قرارات اجتماع اللجنة التنسيقية برئاسة أسامة عطا المنان    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    مناوي : حين يستباح الوطن يصبح الصمت خيانة ويغدو الوقوف دفاعآ عن النفس موقف شرف    عثمان ميرغني يكتب: لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟    شول لام دينق يكتب: كيف تستخدم السعودية شبكة حلفائها لإعادة رسم موازين القوة من الخليج إلى شمال أفريقيا؟    الخارجية ترحب بالبيان الصحفي لجامعة الدول العربية    ألمانيا تدعو لتحرك عاجل: السودان يعيش أسوأ أزمة إنسانية    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    الفوارق الفنية وراء الخسارة بثلاثية جزائرية    نادي القوز ابوحمد يعلن الانسحاب ويُشكّل لجنة قانونية لاسترداد الحقوق    كامل ادريس يلتقي نائب الأمين العام للأمم المتحدة بنيويورك    السعودية..فتح مركز لامتحانات الشهادة السودانية للعام 2025م    محرز يسجل أسرع هدف في كأس أفريقيا    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    شاهد بالفيديو.. الطالب صاحب المقطع الضجة يقدم اعتذاره للشعب السوداني: (ما قمت به يحدث في الكثير من المدارس.. تجمعني علاقة صداقة بأستاذي ولم أقصد إهانته وإدارة المدرسة اتخذت القرار الصحيح بفصلي)    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    سر عن حياته كشفه لامين يامال.. لماذا يستيقظ ليلاً؟    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    شاهد بالصورة والفيديو.. المذيعة تسابيح خاطر تستعرض جمالها بالفستان الأحمر والجمهور يتغزل ويسخر: (أجمل جنجويدية)    شاهد بالصورة.. الناشط محمد "تروس" يعود لإثارة الجدل ويستعرض "لباسه" الذي ظهر به في الحفل الضجة    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    في افتتاح منافسات كأس الأمم الإفريقية.. المغرب يدشّن مشواره بهدفي جزر القمر    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    مكافحة التهريب بكسلا تضبط 13 ألف حبة مخدرات وذخيرة وسلاح كلاشنكوف    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    ريال مدريد يزيد الضغط على برشلونة.. ومبابي يعادل رقم رونالدو    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قطبي المهدي : لا نعاني هزيمة فكرية وهناك قصور وضمور فكري ..الظروف الاستثنائية في السودان تبقى عاملاً لتدخل جهاز الأمن في الشأن السياسي والقانوني؟
نشر في الراكوبة يوم 19 - 01 - 2012


حوار: يوسف الجلال – عبير عبد الله –
برّر رئيس القطاع السياسي بالمؤتمر الوطني؛ الدكتور قطبي المهدي، تدخل جهاز الأمن والمخابرات في الشأن السياسي والإعلامي بما أسماه الظرف الاستثنائي في السودان, وقال إنه يبقى عاملا لتدخل جهاز الأمن. بيد أن المهدي أقرّ في حوراه مع «الأحداث» بأحقية مذكرة الألف في المطالبة بمزيد من القيود القانونية والدستورية على نشاط الأجهزة الأمنية وربط قرارتها بالأجهزة السياسية, ومضى يقول: «من حقهم أن يطالبوا بصدور قرارات المؤسسة الأمنية بمعرفة الجهاز السياسي، وبقرار سياسي، وأن ينفذ الأمن فقط القرارات السياسية», ونفى مسؤول القطاع السياسي أن تكون المذكرة تهدف إلى تقليص مساحات تمدد نائب رئيس الحزب الدكتور نافع علي نافع, وشدد على أن تسليم المذكرة إلى الأخير يُعد إقراراً من مقديمها بالانضباط الحزبي, وبصلاحيات نائب رئيس المؤتمر الوطني للشؤون الحزبية. واستنكر قطبي الحديث عن أن حزبه يعاني غربة فكرية وتنظيمية بعدما تصاعد فكر المؤسسة العسكرية مقابل تراجع فكر الحركة الإسلامية, وأقر بوجود ما أسماه «تقصير فكري» وضمور في التخطيط والثقافة.
