حديث المدينة توطين الدين بالداخل..!! عثمان ميرغني (طرد المتفلتين).. عبارة استخدمتها غالبية الصحف أمس لتنقل خطاب السيد رئيس حزب المؤتمر الوطني المشير عمر البشير أمام الجلسة الختامية لمجلس شورى المؤتمر الوطني.. البشير استخدم كلمة (متفلتين) أكثر من مرة.. وطالب بطردهم.. بل ولضمان قفل الباب في وجه أي (متفلتين) جدد طلب أن يؤدي أعضاء الحزب القسم.. الحلف باليمين على الإخلاص والطاعة للحزب.. وطالما أن هناك (متفلتين) استدعى (تفلتهم) أن يوجه الرئيس بطردهم.. إذاً هناك مشكلة حقيقية داخل حزب المؤتمر الوطني.. ليس لدي معلومات حول المقصود/ين بالتفلت.. لكن الربط بقضية الفريق أول صلاح قوش هو أول ما يطرأ للذهن.. فهل يعني هذا أن هناك تياراً داخل الوطني بدأ يتحرك في اتجاه لا ترضى عنه القيادة.. لو كانت الإجابة ب(لا).. لا يوجد تيار.. يصبح حزب المؤتمر الوطني في الطريق المفضي إلى الهاوية.. لأن ذلك يعني أنه حزب (بابوي) .. عقله مركزي.. عضويته تدار بالإشارة.. الفرق الوحيد بينها و(إشارة) الأحزاب الطائفية القديمة.. أن الإشارة هنا رقمية Digital بينما إشارة الأحزاب التقليدية Analog. وستكون الكارثة أكبر.. لو فعلاً استحدث حزب المؤتمر الوطني أداء القسم قبل قبول العضوية.. هنا تزداد حالة الإحساس ب(الحزب الدين).. فواحدة من أكبر معقدات العمل السياسي في بلدنا حالة (توطين الدين بالداخل).. داخل الحزب.. فيحس الذي يريد أن ينتقل من حزب إلى آخر .. أنه يمارس (الردة) عن دين إلى دين.. بينما الأحزاب ليست أكثر من (منابر سياسية قومية).. يمارس من خلالها الشعب نشاطه السياسي دون أي إحساس أن الدخول إلى الحزب دخول في دين.. والخروج منه .. خروج من الدين.. ويزيد من عمق هذه الحالة.. حالة (الحزب الدين) .. حديث السيد رئيس حزب المؤتمر الوطني المشير البشير ينبئ عن انفتاح الطريق نحو الدعوة الإسلامية.. حيث تخلص الحزب من عضويته من المسيحيين.. بعد ثبوت انفصال الجنوب .. لو كانت (الحركة الإسلامية) حققت نقلة نوعية عندما تحالفت واندمجت في حزب واحد مع مختلف الأديان والأعراق.. فالوضع الآن يبدو أقرب إلى (نقلة عكسية) في اتجاه الانكفاء.. والعودة إلى الماضي.. في تقديري أن حزب المؤتمر الوطني أصبح في حاجة إلى (إنقاذ) للتخلص من حالة (الإنقاذ) التي تتلبسه ولا يكاد يستطيع الفكاك منها.. العالم من حولنا يتغير والأنظمة تتساقط.. والشعوب العربية بدأت كلها ترفع لافتة واحدة (التغيير) وتهتف بهتاف واحد (الشعب يريد تغيير النظام).. فلا يمكن بعد كل هذا أن يصر المؤتمر الوطني على السباحة عكس التاريخ.. يبحث عن عضوية (محلفة) القسم.. لا تمارس (التفلت) من العقل المركزي.. التيار