أفق بعيد فيصل محمد صالح ايام في ألمانيا (3-3) أختم اليوم حديثي عن منتدى الإعلام العالمي بمدينة بون الالمانية الصغيرة، العاصمة القديمة لألمانياالغربية، حين كانت هناك المانيتان، شرقية وغربية. وعقب الحرب العالمية الثانية وتقسيم المانيا، اختارت المانياالغربية أن ترحل بعاصمتها بعيدا عن منطقة النزاع، ووقع اختيارها على مدينة بون الصغيرة والهادئة. ثم لما سقط جدار برلين وتوحدت ألمانيا صارت برلين الموحدة هي العاصمة، كما كان سابقا. وللتعويض على بون فقد أغرت الحكومة الألمانية منظمة الأممالمتحدة لجعل بون مقرا لكثير من منظماتها ومكاتبها ومؤتمراتها. ذكرت سابقا ان الشعار الأساسي لمنتدى هذا العام كان \"حقوق الإنسان في عالم العولمة: تحديات أمام الإعلام\"، وكان طبيعيا أن تتناغم كل الجلسات العامة والمتزامنة مع مضمون هذا الشعار. ابتدأ السمنار بكلمات افتتاحية لعدد من المسؤولين الألمان والأوروبين عن أهمية دور الإعلام في حقوق الإنسان، ثم بدأت الجلسة العامة الاولى عن \"حقوق الإنسان والتنمية: أي دور للإعلام\"، وتحدث فيه وزير التعاون الدولي ديرك نيبل وعدد من الشخصيات العامة. ثم انتقل الحضور لجلسة عامة أخرى ناقشت موضوع الاتجار في البشر كجريمة دوزلية، وهذا واحد من أكثر القضايا حساسية في أوروبا هذه الأيام، مع ازدياد موجة الهجرة غير الشرعية، وناقشت جلسات أخرى حق الحصول على المياه والصرف الصحي والتعليم والغذاء باعتبارها من أساسيات حقوق الإنسان. وكانت من المواضيع المثيرة للانتباه قضية \"الإعلام الإسلامي في بيئة علمانية\" التي ناقشها الصحفي الفلسطيني وفيق الناطور، ومحمود عايش من مجلس الإعلام في ابو ظبي، والصحفي التركي سميح دندر والأستاذة الجامعية المصرية هبة رؤوف عزت. وركز الحضور على تجارب بلادهم وعلى حالات التناغم والحوار والصدام بين أجهزة الإعلام ذات التوجهات المختلفة، ونقاط الالتقاء والفراق، والقضايا ذات الحساسية العالية وكيف تتعامل معها أجهزة الإعلام المختلفة. كما ناقشت جلسة أخرى موضوع حرية الاعتقاد والتدين وكيف يتعامل معها الإعلام في ظل النمو المتزايد للحركات الأصولية. وكالعادة كان حضور المدونين من الدول العربية وبلاد أخرى قريبة مننا، ظاهرا، واحتلت مصر وتونس المقدمة، مع حضور من اليمن وفلسطين وكينيا وغانا، حيث ناقشت الجلسات دور الإعلام المجتمعي والاجتماعي وصفحات المدونين، وناقش بعضها استخدام الهاتف المحمول كوسيلة لنقل الأخبار. وخصصت جلسة لمناقشة وضع حرية الإعلام في دولة جنوب السودان الجديدة، وكان من المفترض حسب البرنامج أن يشارك فيها وزير الإعلام في حكومة الجنوب برنابا بنجامين، لكنه تغيب عن الحضور، في حين شاركت جوزفين آجيرو مسؤولة البرامج براديو بخيتة، وكريستين موللر عضو البرلمان الالماني ومانويلا روميرو من إذاعة دويتش فيللا والتي تعمل في تدريب الصحفيين بجنوب السودان، وكان النقاس ساخنا يتطلب حضور مسؤول من حكومة الجنوب ليرد على الاتهامات التي جاءا من جميع الجهات، والتي عكست تشاؤما من وضع حرية الإعلام في الدولة الجديدة. وفي جلسة أخرى ساخنة عن الاستثمارات العالمية وحقوق الإنسان، أحرج صحفي ليبيري مفوض حقوق الإنسان الالماني ماركس لونينق والمشاركين معه في الحوار حين تحدث عن دور الشركات والحكومات الاوروبية في غفساد الحكام الأفارقة ومساعدتهم في اخفاء ثرواتهم المهربة إلى البنوك الأوروبية. كان المنتدى تجربة جيدة ومفيدة وتمرينا ساخنا في الجري واللهث لمتابعة الجلسات المتزامنة، وفرصة للتعرف على التجارب العالمية المختلفة، شكرا لإذاعة دويتش فيللا ولمعهد غوتة. الاخبار