لماذا يتعامل البشير مع مشكلة ابيئ عسكريآ...ومع حلايب والفشقة?!! بكري الصايغ ***- النزاع السوداني- المصري حول منطقة حلايب يدخل الأن عمره ال55 عامآ علي اعتبار انه نزاع بدأ اصلآ لاول مرة عام 1956 في زمن حكم الراحل الاميرلاي عبدالله خليل الذي كان رئيسآ للوزراء وقتها بعد سقوط حكومة الرئيس الراحل اسماعيل الازهري في يوم 2 فبرائر 1956 -اي- بعد شهر من رفع اسماعيل الازهري علم السودان ذو الثلاثة الوان من علي سارية القصر الجمهوري، ***- وكان وقتها الراحل اللواء محمد نجيب هو رئيس الجمهورية المصرية. وكان عبدالله متشددآ في رأيه وان حلايب سودانية مائة في المئة ودونها \"الدم للركب\" ،واصدر توجيهاته الصارمة للجيش السوداني بالتحرك نحو حلايب وطرد القوات المصرية منها بالقوة واستعادة المنطقة. ***- ( حتي عام 1969 وقبيل انقلاب الراحل جعفر النميري كان الاسم الرسمي ل\"قواتنا المسلحة\" هو \"الجيش السوداني\" ولكن تغير الاسم رسميآ بعد اتفاق وزراءالدفاع العرب بالجامعة العربية عام 1971 علي الغاء كلمة \"جيش\" واستبدالها بالاسم الجديد الذي يسري الأن علي كل الدول الاعضاء بالجامعة العربية وهو \"القوات المسلحة\" وذلك بغرض توحيد الاسماء والرتب العسكرية عربيآ..وبناءآ علي هذا الاتفاق العربي تم الغاء اسماء الرتب العسكرية القديمة في السودان مثل \"بكباشي\" \"اميرلاي\" \"يوزباشي\" واستبداها بما هو ساريآ الأن بالقوات المسلحة). ***- كان الرئيس المصري الراحل محمد نجيب وقتها رجلآ حصيفآ وذو رأي صائب فتعامل مع المشكلة بهدوء وتم سحب القوات المصرية حلايب علي الفور قبيل وصول قوات الجيش السوداني وبسطت القوات سيادتها علي المنطقة وسرت فيها القوانين السودانية. ولكن المشكلة ظلت قائمة بين البلدين ولاتظهر علي السطح الا عند اشتداد الازمات بين البلدين ثم تختفي تلقائيآ بمجرد عودة المياة الي مجاريها بين الخرطوموالقاهرة. ***- كان الرئيس الراحل جمال عبدالناصر عكس سابقه محمد نجيب ، اعتبر جمال ان حلايب مصرية ولكنه لم يلجأ لارسال قوات من جيشه لمنطقة حلايب لان ماعنده من مشاكل محلية وعالمية وحصار اوروبي علي بلاده كانت كافية عليه وتزيد مما جعلته ويؤجل طرح مناقشة النزاع مع الرئيس الراحل ابراهيم عبود، ***- وكان الرئيس الراحل جعفر النميري يتعامل مع مصر بود شديد ويتغاضي النظر دومآ عن مشكلة حلايب، بل انه ومن اجل نجاح \"التكامل\" مابين مصر والسودان اقتصاديآ وسياسيآ ودفاعيآ اعلن ان حلايب مصرية مائة في المئة!! ***- وجاء حكم الدكتور حسن الترابي الذي حكم البلاد من عام 1989 وحتي انقلاب البشير الابيض عليه في ديسمبر 1999 ليصعد مشكلة حلايب في بداية التسعينيات ابان الازمة الطاحنة بين البلدين،وتم ارسال قوة من القوات المسلحة الي حلايب حيث اشتبكت في معركة مع فصيلة من القوات المصرية التي كانت ترابط بحلايب وسقط ثلاثة جنود صرعي برصاصات القوات المصرية. ***- ولكن وبعد محاولة اغتيال الرئيس المصري السابق حسني مبارك في 25 يونيو 1995 باديس ابابا واتهام الخرطوم بالمحاولة قامت مصر كامل بوضع يدها علي منطقة حلايب وعززت وجودها هناك بقوة عسكرية ضاربة وسدت كل المنافذ بحيث لايدخل احدآ من السودان الا باذن من السلطات المصرية، ***- ومنذ ذلك التاريخ (1995) وحتي اليوم لم يقرب احدآ من كبار المسؤوليين بالحزب الحاكم او بالقصر او بالمجلس الوطني حلايب ، بل ولاحتي ولاة ولاية البحر الاحمر الذين تعاقبوا عليها من دخول حلايب!!