-هناك حديث حول أن المؤتمر الوطني مهزوم فكرياً وإلّا لما خرجت مذكرة الألف الإصلاحية؟
أعتقد أن المذكرة أشارت إلى جوانب كثيرة وليست فكرية فقط, ولكن إذا أخذتم الجانب الفكري يبقي الوعي بالقضية الفكرية في المؤتمر الوطني كان موجودا أصلا, وطرح في المؤتمر العام, وتم التوجيه لأمانة الفكر والثقافة, ورئيس القطاع نفسه اعترف بالقصور في هذا الجانب وقام بنقد ذاتي لنفسه ولقطاعه بأن هنالك تقصير, ومن هذه الناحية التي أشارت لها المذكرة فالأمر صحيح, وهي ليست هزيمة بقدر ما هو تقصير من جانب المؤتمر في هذا القطاع, وهذه قصة مشهودة وأنا قبل ذلك فسرت لماذا حدث هذا القصور، وقلت إن المواجهات السياسية العنيفة التي نخوضها بشكل يومي سواء كان ذلك في الداخل أو الخارج, جعلت تركيز الناس دائما يكون على القضايا الاستراتيجية التي نجابهها بشكل يومي, وهذا أخذ جزءاً كبيراً جداً من طاقتنا, سواء كان ما يتعلق بالأمن القومي أو الاقتصادي أو الحصار السياسي المضروب حولنا, والحملة الإعلامية الشديدة على السودان في المنابر الخارجية, وكلها جعلتنا نحشد طاقاتنا في هذ الاتجاه, وهذا جعل الاهتمام بالفكر والثقافة يضمر بعض الشيء. ومعلوم أن معركة الفكر في السودان لم تحتدم أصلا بشكل يجعل الناس يدخلونها بقوة ويهزمون فيها الطرف الآخر.
-لكن هناك تصاعد ملحوظ لفكر المؤسسة الأمنية والعسكرية, مقابل تراجع فكر الحركة الإسلامية؟
هي ليست المؤسسة العسكرية وأنا لم أشر لذلك. أنا تحدثت عن السياسة الاقتصادية, وهذه كلها معارك يومية نواجهها بشكل مصيري, وهنالك وضع اقتصادي يحتاج لمواجهة التحديات التي تواجه الاقتصاد السوداني بعد الانفصال والأزمة المالية العالمية. وسياسيا هنالك مواجهات كبيرة في الداخل والخارج. أما الجانب العسكري فيتعلق بالأمن القومي, وقد يكون شاملا لجوانب كثيرة وليست عسكرية فقط, ولم يكن هناك تركيز عسكري وحتى القضايا العسكرية الساخنة مثل التفاوض والحلول السلمية أخذت جانباً كبيراً.
-المذكرة الأخيرة ليست الأولى وسبقتها مذكرة العشرة الشهيرة التي رفضت هيمنة الأمين العام للمؤتمر الوطني وقتها الدكتور حسن الترابي على مفاصل الحزب, والآن الرئيس البشير يسيطر بصورة مطلقة على الحزب حتى إن البعض شبه المؤتمر الوطني بالاتحاد الاشتراكي, يأتمر بأمر رئيسه؟
هذا غير صحيح.. والمؤتمر التنشيطي الأخير تناول قضايا جوهرية, وناقش كل النقاط التي تطرقت لها المذكرة, وأهمية المذكرة في أنها بمثابة تذكير للقيادات والعضوية مفاده أن «الأشياء التي نوقشت في المؤتمر التنشيطي لم تنته بانتهاء المؤتمر ويجب أن تؤخذ مأخذ الجد», أما النقطة الثانية فتتمثل في متابعة تنفيذ قرارات المؤتمرات بعد أن قال الناس فيها رأيهم لإصلاح الحزب والدولة والإصلاح الديمقراطي, وهذه كلها واردة في المذكرة, وأعتقد أن المذكرة قدمت دوراً كبيراً في هذه النقاط. وأنا أتمنى لو أن المذكرة عبرت عن الاهتمام الشديد بالقضايا وملاحقتها, ومثلا الرئيس كوّن مفوضية للفساد بعد أن تطرق المؤتمر التنشيطي لموضوع الفساد, فهل المفوضية ستكون جسماً فارغاً أم أنها ستكون لها سلطة كافية ودستور وأجهزة فاعلة, هذا هو السؤال.
