عام على الحرب فى السودان.. لا غالب ولا مغلوب    اللواء 43مشاة باروما يكرم المتفوقين بشهادة الاساس بالمحلية    الخطوة التالية    السيارات الكهربائية.. والتنافس القادم!    واشنطن توافق على سحب قواتها من النيجر    ملف السعودية لاستضافة «مونديال 2034» في «كونجرس الفيفا»    سوق الابيض يصدر اكثر من عشرين الف طنا من المحاصيل    الأكاديمية خطوة في الطريق الصحيح    شاهد بالصورة.. المذيعة السودانية الحسناء فاطمة كباشي تلفت أنظار المتابعين وتخطف الأضواء بإطلالة مثيرة ب"البنطلون" المحذق    شاهد بالصور.. الفنانة مروة الدولية تكتسح "الترند" بلقطات رومانسية مع زوجها الضابط الشاب وساخرون: (دي اسمها لمن القطر يفوتك وتشتري القطر بقروشك)    شاهد بالصور.. الفنانة مروة الدولية تكتسح "الترند" بلقطات رومانسية مع زوجها الضابط الشاب وساخرون: (دي اسمها لمن القطر يفوتك وتشتري القطر بقروشك)    شاهد بالصورة.. زواج الفنانة الشهيرة مروة الدولية من ضابط شاب يقيم بالقاهرة يشعل مواقع التواصل السودانية    القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح: بدأت قواتكم المشتركة الباسلة لحركات الكفاح المسلح بجانب القوات المسلحة معركة حاسمة لتحرير مصفاة الجيلي    مصطفى بكري يكشف مفاجآت التعديل الوزاري الجديد 2024.. هؤلاء مرشحون للرحيل!    شاهد مجندات بالحركات المسلحة الداعمة للجيش في الخطوط الأمامية للدفاع عن مدينة الفاشر    إجتماع مهم للإتحاد السوداني مع الكاف بخصوص إيقاف الرخص الإفريقية للمدربين السودانيين    وكيل الحكم الاتحادى يشيد بتجربةمحلية بحرى في خدمة المواطنين    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك        غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قطبي المهدي : لا نعاني هزيمة فكرية وهناك قصور وضمور فكري ..الظروف الاستثنائية في السودان تبقى عاملاً لتدخل جهاز الأمن في الشأن السياسي والقانوني؟
نشر في الراكوبة يوم 19 - 01 - 2012


حوار: يوسف الجلال – عبير عبد الله –
برّر رئيس القطاع السياسي بالمؤتمر الوطني؛ الدكتور قطبي المهدي، تدخل جهاز الأمن والمخابرات في الشأن السياسي والإعلامي بما أسماه الظرف الاستثنائي في السودان, وقال إنه يبقى عاملا لتدخل جهاز الأمن. بيد أن المهدي أقرّ في حوراه مع «الأحداث» بأحقية مذكرة الألف في المطالبة بمزيد من القيود القانونية والدستورية على نشاط الأجهزة الأمنية وربط قرارتها بالأجهزة السياسية, ومضى يقول: «من حقهم أن يطالبوا بصدور قرارات المؤسسة الأمنية بمعرفة الجهاز السياسي، وبقرار سياسي، وأن ينفذ الأمن فقط القرارات السياسية», ونفى مسؤول القطاع السياسي أن تكون المذكرة تهدف إلى تقليص مساحات تمدد نائب رئيس الحزب الدكتور نافع علي نافع, وشدد على أن تسليم المذكرة إلى الأخير يُعد إقراراً من مقديمها بالانضباط الحزبي, وبصلاحيات نائب رئيس المؤتمر الوطني للشؤون الحزبية. واستنكر قطبي الحديث عن أن حزبه يعاني غربة فكرية وتنظيمية بعدما تصاعد فكر المؤسسة العسكرية مقابل تراجع فكر الحركة الإسلامية, وأقر بوجود ما أسماه «تقصير فكري» وضمور في التخطيط والثقافة.
