اليوم الفصل ..!! شمائل النور إنه ليس سبتاً أخضر.. اليوم فقط قد تكونون أدركتم تماماً أن هذا الشعب ماتت فيه مبادئ وقيم ليس أمامنا إلا أن نرفع الأكف بالفاتحة عليها، والدعاء لهذا الشعب أن يرجع الله له هيبته التي نزعتها السنين العجاف،، اليوم السبت التاسع من يوليو هو اليوم الفصل في تاريخ السودان، إنها المرة الأولى التي ينقسم فيها السودان إلى دولتين ولا زال أهله يحتربون رغم تقاسم الأرض،، هي المرة الأولى التي تتغير فيها الجغرافيا والتاريخ بشكل مطلق جرد الأشياء من أشيائها، وقد بانت الملامح الفظة لهذا الحدث، المرة الأولى التي تُعاد فيها ذكرى \"ياغريب يلا لبلدك\" واقعاً ملموساً في تنكيس علم السودان الذي مر على رفعه أكثر من خمسين سنة، تنكيس لن تغسله مبادرات جهاز الأمن الوطنية ولو رفرف العلم على رأس كل مواطن، بل هي معادلة غير مقبولة ولن تُخفف تلك اللحظة العصية، لحظة إنزال علم السودان في باطن أرض السودان، ليحلّ محلّه علم آخر، رغم كل تلك الأحداث التي نعيشها أول مرة في تاريخنا إلا أن الشارع الشمالي تختلط فيه المشاعر بين حزن دفين ولا مبالاة، ما يجعلك ترفع درجات إيمانك بأن هذا الشعب قد فقد كثيراً من حواسه الفطرية، فلم يعد يُبالي حتى بحدث تاريخي مفصلي مثل انقسام السودان إلى شمال وجنوب، أم أنهم لم يستوعبوا هذا الأمر بعد، وبالمقابل فالشارع الجنوبي يعيش هذه اللحظات بفرحة تبدو لنا ونحن في الشمال وكأنها فرحة عرجاء إذ كيف يفرحون لحدث يشرخ تاريخ وجغرافيا وطنهم، لكن هي قناعاتهم ويقينهم. الآن فقط وجب أن نقول وندقق التوصيف بين السودان الشمالي كوطن مستقل والسودان الجنوبي كوطن آخر وهذا أصبح واقعاً اعتباراً من اليوم، اليوم فقدنا الكثير من الصفات التاريخية التي لن تعود ثانية، فلم يعد السودان الأكبر مساحة، وحزني على خريطة كانت تتوسط أطلس الجغرافيا،، ورويداً رويداً سوف نفقد صفة التعدد والتنوع الذي شكل هوية السودان الجامع. كذّاب من يقول إنه لم يحزن لانقسام السودان إلى دولتين، وكذّاب ومكابر من يقول إنه فرِح لهذا التاريخ الجديد، وحتى أولئك الذين يتظاهرون بالانتصار فهذا ظاهرهم ففي باطنهم يعتصر الألم والندم لكنهم تعمدوا أن يحجبوه لأن هذا دور يجب أن يؤدوه،، غضّ النظر عما تفعله السياسة وما تمارسه عقول الساسة الجنوبيين إلا أنه يبقى من الغباء أن يختزل هؤلاء فرحتهم بالانفصال، ظناً منهم أنهم انتصروا على الحركة الشعبية تلك التي تخالفهم الفكرة والدين والمنهج، بل هذا انهزام لفكرتهم هم، لأنهم فشلوا في الإقناع بها، فلم تكن السياسة في يوم من الأيام تمثل شعوبها، ولن يكون، إذن ليس من العدل أن نؤمن بأن الحركة الشعبية تمثل إنسان الجنوب ولا أرض الجنوب، فنفرح لرحيلها جنوباً، فمثلما نؤمن نحن الشعب الشمالي بأن الحركة الشعبية لا تمثل إنسان الجنوب، فأنتم أيضاً يجب أن تفهموا حقيقة واحدة، أنتم لا تمثلوننا ولن تمثلونا ما دامت هناك مجرد ابتسامة أمام أشلاء الوطن. التيار