-لكن المؤتمر الوطني لم يقدم أيّما قضية فساد واحدة وظل يتعامل مع المفسدين بفقه السُّترة؟
ما دفع الرئيس البشير لإنشاء المفوضية, أننا كنا قديما نعتمد على الأجهزة المعنية بمحاربة الفساد مثل القضاء والنيابات والرقابة الإدارية والمجلس الوطني والإعلام, وهذا هو الطبيعي في كل دولة, ولتفعيل هذه الأجهزة قام الرئيس بتكوين مفوضية محاربة الفساد حتى تكون جهة مركزية لمتابعة العمل. الآن وبعد أن كُونت المفوضية نحن نطمح لأن تكون المفوضية فاعلة. وافتكر أن القلق الذي جعل بعض عضوية المؤتمر الوطني تهتم بالمذكرة التصحيحية, هو قلق مشروع ومطلوب ومهم جداً.. أنا أتمنى أن تأتي أكثر من مذكرة في هذا الاتجاه, وأكثر من نشاط ليكشف أن العضوية حريصة على مراقبة الأداء, وتتأكد من أن كل الإجراءات تصل إلى أهدافها الحقيقية.
-قلت إنك ستوقع على المذكرة حال عُرضت عليك, هل هذا اعتراف منك بأن هناك خللاً هيكلياً في حزبك؟
نعم.. نحن في المؤتمر التنشيطي قلنا هذا الكلام, والإصلاح الحزبي كان أحد موضوعات المؤتمر, وشكلت لجان لمراجعة النظام الأساسي.
-مذكرة الألف تم التكتم عليها, وقدمت للدكتور نافع بصورة شبه سرية, بل إن بعض نافذي المؤتمر الوطني نفوا وجودها قطعياً, فهل هذه خطوة منكم لمداراة الاختلافات؟
الذين قدموا المذكرة كانوا حريصين على أن تصل إلى الجهات المعنية دونما ضوضاء, وأن لا يُفهم من هذه الممارسة الديمقراطية أنها انشقاق, ولذلك لم يعرضوا أسماءهم في المذكرة ولم يقدموها بصورة درامية, وسلموها للرجل المسؤول عن الحزب, وحرصوا على أن تكون بعيدة عن الإعلام, حتى لا يقال إن هناك مجموعة تمردت على الحزب.
-هل الذين قدموا المذكرة معلومون لديكم, وهل فيهم أعضاء بالمكتب القيادي؟
معلومون وهم قدموا أسماءهم إلى الدكتور نافع. وأعتقد أنها وقعت من قبل أعضاء المؤتمر الوطني وربما يكون بعضهم أقل من القيادات الوسيط, وبعضهم لا يشغل مركزاً في الحزب.
-لكن هناك من يتحدث عن أن المذكرة لها علاقة بالمؤتمر الشعبي؟
ليس للمذكرة علاقة بالمؤتمر الشعبي، وهو له موقفه ضد الحكومة والمؤتمر الوطني.
-حسنا.. ألا تبدو المذكرة أقرب إلى أدبيات ولغة منبر السلام العادل؟
لا أعتقد ذلك, واللغة فيها انضباط وحرص شديد لتعكس أن المذكرة ليست احتجاجا أو تمردا, وبدأت بتأكيد الإنجازات التي أنجزها الحزب والدولة, وفي تقديري أن المذكرة كانت منضبطة, خصوصا إذا قورنت بمذكرة العشرة.
-تاريخياً معلوم أن المذكرات دائماً تكون مقدمة للانقلاب وفي البال مذكرة الجيش في 1989م التي جاءت بانقلاب الإنقاذ ومذكرة العشرة التي أطاحت بالترابي؟
الفرق واضح بين المذكرتين, والقضايا التي تطرقت لها المذكرة الأخيرة تختلف عما حوته مذكرة العشرة, وكذلك الطريقة التي قدمت بها. ومذكرة العشرة قدمت في اجتماع مجلس الشورى بطريقة فاجأت الأمين العام نفسه. وفعلا مذكرة العشرة أطاحات بالامين العام لكن المذكرة الحالية لم تطالب بالاطاحة بأي شخص وجاءت بانضباط وسلمت إلى مسؤول الحزب.