-هناك حديث حول أن المؤتمر الوطني مهزوم فكرياً وإلّا لما خرجت مذكرة الألف الإصلاحية؟
أعتقد أن المذكرة أشارت إلى جوانب كثيرة وليست فكرية فقط, ولكن إذا أخذتم الجانب الفكري يبقي الوعي بالقضية الفكرية في المؤتمر الوطني كان موجودا أصلا, وطرح في المؤتمر العام, وتم التوجيه لأمانة الفكر والثقافة, ورئيس القطاع نفسه اعترف بالقصور في هذا الجانب وقام بنقد ذاتي لنفسه ولقطاعه بأن هنالك تقصير, ومن هذه الناحية التي أشارت لها المذكرة فالأمر صحيح, وهي ليست هزيمة بقدر ما هو تقصير من جانب المؤتمر في هذا القطاع, وهذه قصة مشهودة وأنا قبل ذلك فسرت لماذا حدث هذا القصور، وقلت إن المواجهات السياسية العنيفة التي نخوضها بشكل يومي سواء كان ذلك في الداخل أو الخارج, جعلت تركيز الناس دائما يكون على القضايا الاستراتيجية التي نجابهها بشكل يومي, وهذا أخذ جزءاً كبيراً جداً من طاقتنا, سواء كان ما يتعلق بالأمن القومي أو الاقتصادي أو الحصار السياسي المضروب حولنا, والحملة الإعلامية الشديدة على السودان في المنابر الخارجية, وكلها جعلتنا نحشد طاقاتنا في هذ الاتجاه, وهذا جعل الاهتمام بالفكر والثقافة يضمر بعض الشيء. ومعلوم أن معركة الفكر في السودان لم تحتدم أصلا بشكل يجعل الناس يدخلونها بقوة ويهزمون فيها الطرف الآخر.
-لكن هناك تصاعد ملحوظ لفكر المؤسسة الأمنية والعسكرية, مقابل تراجع فكر الحركة الإسلامية؟
هي ليست المؤسسة العسكرية وأنا لم أشر لذلك. أنا تحدثت عن السياسة الاقتصادية, وهذه كلها معارك يومية نواجهها بشكل مصيري, وهنالك وضع اقتصادي يحتاج لمواجهة التحديات التي تواجه الاقتصاد السوداني بعد الانفصال والأزمة المالية العالمية. وسياسيا هنالك مواجهات كبيرة في الداخل والخارج. أما الجانب العسكري فيتعلق بالأمن القومي, وقد يكون شاملا لجوانب كثيرة وليست عسكرية فقط, ولم يكن هناك تركيز عسكري وحتى القضايا العسكرية الساخنة مثل التفاوض والحلول السلمية أخذت جانباً كبيراً.
-المذكرة الأخيرة ليست الأولى وسبقتها مذكرة العشرة الشهيرة التي رفضت هيمنة الأمين العام للمؤتمر الوطني وقتها الدكتور حسن الترابي على مفاصل الحزب, والآن الرئيس البشير يسيطر بصورة مطلقة على الحزب حتى إن البعض شبه المؤتمر الوطني بالاتحاد الاشتراكي, يأتمر بأمر رئيسه؟
هذا غير صحيح.. والمؤتمر التنشيطي الأخير تناول قضايا جوهرية, وناقش كل النقاط التي تطرقت لها المذكرة, وأهمية المذكرة في أنها بمثابة تذكير للقيادات والعضوية مفاده أن «الأشياء التي نوقشت في المؤتمر التنشيطي لم تنته بانتهاء المؤتمر ويجب أن تؤخذ مأخذ الجد», أما النقطة الثانية فتتمثل في متابعة تنفيذ قرارات المؤتمرات بعد أن قال الناس فيها رأيهم لإصلاح الحزب والدولة والإصلاح الديمقراطي, وهذه كلها واردة في المذكرة, وأعتقد أن المذكرة قدمت دوراً كبيراً في هذه النقاط. وأنا أتمنى لو أن المذكرة عبرت عن الاهتمام الشديد بالقضايا وملاحقتها, ومثلا الرئيس كوّن مفوضية للفساد بعد أن تطرق المؤتمر التنشيطي لموضوع الفساد, فهل المفوضية ستكون جسماً فارغاً أم أنها ستكون لها سلطة كافية ودستور وأجهزة فاعلة, هذا هو السؤال.
