الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يستقبل رئيس وزراء السودان في الرياض    طلب للحزب الشيوعي على طاولة رئيس اللجنة الأمنية بأمدرمان    شاهد بالفيديو.. فنانة سودانية تنفجر غضباً من تحسس النساء لرأسها أثناء إحيائها حفل غنائي: (دي باروكة دا ما شعري)    الخلافات تشتعل بين مدرب الهلال ومساعده عقب خسارة "سيكافا".. الروماني يتهم خالد بخيت بتسريب ما يجري في المعسكر للإعلام ويصرح: (إما أنا أو بخيت)    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء مثيرة.. تيكتوكر سودانية تخرج وترد على سخرية بعض الفتيات: (أنا ما بتاجر بأعضائي عشان أكل وأشرب وتستاهلن الشتات عبرة وعظة)    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    البرهان : " لايمكن أن نرهن سيادتنا لأي دولة مهما كانت علاقتنا معها "    يوفنتوس يجبر دورتموند على التعادل    نادي دبيرة جنوب يعزز صفوفه إستعداداً لدوري حلفا    أول دولة تهدد بالانسحاب من كأس العالم 2026 في حال مشاركة إسرائيل    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    "مرصد الجزيرة لحقوق الإنسان يكشف عن انتهاكات خطيرة طالت أكثر من 3 آلاف شخص"    د.ابراهيم الصديق على يكتب: معارك كردفان..    رئيس اتحاد بربر يشيد بلجنة التسجيلات ويتفقد الاستاد    عثمان ميرغني يكتب: المفردات «الملتبسة» في السودان    خطوط تركيا الجويّة تدشّن أولى رحلاتها إلى السودان    إحباط محاولة تهريب وقود ومواد تموينية إلى مناطق سيطرة الدعم السريع    محمد صلاح يكتب التاريخ ب"6 دقائق" ويسجل سابقة لفرق إنجلترا    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل خاص حضره جمهور غفير من الشباب.. فتاة سودانية تدخل في وصلة رقص مثيرة بمؤخرتها وتغمر الفنانة بأموال النقطة وساخرون: (شكلها مشت للدكتور المصري)    السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    تحالف خطير.. كييف تُسَلِّح الدعم السريع وتسير نحو الاعتراف بتأسيس!    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا لو اندفع الغزيون نحو سيناء؟.. مصر تكشف سيناريوهات التعامل    ريال مدريد يواجه مرسيليا في بداية مشواره بدوري أبطال أوروبا    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    شاهد بالصور.. زواج فتاة "سودانية" من شاب "بنغالي" يشعل مواقع التواصل وإحدى المتابعات تكشف تفاصيل هامة عن العريس: (اخصائي مهن طبية ويملك جنسية إحدى الدول الأوروبية والعروس سليلة أعرق الأسر)    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    وزير الداخلية يترأس إجتماع لجنة ضبط الأمن وفرض هيبة الدولة ولاية الخرطوم    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قطبي المهدي : لا نعاني هزيمة فكرية وهناك قصور وضمور فكري ..الظروف الاستثنائية في السودان تبقى عاملاً لتدخل جهاز الأمن في الشأن السياسي والقانوني؟
نشر في الراكوبة يوم 19 - 01 - 2012


حوار: يوسف الجلال – عبير عبد الله –
برّر رئيس القطاع السياسي بالمؤتمر الوطني؛ الدكتور قطبي المهدي، تدخل جهاز الأمن والمخابرات في الشأن السياسي والإعلامي بما أسماه الظرف الاستثنائي في السودان, وقال إنه يبقى عاملا لتدخل جهاز الأمن. بيد أن المهدي أقرّ في حوراه مع «الأحداث» بأحقية مذكرة الألف في المطالبة بمزيد من القيود القانونية والدستورية على نشاط الأجهزة الأمنية وربط قرارتها بالأجهزة السياسية, ومضى يقول: «من حقهم أن يطالبوا بصدور قرارات المؤسسة الأمنية بمعرفة الجهاز السياسي، وبقرار سياسي، وأن ينفذ الأمن فقط القرارات السياسية», ونفى مسؤول القطاع السياسي أن تكون المذكرة تهدف إلى تقليص مساحات تمدد نائب رئيس الحزب الدكتور نافع علي نافع, وشدد على أن تسليم المذكرة إلى الأخير يُعد إقراراً من مقديمها بالانضباط الحزبي, وبصلاحيات نائب رئيس المؤتمر الوطني للشؤون الحزبية. واستنكر قطبي الحديث عن أن حزبه يعاني غربة فكرية وتنظيمية بعدما تصاعد فكر المؤسسة العسكرية مقابل تراجع فكر الحركة الإسلامية, وأقر بوجود ما أسماه «تقصير فكري» وضمور في التخطيط والثقافة.