-هل يمكن اعتبار المذكرة استمراراً للأصوات المنادية بعدم تولّي الأشخاص للمناصب لأكثر من دورتين؟
نعم.. وهذا مذكور في المذكرة, وهذا أيضا نوقش في المؤتمرات, والمبادرة في هذا الطرح كانت من الرئيس نفسه.
-الناس يعتبرون أن المؤتمر الوطني مولود شرعي لانقلاب، وأنه ربيب للشمولية, ما قاد لهيمنة المؤسسة العسكرية التي تبدو جلية في الهجمة على الصحف؟
الموقعون على المذكرة باركوا الطريقة التي جاءت بها الحكومة وقالوا إنها مبروكة وصحيحة, وهم غير معترضين على أن النظام جاء إلى الحكم عبر الانقلاب, وقالوا إن المسؤولية كانت تحتم على القوات المسلحة التدخل حينها, خصوصا أن الأمن القومي كان مهددا, ومؤكد انه في الظروف الاستثنائية التي يعيشها السودان فإن للاجهزة الأمنية دوراً كبيراً في حماية الأمن القومي, لكن ما كان يعني أصحاب المذكرة هو التطور الديمقراطي الذي يفترض أن يحدث, لأن الانقلاب لم يكن عسكريا فقط, وكان يعبر عن تيار سياسي موجود في البلد في ذلك الوقت, وكان هناك وعد منذ البداية أن الوضع الذي أعقب الانقلاب استثنائي، وانه سيكون هناك تحول نحو الديمقراطية.. لكن إلى أي مدى حدث هذا فكلكم شاهدون على ذلك.
-لكن هناك تدخلاً واضحاً من المؤسسة العسكرية في الشأن السياسي والقانوني؟
الظروف الاستثنائية في السودان تبقى عاملاً لتدخل جهاز الأمن وهو يتدخل حسب القانون, وإذا أغلق جريدة أو اعتقل شخصا فإنه يفعل ذلك وفقا للقانون, ومن حق المذكرة أن تطالب بمزيد من القيود القانونية والدستورية على نشاط الأجهزة الأمنية وربط قرارتها بالأجهزة السياسية, وان تصدر بمعرفة الجهاز السياسي وبقرار سياسي، وان ينفذ الأمن فقط القرارات السياسية.
-ظهور المذكرة يعني وجود تيارات لا تعتمد على رؤية فكرية وتستند على خلافات شخصية داخل المؤتمر الوطني, وفي البال هجومك على مدير جهاز الأمن السابق صلاح قوش؟
أبداً.. ليس لي خلاف مع صلاح قوش, ولم نعمل سويا وحينما أتيت إلى جهاز الأمن لم يكن صلاح ملتحقا به, وإلى أن غادرت جهاز الأمن لم يكن صلاح أحد منتسبيه, ولا يوجد شيء من هذا القبيل وهذا لا علاقة له بالمذكرة.
-لكن هل ظهور المذكرة يعني بروز تيارات دخل حزبكم؟
لا أفتكر أن هناك تياراً قادماً, والمذكرة تُعبر عن رأي عام في العضوية وخاصة في القواعد, وهي باستمرار تناقش أمور الحزب وسير الأداء في الدولة وقطعا لها رأي بوصفها جهة رقابية.
-المؤتمر الوطني حافل بالخلافات, حتى إن الانتخابات الماضية أظهرت تفلتاً من بعض كادرات الحزب؟
هذه ليست خلافات سياسية أو فكرية.. المؤتمر الوطني حزب جماهيري ويعتبر الحزب الوحيد في السودان الذي انتقل من حزب صفوي إلى حزب جماهيري, بينما الأحزاب الأخرى اعتمدت على قواعد طائفية. ومعلوم أن التحول إلى حزب جماهيري لابد أن يصاحبه بروز مثل هذه المشاكل, وحينما تسعى إلى عمل ضوابط للجماهير الضخمة فإن ذلك ليس عملية سهلة, وحينما تأتي جماعة من منطقة معينة تطلب من الحزب ترشيح ابنها, وتلوح بأنه اذا لم يتم ترشيحه فإنها ستتفلت وسيخوض ابنها الانتخابات مستقلا, فهذه كلها واردة الحدوث, وهذه لا تعني خلافات سياسية داخل الحزب.