-لكن المؤتمر الوطني لم يقدم أيّما قضية فساد واحدة وظل يتعامل مع المفسدين بفقه السُّترة؟
ما دفع الرئيس البشير لإنشاء المفوضية, أننا كنا قديما نعتمد على الأجهزة المعنية بمحاربة الفساد مثل القضاء والنيابات والرقابة الإدارية والمجلس الوطني والإعلام, وهذا هو الطبيعي في كل دولة, ولتفعيل هذه الأجهزة قام الرئيس بتكوين مفوضية محاربة الفساد حتى تكون جهة مركزية لمتابعة العمل. الآن وبعد أن كُونت المفوضية نحن نطمح لأن تكون المفوضية فاعلة. وافتكر أن القلق الذي جعل بعض عضوية المؤتمر الوطني تهتم بالمذكرة التصحيحية, هو قلق مشروع ومطلوب ومهم جداً.. أنا أتمنى أن تأتي أكثر من مذكرة في هذا الاتجاه, وأكثر من نشاط ليكشف أن العضوية حريصة على مراقبة الأداء, وتتأكد من أن كل الإجراءات تصل إلى أهدافها الحقيقية.
-قلت إنك ستوقع على المذكرة حال عُرضت عليك, هل هذا اعتراف منك بأن هناك خللاً هيكلياً في حزبك؟
نعم.. نحن في المؤتمر التنشيطي قلنا هذا الكلام, والإصلاح الحزبي كان أحد موضوعات المؤتمر, وشكلت لجان لمراجعة النظام الأساسي.
-مذكرة الألف تم التكتم عليها, وقدمت للدكتور نافع بصورة شبه سرية, بل إن بعض نافذي المؤتمر الوطني نفوا وجودها قطعياً, فهل هذه خطوة منكم لمداراة الاختلافات؟
الذين قدموا المذكرة كانوا حريصين على أن تصل إلى الجهات المعنية دونما ضوضاء, وأن لا يُفهم من هذه الممارسة الديمقراطية أنها انشقاق, ولذلك لم يعرضوا أسماءهم في المذكرة ولم يقدموها بصورة درامية, وسلموها للرجل المسؤول عن الحزب, وحرصوا على أن تكون بعيدة عن الإعلام, حتى لا يقال إن هناك مجموعة تمردت على الحزب.
-هل الذين قدموا المذكرة معلومون لديكم, وهل فيهم أعضاء بالمكتب القيادي؟
معلومون وهم قدموا أسماءهم إلى الدكتور نافع. وأعتقد أنها وقعت من قبل أعضاء المؤتمر الوطني وربما يكون بعضهم أقل من القيادات الوسيط, وبعضهم لا يشغل مركزاً في الحزب.
-لكن هناك من يتحدث عن أن المذكرة لها علاقة بالمؤتمر الشعبي؟
ليس للمذكرة علاقة بالمؤتمر الشعبي، وهو له موقفه ضد الحكومة والمؤتمر الوطني.
-حسنا.. ألا تبدو المذكرة أقرب إلى أدبيات ولغة منبر السلام العادل؟
لا أعتقد ذلك, واللغة فيها انضباط وحرص شديد لتعكس أن المذكرة ليست احتجاجا أو تمردا, وبدأت بتأكيد الإنجازات التي أنجزها الحزب والدولة, وفي تقديري أن المذكرة كانت منضبطة, خصوصا إذا قورنت بمذكرة العشرة.
-تاريخياً معلوم أن المذكرات دائماً تكون مقدمة للانقلاب وفي البال مذكرة الجيش في 1989م التي جاءت بانقلاب الإنقاذ ومذكرة العشرة التي أطاحت بالترابي؟
الفرق واضح بين المذكرتين, والقضايا التي تطرقت لها المذكرة الأخيرة تختلف عما حوته مذكرة العشرة, وكذلك الطريقة التي قدمت بها. ومذكرة العشرة قدمت في اجتماع مجلس الشورى بطريقة فاجأت الأمين العام نفسه. وفعلا مذكرة العشرة أطاحات بالامين العام لكن المذكرة الحالية لم تطالب بالاطاحة بأي شخص وجاءت بانضباط وسلمت إلى مسؤول الحزب.
