الدعم السريع يغتال حمد النيل شقيق ابوعاقلة كيكل    زيلينسكي: أوكرانيا والولايات المتحدة "بدأتا العمل على اتفاق أمني"    وصول البرهان إلى شندي ووالي شمال كردفان يقدم تنويرا حول الانتصارات بالابيض    منى أبوزيد: هناك فرق.. من يجرؤ على الكلام..!    عقار يوجه بتوفير خدمات التأمين الصحي في الولايات المتأثرة بالحرب    مصر ترفض اتهامات إسرائيلية "باطلة" بشأن الحدود وتؤكد موقفها    الإمارات العربية تتبرأ من دعم مليشيا الدعم السريع    محمد الفكي يتهم إسلاميين بالتخطيط لإشعال الشرق    حسين خوجلي يكتب: مدينة الأُبيض ومن هناك تبدأ الشرعية ومجتمع الكفاية والعدل    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الإثنين    لافروف: العالم يشهد أزمة في مجال الحد من التسلح وعدم الانتشار النووي    أمانة جدة تضبط موقعاً لإعادة تدوير البيض الفاسد بحي الفيصلية – صور    نصيب (البنات).!    ضبط فتاة تروج للأعمال المنافية للآداب عبر أحد التطبيقات الإلكترونية    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    بعد سرقته وتهريبه قبل أكثر من 3 عقود.. مصر تستعيد تمثال عمره 3400 عام للملك رمسيس الثاني    تراجع أم دورة زمن طبيعية؟    بمشاركة أمريكا والسعودية وتركيا .. الإمارات تعلن انطلاق التمرين الجوي المشترك متعدد الجنسيات "علم الصحراء 9" لعام 2024    محمد وداعة يكتب: حميدتى .. فى مواجهة ( ماغنتيسكى )    إجتماع ناجح للأمانة العامة لاتحاد كرة القدم مع لجنة المدربين والإدارة الفنية    المدهش هبة السماء لرياضة الوطن    خلد للراحة الجمعة..منتخبنا يعود للتحضيرات بملعب مقر الشباب..استدعاء نجوم الهلال وبوغبا يعود بعد غياب    نتنياهو: سنحارب من يفكر بمعاقبة جيشنا    كولر: أهدرنا الفوز في ملعب مازيمبي.. والحسم في القاهرة    إيران وإسرائيل.. من ربح ومن خسر؟    شاهد بالفيديو.. الناشطة السودانية الشهيرة مدام كوكي تسخر من "القحاتة" وحمدوك: (كنت معاهم وخليتهم.. كانوا سايقننا زي القطيع وبسببهم خربنا وش مع البشير لمن قال أدوني فرصة)    شاهد.. الفنانة مروة الدولية تطرح أغنيتها الجديدة في يوم عقد قرانها تغني فيها لزوجها سعادة الضابط وتتغزل فيه: (زول رسمي جنتل عديل يغطيه الله يا ناس منه العيون يبعدها)    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    الأهلي يوقف الهزائم المصرية في معقل مازيمبي    ملف السعودية لاستضافة «مونديال 2034» في «كونجرس الفيفا»    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اْبناء جبال النوبة بالقاهرة .. خطوة نحو حق تقرير المصير