-المذكرة كأنما تنادي بالعودة إلى الايدلوجايات القديمة للحزب وتنشيط مرجعياته الفكرية؟
هذه ليست مشكلة.. وعندما يأتيك مثل هولاء فأنت تحتاج إلى عملية تكوين للعضوية, وقديما كان الانضمام للحزب يكون أفراد وعبر الاقتناع بفكر وايدلوجيا الحزب ومواقفه السياسية وهذا لا يحدث حاليا, وعندما تفتح الحزب لكل السودانيين يأتيك أناس من كل مشارب الحياة.. والمذكرة تطالب بأن تعاد صياغة العضوية حسب برنامج الحزب وفكره وثقافته وبرنامجه حتى لا يكون لملمة للناس, وان تكون العضوية مرتبطة بفكر الحزب, وأنا اتفق مع المذكرة في هذا.
-لكن هناك أزمة في الفكر أقر بها أمين أمانة الفكر والثقافة بالمؤتمر الوطني البروفيسر إبراهيم أحمد عمر حتى إنه طالب بعدم التجديد له؟
هذا صحيح لكن البروفيسر إبراهيم أحمد عمر لم يتحدث عن أزمة, تحدث عن تقصير وليس أزمة, والحديث عن أزمة يعني أن هناك قضايا فكرية نجد صعوبة في تحديد رأينا فيها.
-المذكرة التصحيصحة أغفلت الدعوة لوحدة الإسلاميين, وتباكت على المفاصلة, ولم تقترح وحدة الصف؟
هذه ملاحظة مهمة جدا.. وعلى الرغم من أن الذين قدموا المذكرة انطلقوا من الحركة الإسلامية لكن القضايا التي خاطبوها كانت تهم الحزب, وهم مدركون لهذا, وتبعا لذلك قاموا بتسليم المذكرة إلى مسؤول الحزب الدكتور نافع, وهم يعلمون أن الأشياء التي انتقدوها تقع ضمن مسؤولية الحزب والحكومة, والمذكرة لا يمكن أن تحوي كل القضايا.
-لكنها تحدثت عن ضرورة جمع الصف الوطني, ولم تتطرق لوحدة الإسلاميين؟
هي اعتبرت أن الإسلاميين تبلورت مواقفهم في أحزاب بعينها, ومثلا المؤتمر الشعبي حزم أمره وما عاد فصيلا في الحركة الإسلامية, وأصبح حزبا بمسمّاه وقانونه ونظامه الأساسي, وكذلك المجموعات السلفية.
-هل هذا يعني أن قواعد الحركة الإسلامية أوصدت الباب أمام وحدة الإسلاميين؟
الخلافات التي حدثت في المفاصلة لم تكن موضوعية ولا حتى سياسية, وهي خلاف تنظيمي فوقي في صلاحيات القيادة, ولذلك القيادة نفسها تفاجأت به, والمفاصلة لم تحدث في لجنة في إحدى المدن أو الأحياء, وانما حدثت في الرأس وعلى مستوى القيادة. والقواعد ظلت لفترة طويلة متألمة للمفاصلة, لكن في النهاية وجدت انه لابد من تحديد موقفها, معلوم أن موضوع وحدة الإسلاميين يسبب أزمة بين القواعد, على الرغم من أن الحوار بين المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي متوقف رسميا, إلا أن حوار القواعد حول وحدة الإسلاميين لا يزال مستمراً.
-مذكرة العشرة سلمت للدكتور الترابي الأمين العام للمرتمر الوطني وقتها, وحاليا تم تسليم المذكرة إلى نائب رئيس الحزب الدكتور نافع, فهل هي خطوة لتحجيم صلاحيات الأخير بعدما تنامى تياره داخل الحزب بصورة لافتة؟
هذا ليس صحيحا.. تقديم المذكرة للدكتور نافع اعتراف بوضع الرجل. والمذكرة الأولى قُدمت في اجتماع هيئة الشورى الذي كان يرأسه الرئيس البشير والامين العام كان موجودا بجانبه في المنصة, ويومها وقف أحد الذين وقعوا على المذكرة وتلاها, أما الثانية فقدمت لنائب رئيس الحزب للشؤون الحزبية والسياسية الذي يقابل الأمين العام في النظام السابق للمؤتمر الوطني, وهذا يكشف عن نوع من الانضباط الحزبي والإقرار بالوضع التنظيمي, والمطالبة بالإصلاح من خلال الأجهزة الموجودة نفسها لإجراء الإصلاحات والنظر في القضايا.