-هل يمكن اعتبار المذكرة استمراراً للأصوات المنادية بعدم تولّي الأشخاص للمناصب لأكثر من دورتين؟
نعم.. وهذا مذكور في المذكرة, وهذا أيضا نوقش في المؤتمرات, والمبادرة في هذا الطرح كانت من الرئيس نفسه.
-الناس يعتبرون أن المؤتمر الوطني مولود شرعي لانقلاب، وأنه ربيب للشمولية, ما قاد لهيمنة المؤسسة العسكرية التي تبدو جلية في الهجمة على الصحف؟
الموقعون على المذكرة باركوا الطريقة التي جاءت بها الحكومة وقالوا إنها مبروكة وصحيحة, وهم غير معترضين على أن النظام جاء إلى الحكم عبر الانقلاب, وقالوا إن المسؤولية كانت تحتم على القوات المسلحة التدخل حينها, خصوصا أن الأمن القومي كان مهددا, ومؤكد انه في الظروف الاستثنائية التي يعيشها السودان فإن للاجهزة الأمنية دوراً كبيراً في حماية الأمن القومي, لكن ما كان يعني أصحاب المذكرة هو التطور الديمقراطي الذي يفترض أن يحدث, لأن الانقلاب لم يكن عسكريا فقط, وكان يعبر عن تيار سياسي موجود في البلد في ذلك الوقت, وكان هناك وعد منذ البداية أن الوضع الذي أعقب الانقلاب استثنائي، وانه سيكون هناك تحول نحو الديمقراطية.. لكن إلى أي مدى حدث هذا فكلكم شاهدون على ذلك.
-لكن هناك تدخلاً واضحاً من المؤسسة العسكرية في الشأن السياسي والقانوني؟
الظروف الاستثنائية في السودان تبقى عاملاً لتدخل جهاز الأمن وهو يتدخل حسب القانون, وإذا أغلق جريدة أو اعتقل شخصا فإنه يفعل ذلك وفقا للقانون, ومن حق المذكرة أن تطالب بمزيد من القيود القانونية والدستورية على نشاط الأجهزة الأمنية وربط قرارتها بالأجهزة السياسية, وان تصدر بمعرفة الجهاز السياسي وبقرار سياسي، وان ينفذ الأمن فقط القرارات السياسية.
-ظهور المذكرة يعني وجود تيارات لا تعتمد على رؤية فكرية وتستند على خلافات شخصية داخل المؤتمر الوطني, وفي البال هجومك على مدير جهاز الأمن السابق صلاح قوش؟
أبداً.. ليس لي خلاف مع صلاح قوش, ولم نعمل سويا وحينما أتيت إلى جهاز الأمن لم يكن صلاح ملتحقا به, وإلى أن غادرت جهاز الأمن لم يكن صلاح أحد منتسبيه, ولا يوجد شيء من هذا القبيل وهذا لا علاقة له بالمذكرة.
-لكن هل ظهور المذكرة يعني بروز تيارات دخل حزبكم؟
لا أفتكر أن هناك تياراً قادماً, والمذكرة تُعبر عن رأي عام في العضوية وخاصة في القواعد, وهي باستمرار تناقش أمور الحزب وسير الأداء في الدولة وقطعا لها رأي بوصفها جهة رقابية.
-المؤتمر الوطني حافل بالخلافات, حتى إن الانتخابات الماضية أظهرت تفلتاً من بعض كادرات الحزب؟
هذه ليست خلافات سياسية أو فكرية.. المؤتمر الوطني حزب جماهيري ويعتبر الحزب الوحيد في السودان الذي انتقل من حزب صفوي إلى حزب جماهيري, بينما الأحزاب الأخرى اعتمدت على قواعد طائفية. ومعلوم أن التحول إلى حزب جماهيري لابد أن يصاحبه بروز مثل هذه المشاكل, وحينما تسعى إلى عمل ضوابط للجماهير الضخمة فإن ذلك ليس عملية سهلة, وحينما تأتي جماعة من منطقة معينة تطلب من الحزب ترشيح ابنها, وتلوح بأنه اذا لم يتم ترشيحه فإنها ستتفلت وسيخوض ابنها الانتخابات مستقلا, فهذه كلها واردة الحدوث, وهذه لا تعني خلافات سياسية داخل الحزب.
