الصادق المهدي الشريف [email protected] من المتوقع أن يقف الرئيس البشير اليوم أمام المجلس الوطني لإلقاء (خطاب مهم للأمة).. كما جآءت بذلك الأخبار. يجيئ خطاب البشير بعد نهايو نيفاشا مباشرةً.. بعد ثلاثة أيام من إنفصال الجنوب وتكوينه لدولته الخاصة به. يخطب فينا الرئيس بعد نهاية نيفاشا.. رغم أنّ نيفاشا لم تنتهِ بعد.. وما زالت هي الإتفاقية الجدلية التي عكننت/وتعكنن على البلاد من خلال البروتوكولات التي تضمنت قضايا المناطق الثلاثة. الهدف الاساسي من نيفاشا كان هو (الإستقرار).. وكان من ضمن قواعدها واسسها أن يعمل شريكا نيفاشا على جعل (الوحدة جاذبة). لكن الذي حدث عملياً هو أنّه لم يتحقق الإستقرار الذي بشرت به نيفاشا.. ولم تكن الوحدة جاذبة للجنوبيين.. بدليل إنّهم اختاروا الذهاب بعيداً عنّا. ضاعت الوحدة.. ولم يتحقق الإستقرار.. ولم تنتهِ نيفاشا. من المتوقع من الرئيس اليوم أن يضع ملامح (الجمهورية الثانية) وهو الاسم الرسمي الذي تمّ إطلاقه على مرحلة ما بعد نيفاشا. فماهي المعطيات الحالية التي يمكن على اساسها وضع ملامح للجمهورية الجديدة؟؟ ما هي الركائز التي تُمكننا من بناء سودان جديد (ليس سودان الحركة الشعبية.. وإنمّا سودان غير القديم الذي عشناه). من أسوأ صفات السودان القديم هو عدم التداول السلمي للسلطة.. وإحتكار القرار.. وتغييب الشباب.. وتدهور الإقتصاد. فهل ستنتهي هذه المشكلات؟؟.. هل سيغير الرئيس البشير من الوضع الحالي (والقديم) الذي جعل حزب المؤتمر الوطني هو الذي يدير البلاد دون وجود شركاء آخرين؟؟؟. وقد يكون مفيداً أن نستدعي من تراثنا السوداني والإسلامي المأثور الذي يفتح الباب أمام الآخرين ف(الحكمة لا يحتكرها أحد.. ونصف رايك عند أخيك.. وما خاب من استشار.. وبيت الشورة ما خِرِبْ). نريدُ سوداناً تقدح كل العقول في تقرير مصيره.. لا سوداناً فرعونياً.. لا يرى الناس فيه إلا ما يرى الحزب الحاكم.. نريدُ سوداناً يسع الجميع بحقٍّ وحقيقة.. وليس مجرد كلماتٍ تتطاير مع الأثير وتعبر الآذان.. ثُمّ تعبر الى حيث لا حيث. الإحتقان الإقتصادي الذي أفقر الشعب فقراً اقرب للكفر هو نتاج الممارسة السياسة غير الراشدة.. ولن يخف ذلك الإحتقان إلا بترشيد الممارسة السياسية.. ولن ترشد الممارسة السياسية إلا بفتح الآذان الحكومية للآراء الأخرى. أزمات جنوب كردفان ومن قبلها أزمة دارفور هي نتاج العقل الإستعلائي الذي يستخسر السلطة والثروة في أبناء ذلك الإقليم المنكوب.. رغم أنّ أيِّ تنازل تقدمه الحكومة لدارفور فهي تقدمه لأبناء السودان وتحقن به دمائهم.. وأيِّ جنيهٍ يذهب الى دارفور.. فهو يذهب الى ارضٍ سودانية (لا إسرائيلية). نريد من الرئيس أن يشكر الطاقم القديم (الحرس القديم) الذي استوزر لعقدين من الزمان.. وأن يبدأ بما وعد به مواطنيه.. بحكومة (رشيقة).. صغيرة.. ذات إنفاق قليل.. وعمل كثير ومُثمِر. فلو استمر الحال على ما هو عليه.. ستكون الجمهورية الثانية مجرد نسخة من الجمهورية الأولى (أنسخ وألصق Copy & Paste).. دعونا نحلم بسودان آخر غير الذي نعرفه. صحيفة التيار