-هناك حديث حول أن المؤتمر الوطني مهزوم فكرياً وإلّا لما خرجت مذكرة الألف الإصلاحية؟
أعتقد أن المذكرة أشارت إلى جوانب كثيرة وليست فكرية فقط, ولكن إذا أخذتم الجانب الفكري يبقي الوعي بالقضية الفكرية في المؤتمر الوطني كان موجودا أصلا, وطرح في المؤتمر العام, وتم التوجيه لأمانة الفكر والثقافة, ورئيس القطاع نفسه اعترف بالقصور في هذا الجانب وقام بنقد ذاتي لنفسه ولقطاعه بأن هنالك تقصير, ومن هذه الناحية التي أشارت لها المذكرة فالأمر صحيح, وهي ليست هزيمة بقدر ما هو تقصير من جانب المؤتمر في هذا القطاع, وهذه قصة مشهودة وأنا قبل ذلك فسرت لماذا حدث هذا القصور، وقلت إن المواجهات السياسية العنيفة التي نخوضها بشكل يومي سواء كان ذلك في الداخل أو الخارج, جعلت تركيز الناس دائما يكون على القضايا الاستراتيجية التي نجابهها بشكل يومي, وهذا أخذ جزءاً كبيراً جداً من طاقتنا, سواء كان ما يتعلق بالأمن القومي أو الاقتصادي أو الحصار السياسي المضروب حولنا, والحملة الإعلامية الشديدة على السودان في المنابر الخارجية, وكلها جعلتنا نحشد طاقاتنا في هذ الاتجاه, وهذا جعل الاهتمام بالفكر والثقافة يضمر بعض الشيء. ومعلوم أن معركة الفكر في السودان لم تحتدم أصلا بشكل يجعل الناس يدخلونها بقوة ويهزمون فيها الطرف الآخر.
-لكن هناك تصاعد ملحوظ لفكر المؤسسة الأمنية والعسكرية, مقابل تراجع فكر الحركة الإسلامية؟
هي ليست المؤسسة العسكرية وأنا لم أشر لذلك. أنا تحدثت عن السياسة الاقتصادية, وهذه كلها معارك يومية نواجهها بشكل مصيري, وهنالك وضع اقتصادي يحتاج لمواجهة التحديات التي تواجه الاقتصاد السوداني بعد الانفصال والأزمة المالية العالمية. وسياسيا هنالك مواجهات كبيرة في الداخل والخارج. أما الجانب العسكري فيتعلق بالأمن القومي, وقد يكون شاملا لجوانب كثيرة وليست عسكرية فقط, ولم يكن هناك تركيز عسكري وحتى القضايا العسكرية الساخنة مثل التفاوض والحلول السلمية أخذت جانباً كبيراً.
-المذكرة الأخيرة ليست الأولى وسبقتها مذكرة العشرة الشهيرة التي رفضت هيمنة الأمين العام للمؤتمر الوطني وقتها الدكتور حسن الترابي على مفاصل الحزب, والآن الرئيس البشير يسيطر بصورة مطلقة على الحزب حتى إن البعض شبه المؤتمر الوطني بالاتحاد الاشتراكي, يأتمر بأمر رئيسه؟
هذا غير صحيح.. والمؤتمر التنشيطي الأخير تناول قضايا جوهرية, وناقش كل النقاط التي تطرقت لها المذكرة, وأهمية المذكرة في أنها بمثابة تذكير للقيادات والعضوية مفاده أن «الأشياء التي نوقشت في المؤتمر التنشيطي لم تنته بانتهاء المؤتمر ويجب أن تؤخذ مأخذ الجد», أما النقطة الثانية فتتمثل في متابعة تنفيذ قرارات المؤتمرات بعد أن قال الناس فيها رأيهم لإصلاح الحزب والدولة والإصلاح الديمقراطي, وهذه كلها واردة في المذكرة, وأعتقد أن المذكرة قدمت دوراً كبيراً في هذه النقاط. وأنا أتمنى لو أن المذكرة عبرت عن الاهتمام الشديد بالقضايا وملاحقتها, ومثلا الرئيس كوّن مفوضية للفساد بعد أن تطرق المؤتمر التنشيطي لموضوع الفساد, فهل المفوضية ستكون جسماً فارغاً أم أنها ستكون لها سلطة كافية ودستور وأجهزة فاعلة, هذا هو السؤال.