نشر في الراكوبة يوم 25 - 02 - 2012


بسم الله وبسم الوطن
اْبناء جبال النوبة بالقاهرة .. خطوة نحو حق تقرير المصير (1_5)
اْ ضحية سرير توتو القاهرة
[email protected]
كنت ضمن المدعوين في ورشة العمل التي عقدت يوم الجمعة 24 2 2012م بفندق اْمية بالقاهرة , بعنوان (ورشة عمل حول القضايا المصيرية لشعب اْقليم جبال النوبة ) تحت شعار :حرية _اْستقلال _سلام, وكانت هذه الورشة تحت رعاية رابطة جبال النوبة العالمية بمصر ,وتناولت الورشة خمسة ورقات مهمة جداً وتعتبر قضايا مصيرية لشعب اْقليم جبال النوبة الذي يعاني الاْن من الاْبادة والتهجير , والاْوراق التي جرت حولها النقاش هي:
1 تاريخ الصراع واْسباب الحرب
2 الوضع الاْنساني في اْقليم جبال النوبة
3 المستقبل السياسي لاْقليم جبال النوبة
4 ورقة الشعوب الاْصلية
5اْنتهاكات حقوق الاْنسان في اْقليم جبال النوبة
ولذلك من باب الاْعلام والتوثيق سوف اْقدم لكم كل ورقة علي حدي مزيلةً باْسماء المعدين والتوصيات التي صاحبتها , فبسم الله وبسم الوطن نبداْبالورقة الاْولي كما جاْت في الورشة
ورقة مقدمة بعنوان / تاريخ الصراع واسباب الحرب
مقدمة :-
منذ خروج المستعمر وبلادنا تعيش ازمة سياسية عميقة تجسدت فى الحرب الاهلية التى ظلت تستعر منذ اكثر من نصف قرن وعدم الاستقرار السياسى المستمر الذى صاحب كل الانظمة المدنية منها والعسكرية المتعاقبة على ادارة الحكم ، ولهذا لم يكن غريبا ان تفشل كل الحكومات التى تولت السلطة فى حل القضايا الاساسية لشعبنا وفتح افاق التنمية والتطور وكانت نتيجة هذا الفشل هو ذهاب الجنوب حاملا جراحه الغائرة فى ظل وطن طارد لمن يحمل راى مغاير لسياسات المركز .
*السودان الوطن والجغرافيا
كان السودان مجرد تعبير فى الكيانات القديمة وبالذات العربية التى كانت ترى المصطلح من زاوية اثنية مرتبطة باللون لمن يقطنون فى منطقة جغرافية تمتد من الساحل الغربى للبحر الاحمر الى جنوب مصر حتى المحيط الاطلنطى والمغرب الاقصى وقسم السودان الى اقاليم وما كان يعرف بالسودان الشرقى هو السودان الحالى مع تعديلات فى حدوده الغربية والجنوبية ولم يتحول السودان الى كيان جغرافى سياسي اداري حديث الا بعد غزو محمد على باشا للسودان – 1821 م
*النوبه عبر التاريخ
سيظل تاريخ السودان مرتبطا ارتباطا وثيقا بالنوبه او الكوشيين باعتبارهم شعب اصيل لتلك البلاد عبر قرون مضت حيث شهدت فيه قيام ممالك وحضارات سادت واندثرت فى وادى النيل او ارض كوش ولقد سميت نوبه او ارض الذهب ويعود تاريخهم لاكثر من مئتان وسبعة وعشرون الف سنة .