-المذكرة كأنما تنادي بالعودة إلى الايدلوجايات القديمة للحزب وتنشيط مرجعياته الفكرية؟
هذه ليست مشكلة.. وعندما يأتيك مثل هولاء فأنت تحتاج إلى عملية تكوين للعضوية, وقديما كان الانضمام للحزب يكون أفراد وعبر الاقتناع بفكر وايدلوجيا الحزب ومواقفه السياسية وهذا لا يحدث حاليا, وعندما تفتح الحزب لكل السودانيين يأتيك أناس من كل مشارب الحياة.. والمذكرة تطالب بأن تعاد صياغة العضوية حسب برنامج الحزب وفكره وثقافته وبرنامجه حتى لا يكون لملمة للناس, وان تكون العضوية مرتبطة بفكر الحزب, وأنا اتفق مع المذكرة في هذا.
-لكن هناك أزمة في الفكر أقر بها أمين أمانة الفكر والثقافة بالمؤتمر الوطني البروفيسر إبراهيم أحمد عمر حتى إنه طالب بعدم التجديد له؟
هذا صحيح لكن البروفيسر إبراهيم أحمد عمر لم يتحدث عن أزمة, تحدث عن تقصير وليس أزمة, والحديث عن أزمة يعني أن هناك قضايا فكرية نجد صعوبة في تحديد رأينا فيها.
-المذكرة التصحيصحة أغفلت الدعوة لوحدة الإسلاميين, وتباكت على المفاصلة, ولم تقترح وحدة الصف؟
هذه ملاحظة مهمة جدا.. وعلى الرغم من أن الذين قدموا المذكرة انطلقوا من الحركة الإسلامية لكن القضايا التي خاطبوها كانت تهم الحزب, وهم مدركون لهذا, وتبعا لذلك قاموا بتسليم المذكرة إلى مسؤول الحزب الدكتور نافع, وهم يعلمون أن الأشياء التي انتقدوها تقع ضمن مسؤولية الحزب والحكومة, والمذكرة لا يمكن أن تحوي كل القضايا.
-لكنها تحدثت عن ضرورة جمع الصف الوطني, ولم تتطرق لوحدة الإسلاميين؟
هي اعتبرت أن الإسلاميين تبلورت مواقفهم في أحزاب بعينها, ومثلا المؤتمر الشعبي حزم أمره وما عاد فصيلا في الحركة الإسلامية, وأصبح حزبا بمسمّاه وقانونه ونظامه الأساسي, وكذلك المجموعات السلفية.
-هل هذا يعني أن قواعد الحركة الإسلامية أوصدت الباب أمام وحدة الإسلاميين؟
الخلافات التي حدثت في المفاصلة لم تكن موضوعية ولا حتى سياسية, وهي خلاف تنظيمي فوقي في صلاحيات القيادة, ولذلك القيادة نفسها تفاجأت به, والمفاصلة لم تحدث في لجنة في إحدى المدن أو الأحياء, وانما حدثت في الرأس وعلى مستوى القيادة. والقواعد ظلت لفترة طويلة متألمة للمفاصلة, لكن في النهاية وجدت انه لابد من تحديد موقفها, معلوم أن موضوع وحدة الإسلاميين يسبب أزمة بين القواعد, على الرغم من أن الحوار بين المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي متوقف رسميا, إلا أن حوار القواعد حول وحدة الإسلاميين لا يزال مستمراً.
-مذكرة العشرة سلمت للدكتور الترابي الأمين العام للمرتمر الوطني وقتها, وحاليا تم تسليم المذكرة إلى نائب رئيس الحزب الدكتور نافع, فهل هي خطوة لتحجيم صلاحيات الأخير بعدما تنامى تياره داخل الحزب بصورة لافتة؟
هذا ليس صحيحا.. تقديم المذكرة للدكتور نافع اعتراف بوضع الرجل. والمذكرة الأولى قُدمت في اجتماع هيئة الشورى الذي كان يرأسه الرئيس البشير والامين العام كان موجودا بجانبه في المنصة, ويومها وقف أحد الذين وقعوا على المذكرة وتلاها, أما الثانية فقدمت لنائب رئيس الحزب للشؤون الحزبية والسياسية الذي يقابل الأمين العام في النظام السابق للمؤتمر الوطني, وهذا يكشف عن نوع من الانضباط الحزبي والإقرار بالوضع التنظيمي, والمطالبة بالإصلاح من خلال الأجهزة الموجودة نفسها لإجراء الإصلاحات والنظر في القضايا.