، ***- وتاتي الغرابة في ان ان عمر البشير ومنذ 21 عامآ وطوال سنين حكمه الطويل لم يقرب حلايب ولافكر في زيارتها مع انه كثيرآ ماكان يزور ولاية البحر الاحمر...وحلايب علي بعد كيلو مترات منه!! ***- لقد سبق للبشير ان زار اغلب مناطق البلاد ان لم يكن كلها الا حلايب، ***- زار تقريبآ كل البلاد العربية واغلب الدول الافريقية، وزار اميريكا والصين واندونيسيا وكوبا وايطاليا وتركيا وموريتانيا، وزار السعودية اكثر من 15 مرة ،والقاهرة يعرفها اكثر من معرفته لامدرمان و\"حوش بانقا\"، ولكنه وعن عمد ومع سبق الاصرار والترصد يتجاهل زيارة منطقة شلاتين وحلايب ويتجاهل ايضآ مواصلة اهلها ومعرفة احوالهم، بل وزيارة الكتيبة العسكرية السودانية ورفقاء سلاحه هناك!! ***- هناك قصة وراء عدم تخلي الحكومة المصرية باصرار عن حلايب وتنازلها للسودان. ***- ففي ايام حكم الترابي وسيادته علي البلاد في اوائل اعوام التسعينيات وايام وجود الايرانيين العسكريين بكثرة في السودان، اقترحت الحكومة الايرانية علي المسؤوليين السودانيين بتحويل منطقة حلايب الي اكبر قاعدة عسكرية في افريقيا، وكان غرض الحكومة الايرانية ان تضع قواتها بالمنطقة ليشرفوا علي البحر الاحمر ومراقبة مايجري داخل مصر وتصدير \"الثورة الايرانية\" الي داخل مصر من عبر حلايب، اقترحت ايران انشاء اكبر \"ترسانة عسكرية\" وانشاء مطارات حربية بالمنطقة،وابدت الحكومة الايرانية تحملها لكافة مصاريف المشروع العسكري. كان الترابي موافقآ بشدة علي الاتفاق السري الذي عرفته القاهرة فبادرت بوضع يدها علي المنطقة بسرعة فائقة وبسطت هناك نفوذها العسكري القوي. ***- وماان سمع الترابي بالوجود العسكري المصري بالمنطقة حتي راح يهدد القاهرة بانه سيقطع عنهم مياة النيل ويهدم السد العالي!! ***- راح الترابي وانتهي زمنه وجاء البشير ليحكم بعده مجددآ البلاد ولكن بصورة مغايره عن سابقة، لزم الصمت تجاة قضية النزاع السوداني- المصري حول حلايب، ورفض التعليق علي المشكلة لاسلبآ ولاايجابآ، منع وزراءه ومسؤوليه من زيارة المنطقة، منع صحافيه واجهزة اعلامه بعدم اثارة موضوع النزاع، ومنع المجلس الوطني من مناقشة المشكلة، رفض ان تتم مناقشة حلايب بالجامعة العربية او بالامم المتحدة، ***- طلب البشير من الجميع ان يتعاملوا مع ملف حلايب بلطف ورقة والا يزعجوا مصر وان يغيروا لهجاتهم ويستعملوا كلمات انيقة لطيفة مثل \" التكامل\" \"...\"حلايب منطقة استثمارية بين البلدين\"...\"لن ندع حلايب وتكون خميرة عكننة بين الخرطوموالقاهرة\"...\"حلايب مصرية سودانية-سودانية مصرية\"!!! ***- ***- اكتب كلامي هذاوصوت دوي قصف الطائرات الحربية لمنطقة ابيئ اصبح مسموعآ في الخرطوم.... ***- واسأل: لماذا يتعامل البشير مع مشكلة حلايب بمنتهي الرقة واللطف ولايحبذ اطلاقآ اي حلول عسكرية او توترات بالمنطقة...ويتعامل بالعكس تمامآ مع مشكلة ابيئ ،ومنذ عام 2006 وكل حلوله لانهاء الازمة بالمنطقة -من وجهه نظره- يجب ان تتم عسكريآ?!!...اخر احصائية عن اعداد القتلي بمنطقة ابيئ فاقت ال70 ألف قتيل والعدد قابل للارتفاع في ظل تفكير البشير الارعن?!!... ***- لماذا لايتعامل البشير مع ملف النزاع في ابيئ كتعامله مع ملف حلايب...وكلا المنطقتين سودانيتين..ولماذا هذا الخيار والفقوس?!!