-لكن المؤتمر الوطني لم يقدم أيّما قضية فساد واحدة وظل يتعامل مع المفسدين بفقه السُّترة؟
ما دفع الرئيس البشير لإنشاء المفوضية, أننا كنا قديما نعتمد على الأجهزة المعنية بمحاربة الفساد مثل القضاء والنيابات والرقابة الإدارية والمجلس الوطني والإعلام, وهذا هو الطبيعي في كل دولة, ولتفعيل هذه الأجهزة قام الرئيس بتكوين مفوضية محاربة الفساد حتى تكون جهة مركزية لمتابعة العمل. الآن وبعد أن كُونت المفوضية نحن نطمح لأن تكون المفوضية فاعلة. وافتكر أن القلق الذي جعل بعض عضوية المؤتمر الوطني تهتم بالمذكرة التصحيحية, هو قلق مشروع ومطلوب ومهم جداً.. أنا أتمنى أن تأتي أكثر من مذكرة في هذا الاتجاه, وأكثر من نشاط ليكشف أن العضوية حريصة على مراقبة الأداء, وتتأكد من أن كل الإجراءات تصل إلى أهدافها الحقيقية.
-قلت إنك ستوقع على المذكرة حال عُرضت عليك, هل هذا اعتراف منك بأن هناك خللاً هيكلياً في حزبك؟
نعم.. نحن في المؤتمر التنشيطي قلنا هذا الكلام, والإصلاح الحزبي كان أحد موضوعات المؤتمر, وشكلت لجان لمراجعة النظام الأساسي.
-مذكرة الألف تم التكتم عليها, وقدمت للدكتور نافع بصورة شبه سرية, بل إن بعض نافذي المؤتمر الوطني نفوا وجودها قطعياً, فهل هذه خطوة منكم لمداراة الاختلافات؟
الذين قدموا المذكرة كانوا حريصين على أن تصل إلى الجهات المعنية دونما ضوضاء, وأن لا يُفهم من هذه الممارسة الديمقراطية أنها انشقاق, ولذلك لم يعرضوا أسماءهم في المذكرة ولم يقدموها بصورة درامية, وسلموها للرجل المسؤول عن الحزب, وحرصوا على أن تكون بعيدة عن الإعلام, حتى لا يقال إن هناك مجموعة تمردت على الحزب.
-هل الذين قدموا المذكرة معلومون لديكم, وهل فيهم أعضاء بالمكتب القيادي؟
معلومون وهم قدموا أسماءهم إلى الدكتور نافع. وأعتقد أنها وقعت من قبل أعضاء المؤتمر الوطني وربما يكون بعضهم أقل من القيادات الوسيط, وبعضهم لا يشغل مركزاً في الحزب.
-لكن هناك من يتحدث عن أن المذكرة لها علاقة بالمؤتمر الشعبي؟
ليس للمذكرة علاقة بالمؤتمر الشعبي، وهو له موقفه ضد الحكومة والمؤتمر الوطني.
-حسنا.. ألا تبدو المذكرة أقرب إلى أدبيات ولغة منبر السلام العادل؟
لا أعتقد ذلك, واللغة فيها انضباط وحرص شديد لتعكس أن المذكرة ليست احتجاجا أو تمردا, وبدأت بتأكيد الإنجازات التي أنجزها الحزب والدولة, وفي تقديري أن المذكرة كانت منضبطة, خصوصا إذا قورنت بمذكرة العشرة.
-تاريخياً معلوم أن المذكرات دائماً تكون مقدمة للانقلاب وفي البال مذكرة الجيش في 1989م التي جاءت بانقلاب الإنقاذ ومذكرة العشرة التي أطاحت بالترابي؟
الفرق واضح بين المذكرتين, والقضايا التي تطرقت لها المذكرة الأخيرة تختلف عما حوته مذكرة العشرة, وكذلك الطريقة التي قدمت بها. ومذكرة العشرة قدمت في اجتماع مجلس الشورى بطريقة فاجأت الأمين العام نفسه. وفعلا مذكرة العشرة أطاحات بالامين العام لكن المذكرة الحالية لم تطالب بالاطاحة بأي شخص وجاءت بانضباط وسلمت إلى مسؤول الحزب.