الارض والهوية
يعتبر تمسك النوبه بهويتهم و الاعتزاز به والتضحية من اجل ارضهم من السمات الاساسية فى تكوين شخصيتهم القوية واحدى مميزاتهم عن بقية القوميات السودانية على مدى التاريخ القديم والمعاصر بل حافظوا على ارثهم العريق ببسالة وشجاع رغم الصعاب والمحن وتجاوزوا كل العقبات فى سبيل تحقيق اهدافهم النبيلة والانسانية
*اتفاقية البقط والنوبه : عام 651
( البقط ليست كلمة عربية بل حرف من كلمة البقدي من اللغة النوبية المروية القديمة )
ابان الفتح الاسلامى فى عهد عمر بن العاص ارسل عبدالله بن ابي سرح على راس الجيوش الاسلامية لفتح بلاد النوبه المسيحية الا ان رجال مملكة نوبه الاقوياء ( رماة الحدق ) حال دون ذلك ما اجبرهم للتراجع و عقدوا مع النوبه عهدا ووفاق وجاء فى ذلك العهد ان يبق كل على دينه ولا يوالى نصارى النوبه اعداء الاسلام من نصارى مصر وعلى المسلمين العبور من دون حق الاقامة والسماح لهم باداة شعائرهم الدينية فى مسجد دنقلا وعلى النوبه نظافته وتامينه
ولكن هناك جانب مهم لم يوليه المورخون حقه من البحث والدراسة وهو النص التجاري فى الاتفاق :
حيث يرتكز على الرقيق ( العملة الصعبة لدى النوبه ) مقابل الطعام والملابس والخمر من العرب والمسلمين ويوكد هذا الرواية المقريزي فى ( الخطط)
ويقول فيه ( اول ما تقررهذا البقط على النوبه فى امارة عمرو بن العاص لما بعث عبدالله بن ابى سرح بعد فتح مصر الى النوبه سنة عشرين وقيل سنة احدى وعشرون وفى سنة احدى وثلاثون بعد حصار دنقلا ثم قرر الصلح معه على ثلثمائة وستين عبدا فى كل سنة ووعده عبدالله بحبوب يهديها اليه من ما شكاه قلة الطعام )
وعن ابى خلفة حميد بن هشام البحترى ان الذى صولح عليه النوبه ثلثمائة وستين راسا للمسلمين ولصاحب مصراربعون راسا ويدفع اليهم الف اردب قمحا ولرسله ثلثمائة اردب من الشعير كذلك ومن الخمر الف اقنين للمتملك ( ملك النوبه) ولرسله ثلثمائة اقنين من ( الخمر )وفرسين من نتاج خيل الامارة ومن اصناف الثياب مائة ثوب ، ومن القباطي اربع اثواب للمتملك ولرسله ثلاث ......) ومضى المقريزى يقول ( ونظرالمعتصم الى ما كان يدفعه المسلمون فوجده اكثرمن البقط وانكر عطية الخمر واقر الحبوب والثياب وكتب لهم كتابا بذلك ) وبعبارة اخرى فقد قبل والى مصر عمر بن العاص صلحا مع دولة النوبه المسيحية وهى قائمة على دينها وذهب فى صلحه هذا الى تبادل تجارى شمل الخمور التى يحتاجونها اليها لكنائسهم .
لكن مع تواصل الهجرات العربية الى السودان وجدنا تراجعا فى قوة ملوك بلاد النوبه و توالت اهتزاز عروشهم مع كثرة الحروب والخلافات والاختلاط مع العرب الوافدين والتزاوج وظهور عامل ميراث الحكم وانتقاله لابن البنت او ابن الاخت والحصيلة كانت توالي انهيار الممالك النوبيه ( كوش – نوباتيا - مروي – علوديا - ماكوريا سوبا ) ومع سقوط سوبا كاخر الممالك تفرق شمل النوبه وتقهقر الكثيرون منهم جنوبا فى جماعات متفرقة انتشرت فى كثير من ارجاء السودان فى ظل ضغوط الغزاء والمهاجرين الجدد ، واما الذين مكثوا على الاطلال فقد اختلطوا مع الغرباء لكن الغالبية منهم احتفظوا بشخصيتهم الثقافية والتراثية رغم وضوح تاثيرات الاختلاط .