-هل تعني أن المذكرة لم تهدف إلى تقليص صلاحيات الدكتور نافع؟
المذكرة ليس مقصودا بها دكتور نافع, وتقديمها له يعني الاعتراف بصلاحياته.
-هناك زيادة في عدد قضايا الإعسار والشيكات بصورة أفظع من الربا والمذكرة قالت إن الفشل الاقتصادي وتحرير السوق صور المؤتمر الوطني كأنما يعمل برزق اليوم باليوم ويفتقر للرؤية والبرنامج، الواضح وانه يستجيب للضغوطات لكي يبقى في السلطة؟
السودان به مشاكل متلاحقة ونحن يوميا نصحو على أزمة ومؤامرة, وهذه تحتاج إلى معالجة سريعة, وهي مشكلة نعاني منها, وحينما تكون في حالة دائمة لإطفاء الحرائق المتلاحقة لن تجد الفرصة للتخطيط, وتجد أن مجهوداتك للتخطيط تحبطها المواجهات اليومية, لذا نحن لنا موقف واضح من الحركات التي تستنزف موارد البلد بإشعال الحرائق وهذه تسببها حركات سياسية داخل البلد, وللاسف هم ينفذون نفس أهداف الخارج, لكن هذا كله لا يعفينا من التصرف بسياسية رزق اليوم ونحن في القطاع السياسي كان مؤتمر بعنوان «الخروج من دائرة الأزمات لدائرة البناء الوطني», وقلنا إن السودان منذ الاستقلال لم يُبذل فيه جهد للبناء الوطني, لذلك لابد من الخروج من دائرة الأزمات بمحاصرتها وهزيمتها أو بتحييدها حتى لا تصرفنا عن مجهود البناء.
-لكن بعد انفصال جنوب السودان لم يعتمد المؤتمر الوطني برامج إصلاحية جديدة, واكتفى باستمرار سياسيته الاقتصادية حتى إن حديثه عن تفعيل الصادرات غير البترولية لم يبارح مربع التبشير بالخطوة؟
هذا غير صحيح.. الحكومة أقرت البرنامج الثلاثي من أجل النهوض بالاقتصاد عقب انفصال الجنوب, بل بدأ التحوط قبل فقدان البترول, حتى إن الميزانية في السنة الأولى افترضت أن البترول سيتوقف ولم يتم وضعه في الدخل القومي, وكل ذلك للاستعداد لمرحلة لن يكون فيها البترول الرافد الأكبر للميزانية, هذه واحدة. أما ثانيا فالميزانية موجهة لزيادة الإنتاج, لذلك تأثرت قطاعات كثيرة, وكان لابد من فعل ذلك للخروج من عنق الزجاجة. الآن البرامج موجهة لإنتاج القمح والزيوت والقطن ودعم الثروة الحيوانية واستكشاف البترول والمعادن, وحاليا التركيز على القطاعات الإنتاجية لسببين: أولا لإحلال الواردات, لأننا لا نريد استيراد سكر أو قمح أو خلافه من المواد التي يحتاجها المواطن بشكل مباشر, ومن ثم زيادتها بحيث انه بعد عام نستطيع التصدير, ومعلوم أن الرقعة الزراعية تمت زيادتها بشكل كبير جدا مثل القمح والسكر, ومتوقع مع دخول مصانع السكر الجديدة أن تنتهي بعض الأزمات التي عانى منها المواطن.
-لكن البرنامج الثلاثي جُوبه بالرفض, من قبل المختصمين ونواب البرلمان, حتى إن رئيس كتلة حزبكم الدكتور غازي صلاح الدين وصفه بأنه ليس سوى محض ألغاز؟
أنا ذكرت لكم أهداف البرنامج الثلاثي, ووزير المالية شرحها للمؤتمر الوطني قبل أن يذهب إلى البرلمان. والبرنامج الثلاثي ليس فيه أي ألغاز, بل على العكس هو بسيط جدا في فهمه لأنه يدعو إلى تركيز موارد البلد في الإنتاج في قضايا محددة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.