-هل يمكن اعتبار المذكرة استمراراً للأصوات المنادية بعدم تولّي الأشخاص للمناصب لأكثر من دورتين؟
نعم.. وهذا مذكور في المذكرة, وهذا أيضا نوقش في المؤتمرات, والمبادرة في هذا الطرح كانت من الرئيس نفسه.
-الناس يعتبرون أن المؤتمر الوطني مولود شرعي لانقلاب، وأنه ربيب للشمولية, ما قاد لهيمنة المؤسسة العسكرية التي تبدو جلية في الهجمة على الصحف؟
الموقعون على المذكرة باركوا الطريقة التي جاءت بها الحكومة وقالوا إنها مبروكة وصحيحة, وهم غير معترضين على أن النظام جاء إلى الحكم عبر الانقلاب, وقالوا إن المسؤولية كانت تحتم على القوات المسلحة التدخل حينها, خصوصا أن الأمن القومي كان مهددا, ومؤكد انه في الظروف الاستثنائية التي يعيشها السودان فإن للاجهزة الأمنية دوراً كبيراً في حماية الأمن القومي, لكن ما كان يعني أصحاب المذكرة هو التطور الديمقراطي الذي يفترض أن يحدث, لأن الانقلاب لم يكن عسكريا فقط, وكان يعبر عن تيار سياسي موجود في البلد في ذلك الوقت, وكان هناك وعد منذ البداية أن الوضع الذي أعقب الانقلاب استثنائي، وانه سيكون هناك تحول نحو الديمقراطية.. لكن إلى أي مدى حدث هذا فكلكم شاهدون على ذلك.
-لكن هناك تدخلاً واضحاً من المؤسسة العسكرية في الشأن السياسي والقانوني؟
الظروف الاستثنائية في السودان تبقى عاملاً لتدخل جهاز الأمن وهو يتدخل حسب القانون, وإذا أغلق جريدة أو اعتقل شخصا فإنه يفعل ذلك وفقا للقانون, ومن حق المذكرة أن تطالب بمزيد من القيود القانونية والدستورية على نشاط الأجهزة الأمنية وربط قرارتها بالأجهزة السياسية, وان تصدر بمعرفة الجهاز السياسي وبقرار سياسي، وان ينفذ الأمن فقط القرارات السياسية.
-ظهور المذكرة يعني وجود تيارات لا تعتمد على رؤية فكرية وتستند على خلافات شخصية داخل المؤتمر الوطني, وفي البال هجومك على مدير جهاز الأمن السابق صلاح قوش؟
أبداً.. ليس لي خلاف مع صلاح قوش, ولم نعمل سويا وحينما أتيت إلى جهاز الأمن لم يكن صلاح ملتحقا به, وإلى أن غادرت جهاز الأمن لم يكن صلاح أحد منتسبيه, ولا يوجد شيء من هذا القبيل وهذا لا علاقة له بالمذكرة.
-لكن هل ظهور المذكرة يعني بروز تيارات دخل حزبكم؟
لا أفتكر أن هناك تياراً قادماً, والمذكرة تُعبر عن رأي عام في العضوية وخاصة في القواعد, وهي باستمرار تناقش أمور الحزب وسير الأداء في الدولة وقطعا لها رأي بوصفها جهة رقابية.
-المؤتمر الوطني حافل بالخلافات, حتى إن الانتخابات الماضية أظهرت تفلتاً من بعض كادرات الحزب؟
هذه ليست خلافات سياسية أو فكرية.. المؤتمر الوطني حزب جماهيري ويعتبر الحزب الوحيد في السودان الذي انتقل من حزب صفوي إلى حزب جماهيري, بينما الأحزاب الأخرى اعتمدت على قواعد طائفية. ومعلوم أن التحول إلى حزب جماهيري لابد أن يصاحبه بروز مثل هذه المشاكل, وحينما تسعى إلى عمل ضوابط للجماهير الضخمة فإن ذلك ليس عملية سهلة, وحينما تأتي جماعة من منطقة معينة تطلب من الحزب ترشيح ابنها, وتلوح بأنه اذا لم يتم ترشيحه فإنها ستتفلت وسيخوض ابنها الانتخابات مستقلا, فهذه كلها واردة الحدوث, وهذه لا تعني خلافات سياسية داخل الحزب.