-هل تعني أن المذكرة لم تهدف إلى تقليص صلاحيات الدكتور نافع؟
المذكرة ليس مقصودا بها دكتور نافع, وتقديمها له يعني الاعتراف بصلاحياته.
-هناك زيادة في عدد قضايا الإعسار والشيكات بصورة أفظع من الربا والمذكرة قالت إن الفشل الاقتصادي وتحرير السوق صور المؤتمر الوطني كأنما يعمل برزق اليوم باليوم ويفتقر للرؤية والبرنامج، الواضح وانه يستجيب للضغوطات لكي يبقى في السلطة؟
السودان به مشاكل متلاحقة ونحن يوميا نصحو على أزمة ومؤامرة, وهذه تحتاج إلى معالجة سريعة, وهي مشكلة نعاني منها, وحينما تكون في حالة دائمة لإطفاء الحرائق المتلاحقة لن تجد الفرصة للتخطيط, وتجد أن مجهوداتك للتخطيط تحبطها المواجهات اليومية, لذا نحن لنا موقف واضح من الحركات التي تستنزف موارد البلد بإشعال الحرائق وهذه تسببها حركات سياسية داخل البلد, وللاسف هم ينفذون نفس أهداف الخارج, لكن هذا كله لا يعفينا من التصرف بسياسية رزق اليوم ونحن في القطاع السياسي كان مؤتمر بعنوان «الخروج من دائرة الأزمات لدائرة البناء الوطني», وقلنا إن السودان منذ الاستقلال لم يُبذل فيه جهد للبناء الوطني, لذلك لابد من الخروج من دائرة الأزمات بمحاصرتها وهزيمتها أو بتحييدها حتى لا تصرفنا عن مجهود البناء.
-لكن بعد انفصال جنوب السودان لم يعتمد المؤتمر الوطني برامج إصلاحية جديدة, واكتفى باستمرار سياسيته الاقتصادية حتى إن حديثه عن تفعيل الصادرات غير البترولية لم يبارح مربع التبشير بالخطوة؟
هذا غير صحيح.. الحكومة أقرت البرنامج الثلاثي من أجل النهوض بالاقتصاد عقب انفصال الجنوب, بل بدأ التحوط قبل فقدان البترول, حتى إن الميزانية في السنة الأولى افترضت أن البترول سيتوقف ولم يتم وضعه في الدخل القومي, وكل ذلك للاستعداد لمرحلة لن يكون فيها البترول الرافد الأكبر للميزانية, هذه واحدة. أما ثانيا فالميزانية موجهة لزيادة الإنتاج, لذلك تأثرت قطاعات كثيرة, وكان لابد من فعل ذلك للخروج من عنق الزجاجة. الآن البرامج موجهة لإنتاج القمح والزيوت والقطن ودعم الثروة الحيوانية واستكشاف البترول والمعادن, وحاليا التركيز على القطاعات الإنتاجية لسببين: أولا لإحلال الواردات, لأننا لا نريد استيراد سكر أو قمح أو خلافه من المواد التي يحتاجها المواطن بشكل مباشر, ومن ثم زيادتها بحيث انه بعد عام نستطيع التصدير, ومعلوم أن الرقعة الزراعية تمت زيادتها بشكل كبير جدا مثل القمح والسكر, ومتوقع مع دخول مصانع السكر الجديدة أن تنتهي بعض الأزمات التي عانى منها المواطن.
-لكن البرنامج الثلاثي جُوبه بالرفض, من قبل المختصمين ونواب البرلمان, حتى إن رئيس كتلة حزبكم الدكتور غازي صلاح الدين وصفه بأنه ليس سوى محض ألغاز؟
أنا ذكرت لكم أهداف البرنامج الثلاثي, ووزير المالية شرحها للمؤتمر الوطني قبل أن يذهب إلى البرلمان. والبرنامج الثلاثي ليس فيه أي ألغاز, بل على العكس هو بسيط جدا في فهمه لأنه يدعو إلى تركيز موارد البلد في الإنتاج في قضايا محددة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.