالتك ولم نستطع، فاعفي عنا بسماحتك المعهودة عجزنا وتقصيرنا في أمرنا. ولكي في رقدتك النهائية دعواتنا بان يرحمك الله برحمته الواسعة وان يصبر زوجك وأسرتك على فراقك القاسي «اللهم آمين». الصحافة