* المعتقدات الدينية : كان للجانب الروحى دور مهم فى حياة النوبه قبل دخول المسيحية والاسلام فى بلادهم حيث كان لديهم اله يتعبدون به وديانات يعتنقونها ولديهم الدراية الكافية بوجود الخالق والكثير من المعابد تقف شاهدة لتلك الخقبة ويعتبر جبل البركل من اكثر الاماكن المقدسة لهم وكان طقوسهم ذات طابع افريقي خالص
*مملكة الفونج او السلطنة الزرقاء : 1504 – 1821
قامت المملكة عندما تحالف العبدلاب فى اواسط السودان والفونج بعد انهيار الممالك النوبية ونتيجة هذا الحلف هو تاسيس نظام اقطاعى قائم على علاقة دفع الضرائب الباهظة والولاء للسلطان وتشكل فيما بعد الثالوث الذى اضر كثير بالواقع السودانى وهو ( ارتباط التاجر ورجل الدين بالسلطان ) بعد توافد عدد كبير ممكن حملوا رايات التصوف واحتمائهم ببلاط الحاكم وولع حكام سنار واربجي باللغة العربية واهتمامهم بالدين الاسلامي وتشجيعهم لهجرات العلماء وتوافدهم من المشرق والمغرب وارسالهم البعثات للخارج ( الرواق السنارية للازهر) مما شجع لاحقا لنشاة علاقة عضوية بين الدين والدولة فى مكونات الدولة السودانية الحديثة بعد الاستقلال
ولقد ساهم هذا الوضع بشكل كبير فى معاناة الكثيرين ممن تبقوا من النوبه بعد افول ملكهم وكان صراعا مريرا فى مواجهة الدخلاء والضغط الخارجي والغزو الثقافى الهادر الذي بدا فى تكريس مفهوم العروبة والاسلام والنسب لبنى امية والعباسيين.
*العهد التركي 1821 - 1881
كان من اهم اهداف محمد على لفتح السودان الحصول على المال والرجال لاستكمال بناء سلطته التوسعية بعد ما اصبح واليا على مصر وترتب على هذا الغزوا نتائج كارثية ظل يعانى منها النوبه حتى فى الوقت القريب وهى
*حملات التجنيد القصرى التى استهدفت النوبه كعنصر جيد فى سلك الجندية والمقدرة على تحمل الشدائد فى حروبات القوقاز والبلقان
*الغزوات المنظمة لاصطياد الرقيق بهدف كسب المال وبيعهم فى اسواق النخاسة فى مصر للاستخدامات الانتاجية (منازل – فلاحة الارض - اعمال شاقة)
* القمع العنيف لكل حركات العصيان ولرافضى دفع الجزية
*حملات دفتردار الانتقامية بعد حادثة مقتل اسماعيل باشا فى شندى
والتى وصلت لاقاصى كردفان ودارفور وجبال النوبه
*ارسال الاورطة السودانية لحرب المكسيك عام 1863 – 1867 بطلب من نابليون الثالث للخديوي سعيد باشا وكان المكون الاساسي للجند من النوبه وبلغ عددهم 453 وعاد منهم 313 الى باريس بعد انسحاب فرنسا من فيراكوز بالمكسيك
*حملات الزبير باشا لصيد والتجارة بالرقيق ودور قوات البازنجر وشمل نشاطه بحر الغزال وتوج بالوصول لدارفور عام1874
*الثورة المهدية 1881 – 1898
كان للنوبه الدور البارز فى نجاح الثورة المهدية بعد استنجاد المهدي بالمك ادم ام دبالو مك مملكة تقلى حيث انخرطوا فى القتال تحت راية المهدية باعداد ماهولة و ساهموا فى سقوط الكثير من الحاميات التركية فى كردفان وحتى الانتهاء بسقوط الخرطوم ومقتل تشارلز غردون باشا الحاكم الانجليزي بقصره لكن ماذا كانت مكافاة النوبه ؟
