الصادق المهدي الشريف [email protected] . تابعت بكلِّ إهتمام ما فعله السيد على محمود وزير المالية مع الزميل أبوالقاسم إبراهيم بالقسم الإقتصادي لصحيفة السوداني. ففي إطار تحريه للمهنية في أداء عمله.. ذهب ابو القاسم الى وزير المالية ليسأله بشأن مستند يحمل توقيع الوزير (شخصياً) يخصُّ عقداً لأحد المدراء التابعين للوزارة. فالمهنية كانت تقتضي من أبو القاسم أن يسال الوزير كطرف في التحقيق الذي يجريه... لكنّ لأنّه صحافي، وبعضُ الدستوريين (قد) لا يخافون من الله، وهو معهم اينما كانوا... ولكن يخافون من الصحفي أن يطلع على بعض (عواستهم). ألف وخمسمائة عُذر كان بإمكان الوزير أن يدفع بها أمام الزميل قاسم للمخارجة مِمّا تحويه الوثيقة.. ومليون حجة تصنعها الحكومة لمنح المال... ومنها بدعة (الخبير الوطني). لكنّ... فجأة... تقافزت الشياطين في رأس الوزير... فاقدم على تصرفين خاطئين. الأول هو سؤاله للزميل ابوالقاسم (هذا مستند رسمي.. من اين جئت بهذه الوثيقة؟؟؟). والوزير قد يعلم (أو لا يعلم) أنّ قانون الصحافة للعام 2009م في المادة 27 منه يتحدث عن حقوق الصحافي وحصانته ويقرأ : يتمتع الصحافي بالحقوق والحصانات الآتية (أ) عدم تعريضه لأي فعل بغرض التأثير على أدائه أو نزاهته أو التزامه بواجباته المهنية. (ب) حماية مصادر معلوماته الصحفية. وبمعلومية هذا فإنّ السؤال الذي طرحه الوزير على أبوالقاسم كان يفتقد (للحصافة والثقافة القانونية).. كان سؤالاً إعتباطياً، لا يتوقع عليه إجابة ولو داخل المحكمة. فمحك الصحفي أن يثبت (صدق مستنداته)... أما من اين تحصل عليها فذلك ما يكفله له القانون.. بحفظ مصادر معلوماته... ومن سوء حظ الوزير أنّ أول عبارة له إعترف فيها بصحة المستند (هذا مستند رسمي). الخطأ الثاني الذي إرتكبه الوزير هو أمره لحرسه الشخصي بإعتقال الصحفي، وهو ما يفتقر للكياسة والثقافة القانونية كذلك. فليس من حقَّ الوزير أن يأمر بإعتقال صحفي، ولا من حق أيِّ جهة أن تفعل ذلك وفق قانون الصحافة الذي أجازه المجلس الوطني... ووزير المالية هو أحد أعضاء المجلس الوطني.. ونتمنى من الله انَّه لم (نائماً) أثناء مداولات المجلس بشأن القانون. فالفقرة (ت) من المادة 27 من ذات القانون تقرأ (عدم تعرض الصحفي للمساءلة عند نقله للمعلومات العامة أو التعبير عن رأيه، إلا وفقاً لأحكام القانون، فيما عدا حالات التلبس... ولا يجوز القبض على الصحافي بشأن أي تهمة تتصل بممارسته لمهنته الصحفية، إلا بعد اخطار رئيس الاتحاد العام للصحافيين). لكنّ الوزير جاء في الزمن الخطأ ليتصرف التصرف الخطأ... فلو أنّه فعل ذلك قبل عشر سنوات، وقذف بالصحفي الى أحد بيوت الاشباح.. لما عرف عنه أهله شيئاً. لكن حين يكون الوزير عضواً بالمجلس الوطني.. ويجيز قانوناً للصحافة.. ثُمّ يدوس عليه بقدميه.. أو يصبح القانون صنماً من العجوة يأكله أيِّ وزير ساعة يجوع... فهذه هي ماساة هذا الوطن الجريح. التيار