إليكم . الطاهر ساتي [email protected] مطلوب وزارة للتوجيه والجودية ...!! ** ومن اللطائف التي يحكونها عن الرئيس الراحل جعفر نميري، رحمة الله عليه، أنه في إحدى مراحل حكومته صار يحيل ملفات قضايا الناس والبلد إلي لجان، وما أن يأتيه أي وزير أو مدير بقضية بحاجة الي قرار رئاسي يحيل القضية إلى لجنة، فنبهه أحد المقربين إليه إلى خطأ نهجه هذا، موضحا له بأن هناك قضايا حلولها لاتحتمل التأخير وتلكؤ اللجان، بل يجب حسمها عاجلا بقرار رئاسي، أوهكذا نصحه..نميري لم يكن منتبها للنصح أو كان مشغولا بأمر آخر، و لذلك ما أن أكمل ذاك نصيحته، عاجله قائلا : (خلاص بعدين نشكل لجنة نشوف الموضوع ده )..فخرج الناصح محبطا ..!! ** واليوم أيضا جهات بالدولة تنتهج نهجا شبيها كذاك، أي هناك مخالفات بحاجة إلى محاسبات حاسمة وسريعة، ولكن تلك الجهات تستبدل المساءلة والمساءلة بالتوجيه..ولو أي قارئ حصيف أخضع صحف اليوم وكل يوم إلى مراجعة دقيقة، سوف يجد بأن مفردة ( وجه) هي الأعمق حضورا في الأخبار.. وأحلم بصحيفة تصدر ذات صبح وهي لاتحمل خبرا يبدأ ب ( وجهت رئاسة الجمهورية.. وجه والي ولاية .. وجه مجلس الوزراء .. وجه ..)، بين كل توجيه وتوجيه، توجيه آخر..وللأسف ما يوجهون بها هي التي يجب أن تكون بلا توجيه ..على سبيل المثال، هناك قرار رئاسي وآخر وزاري بمجانية التعليم وبعدم فرض أي نوع من الرسوم على أي طالب وبعدم منع أي طالب عن الجلوس لأي إمتحان بسبب عجزه دفع الرسوم، هكذا القرار واضح كما شمس الضحى..ومع ذلك، لا تمر ثلاثة أشهر من أي عام دراسي وإلا نقرأ توجيها رئاسيا أو وزاريا للولايات والمحليات بعدم فرض الرسوم على الطلاب..والتوجيه لايصدر إلا بعد أن تبلغ أرواح أولياء أمور الطلاب حلقومهم من ( هول الرسوم )..!! ** البارحة، وجه نائب رئيس الجمهورية - للمرة الألف تقريبا - الولاة ورؤساء المحليات بعدم فرض الرسوم على الطلاب، وما وجه بذلك إلا بعد تراكم شكاوى الطلاب وأولياء أمورهم على صفحات الصحف ومجالس الناس..وبعد ثلاثة أشهر - أو أقل - سوف نقرأ توجيها كهذا من وزير التعليم العام، فقط ترقبوا أقرب مؤتمر صحفي أو ندوة..وهنا نسأل بكل براءة، إن كان قرارا رئاسيا لم يضع حلا لقضية هذه الرسوم، فماذا يجدي التوجيه؟.. أي بالبلدي الفصيح : إذا كان قرار الرئيس - شخصيا - ما مسموع، توجيه النائب شنو طعمو؟.. فالمعروف في الدنيا كلها - ما عدا السودان طبعا - هو أن أي مسؤول لايلتزم بتنفيذ قرار صادر عن المسؤول الأعلى منه، يعد مخالفا للقرا، ويجب مساءلته ثم محاسبته ولوبالإقالة، لأنه ( لحس قرار مسؤوله)..ولكن في بلاد العجائب هذه، مخالفة القرارات الصادرة عن أعلى الجهات السيادية والإتحادية بالبلد ليست بمخالفة، بل تلك المخالفة أصبحت نهجا ولائيا و محليا، ولذلك تخرج لهم تلك الجهات العليا بين الحين والآخر بالجودية المسماة - سياسيا واعلاميا - بالتوجيه .. بصراحة كدة : الناس شبعت وزهجت من أسطوانة توجيهاتكم .. !! ** لايجب أن يكون هناك توجيها في مخالفة كتلك، بل المساءلة ومحاسبة هي الحل الناجع، لكي يكون هذا الوالي المخالف - أو رئيس محليته غير المسؤول - عظة وعبرة لغيره ..رسوم الطرق، نموذج آخر، حيث هناك أكثر من قرار أصدرته رئاسة الجمهورية ووزارة المالية بعدم فرض الرسوم على الطرق الولائية، ولكن الولاة ورؤساء المحليات - كأن هذا القرار لايعنيهم - يضربون به عرض الحائط ويفرضون رسومهم بمنتهى اللامبالاة واللامسؤولية على العربات وما بها من سلع أو محصول، ولك أن تعلم يا صديقي بأن آخر عبقرية جادت بها عقول ولاة الأمر بولاية كسلا هي رسوم مسماة ب( رسوم دفار)..إيصالها بطرفي، إستلمها سائق الدفار عند مدخل محلية حلفا بقيمة (25 جنيها) ، ولو كان يقود سيارة أخرى لاسموا رسومهم تلك ( رسوم لوري، رسوم بوكس، رسوم كومر .. رسوم كارو .. وهكذا اسم الرسوم حسب نوع سيارته )..هذا نموذج بدعة تتحدى رئاسة الجمهورية وكل المؤسسات الإتحادية التي أمرت الولايات والمحليات بعد قطع الطريق وبإيقاف عمليات (النهب المصلح)..والنماذج كثيرة،بحيث لاتحصى ولاتعد..قرار رئاسي أو وزاري، تقلب له الولايات والمحليات ظهر المجن، ثم نقرأ توجيه رئاسي و آخر وزاري بتنفيذ القرار، هكذا ( الحسم ).. ولك ان تعلم يا صديق بأن هناك مكتب في مجلس الوزراء اسمه ( مكتب دعم القرار الرئاسي)، ومهمته هي متابعة تنفيذ القرارات الصادة عن رئاسة الجمهورية..تخيل، مكتب - بموظفييه وهواتفه وسياراته وميزانيته - لدعم القرار الرئاسي، ومع كل ذلك لا يجد القرار دعما، بل تقابله الولايات والمحليات بالتجاهل، ليعقب التجاهل توجيها رئاسيا أيضا..وعليه، نقترح تأسيس وزارة هامشية جديدة تحمل اسم (وزارة التوجيه للجودية والطبطبة العامة)..لتصدر التوجيهات إنابة عن جهات البلد العليا، إذ التوجيه المهمش يليق بوزارة مهمشة كهذه، ولكنه لا يليق ب ( الجهات العليا) ...!! ..................... نقلا عن السوداني