-المذكرة كأنما تنادي بالعودة إلى الايدلوجايات القديمة للحزب وتنشيط مرجعياته الفكرية؟
هذه ليست مشكلة.. وعندما يأتيك مثل هولاء فأنت تحتاج إلى عملية تكوين للعضوية, وقديما كان الانضمام للحزب يكون أفراد وعبر الاقتناع بفكر وايدلوجيا الحزب ومواقفه السياسية وهذا لا يحدث حاليا, وعندما تفتح الحزب لكل السودانيين يأتيك أناس من كل مشارب الحياة.. والمذكرة تطالب بأن تعاد صياغة العضوية حسب برنامج الحزب وفكره وثقافته وبرنامجه حتى لا يكون لملمة للناس, وان تكون العضوية مرتبطة بفكر الحزب, وأنا اتفق مع المذكرة في هذا.
-لكن هناك أزمة في الفكر أقر بها أمين أمانة الفكر والثقافة بالمؤتمر الوطني البروفيسر إبراهيم أحمد عمر حتى إنه طالب بعدم التجديد له؟
هذا صحيح لكن البروفيسر إبراهيم أحمد عمر لم يتحدث عن أزمة, تحدث عن تقصير وليس أزمة, والحديث عن أزمة يعني أن هناك قضايا فكرية نجد صعوبة في تحديد رأينا فيها.
-المذكرة التصحيصحة أغفلت الدعوة لوحدة الإسلاميين, وتباكت على المفاصلة, ولم تقترح وحدة الصف؟
هذه ملاحظة مهمة جدا.. وعلى الرغم من أن الذين قدموا المذكرة انطلقوا من الحركة الإسلامية لكن القضايا التي خاطبوها كانت تهم الحزب, وهم مدركون لهذا, وتبعا لذلك قاموا بتسليم المذكرة إلى مسؤول الحزب الدكتور نافع, وهم يعلمون أن الأشياء التي انتقدوها تقع ضمن مسؤولية الحزب والحكومة, والمذكرة لا يمكن أن تحوي كل القضايا.
-لكنها تحدثت عن ضرورة جمع الصف الوطني, ولم تتطرق لوحدة الإسلاميين؟
هي اعتبرت أن الإسلاميين تبلورت مواقفهم في أحزاب بعينها, ومثلا المؤتمر الشعبي حزم أمره وما عاد فصيلا في الحركة الإسلامية, وأصبح حزبا بمسمّاه وقانونه ونظامه الأساسي, وكذلك المجموعات السلفية.
-هل هذا يعني أن قواعد الحركة الإسلامية أوصدت الباب أمام وحدة الإسلاميين؟
الخلافات التي حدثت في المفاصلة لم تكن موضوعية ولا حتى سياسية, وهي خلاف تنظيمي فوقي في صلاحيات القيادة, ولذلك القيادة نفسها تفاجأت به, والمفاصلة لم تحدث في لجنة في إحدى المدن أو الأحياء, وانما حدثت في الرأس وعلى مستوى القيادة. والقواعد ظلت لفترة طويلة متألمة للمفاصلة, لكن في النهاية وجدت انه لابد من تحديد موقفها, معلوم أن موضوع وحدة الإسلاميين يسبب أزمة بين القواعد, على الرغم من أن الحوار بين المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي متوقف رسميا, إلا أن حوار القواعد حول وحدة الإسلاميين لا يزال مستمراً.
-مذكرة العشرة سلمت للدكتور الترابي الأمين العام للمرتمر الوطني وقتها, وحاليا تم تسليم المذكرة إلى نائب رئيس الحزب الدكتور نافع, فهل هي خطوة لتحجيم صلاحيات الأخير بعدما تنامى تياره داخل الحزب بصورة لافتة؟
هذا ليس صحيحا.. تقديم المذكرة للدكتور نافع اعتراف بوضع الرجل. والمذكرة الأولى قُدمت في اجتماع هيئة الشورى الذي كان يرأسه الرئيس البشير والامين العام كان موجودا بجانبه في المنصة, ويومها وقف أحد الذين وقعوا على المذكرة وتلاها, أما الثانية فقدمت لنائب رئيس الحزب للشؤون الحزبية والسياسية الذي يقابل الأمين العام في النظام السابق للمؤتمر الوطني, وهذا يكشف عن نوع من الانضباط الحزبي والإقرار بالوضع التنظيمي, والمطالبة بالإصلاح من خلال الأجهزة الموجودة نفسها لإجراء الإصلاحات والنظر في القضايا.