*تنكر المهدي لمساهمات النوبه بل قام بارسال تجريدات عسكرية لتاديب النوبه فى الجبال واخضائهم بالقوة وفرض الاتاوات عليهم
*الهجمات المتتالية و التطهير العرقى التى قامت بها بعض من قادة الثورة المهدية
*انتشار تجارة الرق بشكل مخيف وحملات اصطياد النوبه الى اسواق الدويم وسنار وامدرمان لذلك قيل بان الثورة المهدية قامت كرد فعل بعدم منع قرار منع تجارة الرق وقد التحق معظم قواد زبير باشا بالمهدي امثال حمدان ابوعنجة و النور عنقرة
ولقد حمل الادب الشعبى لشعب النوبه كل الماسي التى حدثت فى عهد المهدية
*العهد الثنائي الانجليزي المصري 1898 – 1956
لم تسعف وصول المستعمر النوبه وانقاذهم من القهر والاضهاد بل ساهم فى تعميق الجراح اكثر ابتدا من معركة كرري التى سقط فيه خيرة رجال النوبه وهم العمود الفقري لجيش المهدي انذاك وما الجهادية السود الا دليلا على ذلك ومعسكرات امدرمان والمورده وودنوباوى الا تاكيد للوجود الموثر للنوبة فى قوة الدولة المهدية و
المستعمر لم يكن افضل حالا من المهدي بل عمل على اخضاء النوبه لسلطته بالقوة العسكرية منذ وقت مبكر وتمثل ذلك فى
*التجريدات العسكرية الكبيرة لاجبار النوبه على الولاء لسلطة المستعمر
* الزج بالنوبه فى حروب المستعمرات البريطانية وانتهاء بمحور الحلفاء فى الحرب العالمية الثانية
*التواطوء فى تحرير الرقيق من الملاك (مذكرة على الميرغنى /الشريف يوسف الهندي/ عبدالرحمن المهدي لمدير المخابرات بالخرطوم مارس 1925 م (علاقة الرق فى السودان محمد ابراهيم نقد )
*قمع كل الثورات الوطنية التى قامت فى جبال النوبه و المناهضة للمستعمر ( مك عجبنا -- على الميراوى -- ثورة تلودى – كواليب ووصل عدد معارك النوبه فى العهدين التركى والثنائى ما يقارب السبعة عشر معركة
*فرض الضرائب الباهظة للاهالي ( الدقنية )
*سياسة المناطق المقفولة وانعكاساتها على الواقع الاجتماعي
*اعادة النظر فى الموسسة العسكرية بعد ثورة اللواء الابيض
*حركة اللواء الابيض 1924
قاد على عبدالطيف احد ابطال النوبه ومجموعة من رفاقه حركة احتجاجية ضد المستعمر منادين ببعض من المطالب الوطنية لكن قوبلت تلك الحركة بالقمع من قبل المستعمر حيث اعدم منهم ونفي البعض خارج السودان ( مصر )
لكن حركة اللواء الابيض تعتبر مرحلة مفصلية فى تاريخ السودان الحديث حيث تمكن احد ابناء النوبه من قيادة الشعب السوداني بمختلف اثنياتهم فى بادرة نادرة الحدوث وكاد ان يكون مدخلا لبناء امة سودانية متجانسة لولا الدسائس والمؤامرات الحبيثة .
*موتمر الخريجيين : 1938
مثل الموتمر موشرا لتوجهات العناصر المستنيرة فى الوسط و الشمال النيلي والتى حملت الروية الاسلاموعروبية فيما بعد وايضا دور السيدين فى تكريس الولاء الطائفي وزوبان بعض الخريجيين داخل الاحزاب التى كونت لاحقا عام 1944 وتوجت مناداتها بالعروبة فى موتمر جوبا 1947 مما اجبر الجنوبيين بالتمسك بالفدريشن و ادى ذلك لتهميش النوبه وابعادهم من مطبخ صناعة القرار الوطنى عند فجر الاستقلال لكن اعتقد بانه ايضا حرك فى النوبه شعورا للمطالب رغم عدم وضوحها انذاك.
