وفجأه انهارت خمسه عقود ونصف تقريبا من الثبات الجغرافى والاستقرار المكانى لجمهوريه السودان اكبر دول افريقيا مساحه وتنوع جغرافى متميز فى المناخ والبيئه والطبيعه . انهارت خمسه عقود ونصف من هذا الثبات الذى ظل فى وجدان الشعب السودانى وتراثه وثقافته وحتى اغنياته . وعصفت الرياح بكل امل فى الوحده بين الشمال والجنوب وهذه هى الاراده السياسيه لكل من المؤتمر الوطنى والحركه الشعبيه كقيادات دون مراعاه لمشاعر الانسان السودانى بشقيه جنوبى او شمالى او بين هذا وذاك . والتاسع من يوليو يعنى تغيير خريطه السودان السياسيه ليس على مستوى السودان فحسب ولكن على المستوى العالمى مما يستدعى التغيير فى الاطالس المعروفه والخرط الدوليه التى الفناها . تم استيلاد دوله جنوب السودان من رحم السودان سواء كان ذلك باراده الحزبين او القوى الدوليه التى شاركت فى وضع وتنفيذ اتفاقيه السلام الشامل المسماه بأتفاقيه نيفاشا ليجد السودان نفسه قد انشطر وتمزق ولا ندرى هل يقف الامر عند هذا ام ان الامر سوف تكون له مضاعفات اخرى وقيام دول اخرى . لقد اصبح السقوط فى براثن الانقسام والتشتت امرا واقعا ومريرا ومؤلما وقد كنا نحسبه مستحيلا . وولاه الامر يؤكدون بان التشرذم والتمزق حتما وامرا لا مفر ولا فكاك منه . ونحسب ان مبادىء الشموليه والتهميش كان وراء كل ذلك التشتت فلو كانت هناك ديمقراطيه حقه لما حدث ما يحدث الان ولو ان انقلاب الانقاذ تأخر قليلا لكانت اتفاقيه الميرغنى قرنق كافيه لاهل السودان ولكن الذين دبروا الامر ليلا قد اتو بالذى يجرى الان . وما يصيب هذا الوطن الذى عشقناه صوره مصغره لما حدث واصاب الاتحاد السوفيتى فى مقتل . تلك الامبراطوريه الجباره التى اخترعها لينين وارسى قواعدها ستالين ظلت سبعه عقود حتى صارت من الدول ذات السطوه حتى هدم اركانها غورباتشوف واطلق عليها رصاصه الرحمه الرئيس يلتسين . وما حدث هناك يحدث هنا اليوم فى ارض المليون ميل مربع لتتفكك الخريطه السياسيه السابقه للسودان العظيم وينقسم شعبه ما بين جنوبى وشمالى فى التاسع من يوليو . لقد تطورت موضوعات الجغرافيا على مر السنيين منذ ان عرف العالم علم الجغرافيا . وانتقلت موضوعات الجغرافيا السياسيه من دراسه الوزن النوعى للمناطق الجغرافيه ومشكلات الحدود السياسيه الى فضاء ارحب لدرجه انها تماست مع قضايا العولمه وهويه الدوله وتباين وصعود وهبوط القوميات وجس نبض الحركات الدينيه . بل اصبحت الجغرافيا السياسيه تهتم بصراع المركز والاطراف كما اهتمت بمشاركه المرأه فى العمل السياسى والتزوير فى الانتخابات على اساس جغرافى وغيرها من الموضوعات التى تعمل على صياغه القرارات او تنزيلها . ولا يمكن وفى هذا العهد ان نعتبر الجغرافيا تمثل الثبات فقد تداخلت الجغرافيا مع السياسه وتزاوجت الثروات الطبيعيه مع الفلسفات الايدولوجيه حتى صارت كما قيل تجمع بين ما تخفيه الصخور وما تخبئه الصدور . التاسع من يوليو يوم غير عادى ليس على مستوى السودان فحسب ولكن على مستوى العالم اجمع الذى يشهد ميلاد دوله جديده لم يشارك الشعب السودانى كله فى استيلادها القيصرى . ولا ندرى تبعات هذا الانقسام الى اين تقود الشمال او الجنوب .. انها الاراده السياسيه والشعب السودانى برىء منها . عبد الله احمد خير السيد المحامى / كسلا عبد الله احمد خير السيد خير السيد [[email protected]]