-هل تعني أن المذكرة لم تهدف إلى تقليص صلاحيات الدكتور نافع؟
المذكرة ليس مقصودا بها دكتور نافع, وتقديمها له يعني الاعتراف بصلاحياته.
-هناك زيادة في عدد قضايا الإعسار والشيكات بصورة أفظع من الربا والمذكرة قالت إن الفشل الاقتصادي وتحرير السوق صور المؤتمر الوطني كأنما يعمل برزق اليوم باليوم ويفتقر للرؤية والبرنامج، الواضح وانه يستجيب للضغوطات لكي يبقى في السلطة؟
السودان به مشاكل متلاحقة ونحن يوميا نصحو على أزمة ومؤامرة, وهذه تحتاج إلى معالجة سريعة, وهي مشكلة نعاني منها, وحينما تكون في حالة دائمة لإطفاء الحرائق المتلاحقة لن تجد الفرصة للتخطيط, وتجد أن مجهوداتك للتخطيط تحبطها المواجهات اليومية, لذا نحن لنا موقف واضح من الحركات التي تستنزف موارد البلد بإشعال الحرائق وهذه تسببها حركات سياسية داخل البلد, وللاسف هم ينفذون نفس أهداف الخارج, لكن هذا كله لا يعفينا من التصرف بسياسية رزق اليوم ونحن في القطاع السياسي كان مؤتمر بعنوان «الخروج من دائرة الأزمات لدائرة البناء الوطني», وقلنا إن السودان منذ الاستقلال لم يُبذل فيه جهد للبناء الوطني, لذلك لابد من الخروج من دائرة الأزمات بمحاصرتها وهزيمتها أو بتحييدها حتى لا تصرفنا عن مجهود البناء.
-لكن بعد انفصال جنوب السودان لم يعتمد المؤتمر الوطني برامج إصلاحية جديدة, واكتفى باستمرار سياسيته الاقتصادية حتى إن حديثه عن تفعيل الصادرات غير البترولية لم يبارح مربع التبشير بالخطوة؟
هذا غير صحيح.. الحكومة أقرت البرنامج الثلاثي من أجل النهوض بالاقتصاد عقب انفصال الجنوب, بل بدأ التحوط قبل فقدان البترول, حتى إن الميزانية في السنة الأولى افترضت أن البترول سيتوقف ولم يتم وضعه في الدخل القومي, وكل ذلك للاستعداد لمرحلة لن يكون فيها البترول الرافد الأكبر للميزانية, هذه واحدة. أما ثانيا فالميزانية موجهة لزيادة الإنتاج, لذلك تأثرت قطاعات كثيرة, وكان لابد من فعل ذلك للخروج من عنق الزجاجة. الآن البرامج موجهة لإنتاج القمح والزيوت والقطن ودعم الثروة الحيوانية واستكشاف البترول والمعادن, وحاليا التركيز على القطاعات الإنتاجية لسببين: أولا لإحلال الواردات, لأننا لا نريد استيراد سكر أو قمح أو خلافه من المواد التي يحتاجها المواطن بشكل مباشر, ومن ثم زيادتها بحيث انه بعد عام نستطيع التصدير, ومعلوم أن الرقعة الزراعية تمت زيادتها بشكل كبير جدا مثل القمح والسكر, ومتوقع مع دخول مصانع السكر الجديدة أن تنتهي بعض الأزمات التي عانى منها المواطن.
-لكن البرنامج الثلاثي جُوبه بالرفض, من قبل المختصمين ونواب البرلمان, حتى إن رئيس كتلة حزبكم الدكتور غازي صلاح الدين وصفه بأنه ليس سوى محض ألغاز؟
أنا ذكرت لكم أهداف البرنامج الثلاثي, ووزير المالية شرحها للمؤتمر الوطني قبل أن يذهب إلى البرلمان. والبرنامج الثلاثي ليس فيه أي ألغاز, بل على العكس هو بسيط جدا في فهمه لأنه يدعو إلى تركيز موارد البلد في الإنتاج في قضايا محددة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.