*الاستقلال 1956 -2011
مع قرب بزوغ فجر الاستقلال وفي ظل الترتيبات الجارية لسودنة الوظائف لم ينل النوبه شي يذكر من الوظائف الشاغرة رغم التضحيات الكبيرة ضد المستعمر فى كل العصور ورغم مساهمتهم المقدرة فى دعم الاقتصاد الوطني بالانتاج مما ولد الكثير من مشاعر الغبن لدى المستنيرين منهم
*حكومة اسماعيل الازهري 1954 – 1958 م
مع تشكيل اول حكومة وطنية و برلمان لم يحظى شعب جبال النوبه بالمشاركة فى تلك الفترة رغم المطالبات لكن توجه القائمين على امرادارة البلاد والانسياق وراء تيار العروبة والانتماء العربي وارتفاع اصوات المنادين بالدساتير الاسلامية كان احدى الاسباب التى ادت لتغبيش رويتهم للتنوع العرقى والثقافي والديني بل ان النوبه وجدوا انفسهم كسائر الشعوب الافريقية فى السودان مسلوبي الهوية دون سابق انذار ولم يكن لهم حظوة فى السلطة القائمة بل كان يتم نعتهم بالعبيد ودمغهم بالاعمال الوضيعة ( حمالوا القازورات ) وايضا التزمت حكومة ازهرى للمستعر بميثاق يتعهد من خلاله بعدم استغلال موارد جبال النوبه لمدة ستون عاما
*نظام عبود : 1958 – 1964 م
لم تحدث اي تغيير فى عهد عبود ولم تجد مشكلات النوبه حلا بل عمل على تعميقها وسلب خيراتهم وافقارهم بشتى الطرق مثل
*تمكين كبار التجار والمتقاعدين من الموظفيين المدنيين والعسكريين من حيازة مساحات كبيرة للمشاريع بالمنطقة ووضع شروط قاسية لتوزيع الحيازات يصعب على السكان المحليين الاستيفاء بها ما اجبرهم على ترك مناطقهم
واراضيهم الحصبة وظهور تحالف البيروقراطية الحكومية والبرجوازية المركزية المسيطرة على راس المال
*استمرار ضرائب الدقنية حتى سنة 1964 رغم خروج المستعمر
*سياسة القهر و الطمس الثقافى والاسلمة القصرية وتعريب المناهج وتعمدها في تحريف تاريخ النوبه العريق عبر الازمان
* الاقصاء المتعمد من الموسسات الامنية ومناصب الخدمة المدنية ذات الحساسية العالية ومواقع اسرار الدولة و الترقيات رغم كفاتهم ووفائهم
*التجنيد العسكري المكثف وسط النوبه كافضل العناصر لخوض حرب الجنوب لتنفيذ مشروع الاسلمة والتعريب قهرا ضد الجنوبيين
*ثورة اكتوبر 1964
لم يلتف القوة التقليدية والقوة الحديثة التى صعدت لمسرح العمل السياسي بعد الثورة لمشكلات الهامش بل انشغلت بصراعاتها السياسية والانقسامات والائتلافات فى ظل تفاقم مشكلة الجنوب رغم موتمر المائدة المستديرة 1965 وبقى انسان جبال النوبه يئن تحت الفقر والاهمال المتعمد واستخدموا فقط للفوز بالمقاعد البرلمانية من قبل الاحزاب الطائفية
ادى ذلك الى ميلاد كيانات مناطقية تنادي بالحقوق المهضومة ورفع المظالم التاريخية التى وقعت على شعوبهم وبرز فى تلك الفترة اتحاد عام جبال النوبه كتنظيم يعبر عن
تطلعات النوبه فى نيل الحقوق وايضا ميلاد الجبهة السودانية المتحدة بقيادة الاب فليب غبوش فى اوائل الستينات كتعبير حقيقي لتزمر النوبه من التهميش وتم حلها 1978 بعد المصالحة الوطنية مع نظام مايو
*نظام مايو 1969
