تحقق حلم وبقيت احلام ...! أتيم أتيم بول ملبورن استراليا [email protected] لم ينم اغلب الجنوبين طوال ليلة الثامن من يوليو بانحاء العالم بل ظلوا ساهرين يقظين حتى الفجر ، كل لدافع يختلف عن الاخر فى الكيف والكم وجغرافية السكن ، بعضهم يتفق فى القلق الذى يساور اخيه او اخته الجنوبية الاخرى ، الامر الذى ساهم كثيراً بطرد النوم من جفونهم . الرئيس سلفاكير على ما يبدو هو اول الساهرين الذى بداء قلقاً ، غير مصدق على وصول السفينة التى يقودها الى بر الامان بعد الصراعات الطويلة مع الامواج والاعاصير القوية التى احدثت اضراراً لا تحصى بالسفينة فعدد الاثقاب التى سدت كثيرة حتى لم يعد هنالك غار لسد اى ثقب آخر والماء بداء يتسلل الى السفينة بشكل هائل مع الاقتراب الى الساحل فى الوقت الذى ينشغل فيه جميع الركاب بمصارعة الرياح العاتية ، على ما سيحمله عصابات الفساد هى الاكثر قلقاً من ولادة الدولة الجنوبية فهم بين خيارين ، خيار البحث عن سبل البقاء والتشبس بالسلطة حيث سيسهل ذلك عملية الاستمرار بالفساد وتحويل ما يحصلون عليه لحسباتهم الخاصة . يتطلب ذلك مزيداً من تضليل المواطن لينتخبه ممثلاً له بمجلس ولائى او بالحكومة المركزية بجوبا او )رام شيل( مستقبلاً ، لم تنام هذه الفئة من الجنوبين بل ظلوا ساهرين الليل يضربون اخماساً باسداساً ههم المال وحسب ، ويضعون فى احتمالاتهم ظهور قضاء نزيه قد يطاردهم بلا هوادة ، يتصلون ببعضهم هاتفياً لوضع ترتيبات شيطانية لذلك . حتى المتربصين )الناشالين( بجيوب الاخرين ساهروا سعيدين فالتاسع سيكون عيداً قومياً لهم ، يجمعون فيه اموالا لا تحصى يحققون بها رغباتهم الدنيئة فحكمتهم المشهورة فى الزحمة الرحمة . اما المواطن المغلوب على امره فظل ساهر بالخرطوم والمدن الشمالية التى يقيمون فيها كل يتسال مع نفسه ، ترى ماذا سيحدث بعد اعلان استقلال دولتنا الجنوبية ؟ ماذا اذا اصاب احدنا علة ونحن بالشمال اين سنجد علاجاً له ؟ فى ظل حكومة حجبت العلاج عنا ليس ذلك فقد اعلنت انها لن تستخسر حقنة واحدة فى سبيل انقاذ جنوبى عقاباً على تصويتنا للانفصال ، ماذا اذا ذهبنا الى ارض الوطن ترى هل سنجد علاجا فيما نسمع من فساد متحكم ؟ تحقق حلم الانفصال الذى سخرنا له كل طاقاتنا ونحن غير نادمين عليه ، فهو قرار صائب اتخذه كل مواطن جنوبى حر يسعى ويحلم بالحرية والعدالة ويتوق لهما ، اخترنا بمحض ارادتنا ان نكون وثنين مسيحين ومسلمين مستقلين لذاتنا بعد ان فشلت كل الجهود الرامية للعيش معاً بدولة تسع الجميع منذ خروج المستعمر الاول ، ظللنا ننادى بالمساوة ولا حياة لمن تنادى ، بكينا حتى التهبت اعيننا وجفت ماقينا علنا نجد قلباً رحيماً الا ان الاذان صمت ، حملنا السلاح لعله يكون الملاذ الاخير فقتلنا وقتلنا وبقيت الامور كما هى ، واخيراَ سنحت فرصة ان يقول كل رايه بحرية وصدق عبر صناديق الاقتراع ، توحدتنا كلمتنا رغم اختلافاتنا العرقية والسياسية فالهم واحد . ودع الشمالين اخوتهم الجنوبين بمستوى الحزن المتبادل فانهمرت الدموع وكانهم يوكدون للجميع بان علاقة الدولتين ستكون اشبه بالكوريتين لا الالمانيتين حيث لا آمل للالتقاء بوجود البشير وخاله المستشار الشخصى الاسرى العنصرى بسدة الحكم. نحمد الله كثيراً ونشكره على بلوغنا لروية هذا اليوم الذى تمنى الكثير من المناضلين رويته فلم يستطيعوا ، لانهم اصبحوا بقائمة شهداء القضية ، تحقق حلم واحد كان يثقل كاهل المواطن الجنوبى ويمنع النوم عنه لسنوات عديدة ، سينام المواطن الجنوبى مرتاح البال مطمئن الخاطر ولكن هنالك احلام اخرى تؤرقه الفساد بمؤسسات الدولة ، انتشار المحسوبية بالمصالح الحكومية حيث يصعب على خريج جامعة مؤهل لايجاد فرصة عمل فى الوقت الذى توزع الوظائف لغير المؤهلين الذين لا يستحقونها ، حلم عودة كل مواطن لارضه وممارسة حياته الطبيعية بأمن ، التعليم للكبار و تعميم برنامج محو الامية التى تسير على خطاه بعض الولايات الجنوبية ، تشجيع واستعياب الكفأت المهاجرة لبناء الوطن ، التقليل من الاعتماد على العمالة الاجنبية ، انشاء المدارس والجامعات الحكومية ، انشاء مستشفيات بالولايات والمحافظات والمحليات الخ..... ، اتمنى من حكومتنا تحقيقها عاجلاً طالما الارادة موجودة والثروات الطبيعية التى خصنا الله بها بباطن الارض وظهرها ، والشباب القوى موجود فما الذى يمنع من تحقيق احلام المواطن ؟ بعد تنصيب الفريق سلفاكير ميارديت رئيساً للدولة الوليدة واداءه لليمين الدستورى كحاكماً للجنوب ، وبعد خطابه التاريخى لشعبه ، سحبت الشمس خيوط اضواءها لتستريح وتستعد لافراح اليوم التالى ، هدأت الاصوات وعاد المجتمعون وكل المواطنين الى ديارهم ، منهكي البدن من جراء الرقص المتواصل ، عاد أبناء أبيى الى احزانهم ليفترشوا الارض ويلتحفوا بالسماء خارج ديارهم ، ليحلموا بالعودة المرتقبة اليها وقد سبقهم الحنين المسرع لهنالك . ظل الخال الرئاسى الطيب صالح ومجموعته ساهرين وكل السودانين نيام ، يخططون ويدبرون ويعدون المكائد والمحن لخلق فتنة ، تجعل الجنوب يستيقظ قبل اكتمال فجر الاستقلال .