برز بعض من ابناء النوبه فى عهد مايو كقيادات (محمود حسيب ) ونفذ قليل من مشروعات البنية التحتية وقد حظى الاب فليب غبوش ببعض من الامتيازات بعد عودته من الخارج عقب المصالحة الوطنية ، وكان للنوبه ايضا دورا مهما فى اتفاقية اديس ابابا 1972 وفى الجانب الاخر تواصلت مسلسل الكشات والاستهداف الاثنى للنوبه من الخرطوم واتهامهم بالعنصرية ومحاولة قلب النظام بالتحالف مع الغرابة ( الانقلابات العسكرية ) وسن قوانين جنائية مضرة لم تراعي ارث النوبه وثقافاتهم (قوانين سبتمبر1983 )
*ميلاد الحركة الشعبية لتحرير السودان 1983
كان تاسيسها منعطف تاريخي فى ظل صراع الهامش والمركز ومحطة محورية لنضالات النوبه حيث ارتفع حينها سقف مطالبهم وطموحاتهم رغم دخول البعض منهم فى مجلسي الشعب القومى والاقليمي 1981 ( يوسف كوه / دانيال كودى )
*الحزب القومى السوداني 1985
لقد لعب الحزب دورا موثرا وكبيرا فى تشكيل الوعى السياسي والحراك الجماهيري للنوبه فى سبيل تحقيق مطالب الشعب وايضا انتجت كوادر تنظيمية مقتدرة واسهمت كرافد مهم فى تغذية الحركة الشعبية عندما انطلقت فى جبال النوبه
*الكفاح المسلح فى جبال النوبه
اسهم الاضطرابات السياسية التى عصفت بالسودان فى اواخر ايام نظام مايو الى احتدام الخلاف بين يوسف كوه مكى و اللواء الفاتح بشارة حاكم اقليم كردفان دأخل مجلس الشعب الاقليمى الى خروج كوه غاضبا الى اثيوبيا والالتحاق بالجيش الشعبي لتحرير السودان فى 1984 وعند حلول عام 1987 تفجر الكفاح المسلح فى جبال النوبة بقيادة الكوماندور كوه معلنا الحرب ضد سياسات حكومة الصادق المهدي وكانت نقطة مفصلية للتاريخ النضالى لشعب النوبه فى ظل الدولة السودانية بعد الاستقلال وهى نتيجة طبيعية للتهميش القاسي المتراكم ، وكانت رد الفعل من قبل حكومة الصادق المهدي هى :-
*تشكيل وتسليح مليشيات من القبائل العربية والرحل لمواجه تمرد النوبه بل عمدت فى ممارسة سياسة افراغ المنطقة من سكانها الاصليين والاستيلاء على الاراضى والممتلكات بواسطة المليشيات
*ظهور منشورات تدعو الى قيام ما يسمى بدولة قريش2020فى اقليم جبال النوبه من القبائل الوافدة والدخلاء
* حكومة الجبهة الاسلامية القومية 1989 ( الانقاذ )
لقد اعطى الانقاذ الحرب فى جبال النوبه بعدا اخر باعلانها الجهاد ضد النوبه واهدار دمهم بمساجد شمال كردفان( 1992) فى عهد الوالى عبدالكريم الحسيني واحل قتلهم ومصادرة ممتلكاتهم كغنائم حرب وعقدت تلك الدعاوي المشكلة لابعد الحدود حيث اتسعت دائرة الحرب فى المنطقة و استخدمت فيه الحكومة كل انواع الاسلحة المحرمة دوليا لقتل النوبه بقصد الابادة الجماعية والتطهير العرقى ومارست ايضا :
*الحصار المحكم ومنع الغذاء والتعتيم الاعلامي وحجبه لرصد جرائم الحرب واتباع سياسة الارض المحروقة حرق القرى والانتاج الزراعي وتسميم مصادر المياه
*سياسة قرى السلام بهدف افراغ المنطقة من السكان وتفكيك النسيج الاجتماعى بعمل مخطط نقل وتوزيع النازحين لمدن وقرى متناثرة فى بقاع السودان
*استخدام الاغتصاب كسلاح رئيسي فى الحرب بقصد احداث الضرر النفسي وهزيمة الارادة الاجتماعية
*ممارسة انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان ( تقرير كاسبربيرو 1993 /1994 )
* محاولة شق صفوف النوبه باستمالة البعض من ضعاف الانفس بتوقيع بعض من الاتفاقيات الجزئية لافراغ القضية من مضمونها وتشتيت المطالب العادلة ( اتفاقية الخرطوم للسلام 1997 هارون كافى )
وبعد حرب مريرة لم تهزم فيه النوبه وقعت اتفاقية سويسرا لوقف اطلاق الناربين الطرفين عام 2002 وكان مدخلا مهما لتوقيع اتفاقية السلام الشامل بمنتجع نيفاشا بدولة كينيا
جاءت التوقيع على اتفاقية نيفاشا كمحصلة نهائية ومساومة تاريخية فى ظل وجود مشروعين مختلفين ( السودان الجيد و المشروع الحضاري )بمفاوضات ماراثونية وشاقة افضى فى الختام الى برتكول منفصل لاقليم جبال النوبه وتضمنت فيه مكاسب كبيرة ناضل من اجلها شعب النوبه
*تنفيذ اتفاق السلام 2005 وشيطان التفاصيل فى اشتعال الحرب الثانية
نجد ان الاسباب الرئيسية فى اندلاع الحرب للمرة الثانية هي
*تعمد الموتمر الوطنى فى التلكؤ وحرق جداول التنفيذ حسب الاتفاق
*محاولة اضعاف الحركة الشعبية كشريك فى السلطة وشق صفوفها والهائها عن القضايا المهمة
*حلق زرائع واهية للتملص من الالتزامات والقاء اللوم على الاخرين
*الشروع فى حشد المليشيات والاسلحة الثقيلة بالولاية رغم الضوابط المحددة فى الاتفاقية عن اعداد القوات المشتركة المدمجة المسموح بها
*تزوير التعداد السكاني واختيار دوائر بعينها لتسجيل منسوبيه
* الحملات الانتخابية التحريضية ودعوات صناديق الذخيرة
*تزوير نتائج الانتخابات ورفض الحركة الشعبية الاعتراف بها
ومقاطعتها للمجلس التشريعى الولائى وشل اداء المجلس
*محاولة السيطرة على الموارد الاقتصادية للاقليم بعد ذهاب نفط الجنوب مع الاحتفاظ بالشريط الحدودي الطويل لضمان عبور المليشيات لضرب استقرار دولة الجنوب
*تصريحات قادة الموتمر الوطني بعد انفصال الجنوب وسعيهم لالغاء الحركة الشعبية
من المسرح السياسي فى السودان الشمالى
*ارسال مذكرات بسحب ابناء النوبه بالجيش الشعبي خارج الاقليم
*الشروع فى نزع سلاح الجيش الشعبي بالقوة فى يونيو 2011
وفي الخاتمة نقول بان ماحاولنا سرده يمثل جزء قليل من تاريخ طويل وعميق لشعب ظل يصارع من اجل البقاء حرا ومحافظا على مجده وتاريخيه .
*المقترحات
*البحث العميق لتاريخ النوبه منذ القدم وتدوينه
*ايجاد مشتركات لغوية لكتابة لغة موحدة للنوبه
*تدريس تاريخ النوبه المنقح فى مرحلة التعليم الاساسي
*غرس روح التاصيل للاجيال المقبلة والتمسك بالارث
* الاهتمام بالفن الشعبي والثراث بمثابة ناقل طبيعى للتاريخ
*ممارسة حق تقرير المصير لشعب الاْقليم
*تدريس لغة النوبة بالمدارس
*زرع روح حق تقرير المصير في الاْقليم
مقدمه : الاْستاذ عوض اْمبيا _ هارون اْبراهيم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.