ضد الانكسار ما تحتاجه البلاد أمل أحمد تبيدي الثورات التى تتفجر الآن دليل واضح على عودة العافية للشعوب التى حرمت من حريتها وشعرت بمدى تخلفها رغم وجود الامكانات الهائلة، ويشعر المواطن العربي بأن الرؤساء يتعاملون معه باحادية دون إعطائه فرصة ليكون صاحب قرار او حتى منحه حقوقه حتى ولو منقوصة، ولكنهم يسعون الى تجريده من كل ما يستحقه دون وضع اى اعتبار لكونه مواطناً على الأقل يستحق حق التعبير بحرية، وكالعادة دائما ما تطيح المؤسسة العسكرية الحكومات الديمقراطية، وأن البعض يتهم الاحزاب بأنها وراء وأد الديمقراطية، وهى التي تسعى نحو المؤسسة العسكرية بعد أن تفشل فى إدارة البلاد، وعندما تتسلم المؤسسة العسكرية السلطة تسعى إلى التخلص من عرابي الانقلاب عبر إعدامهم او الزج بهم فى السجون، فما تعانى منه البلاد أزمة حكم حقيقية، فقد اتسمت الحكومات العسكرية بالقبضة الامنية مع تحكم قلة فى مصائر العباد، ومع تغييب الشفافية ينتشر الفساد بكافة أنواعه، وتصبح البلاد محكومة عبر الترسانة العسكرية التى تعدم كل من يحاول مخالفتها. اما الأحزاب عندما تتسلم السلطة فهي تغرق فى الخلافات وتفشل فى تكوين حكومة، فالإصلاح والتغيير يجب أن يطول ايضا أحزابنا السياسية حتى تتمكن من تلبية طموحات الشباب خاصة، والسعى لخلق بيئة سياسية تساهم فى استقرار البلاد، فالتغيير يحب أن يكون شاملاً حتى نتجاوز حالة الركود أو ما يمكن تسميته التحرك داخل دائرة مغلقة، وكما قيل: إنى رأيت وقوف الماء يفسده إن ساح طاب وإن لم يجر لم يطب والأسد لولا فراق الأرض ما افترست والسهم لولا فراق القوس لم يصب والشمس لوقفت فى الفلك دائمة لملها الناس من عجم ومن عرب فالأغلبية حائرة، فلا الحكومات العسكرية لبت طموحاتها ولا الاحزاب السياسية حققت الاهداف التى حلم بتحقيقها الشعب الذى انتفض ضد الحكومات العسكرية، فالمعادلة استصعب حلها، فالمدافعون عن حقب الأحزاب يتناسون فشلها وعجزها فى تكوين حكومة، وأنها غرقت فى محيط من الخلافات، وتفاقمت قضايا البلاد الاجتماعية والاقتصادية. والذين يهتفون ويهللون لحكومة الإنقاذ أو حزب المؤتمر الوطنى يتناسون السياسات الضاغطة التى تمارسها الحكومة تجاه مواطنيها والفقر الذى طال أغلب شرائح المجتمع، وخلق عدائيات داخلية وخارجية البلاد فى غنى عنها، وفشلت فى خلق استقرار بنشر الحروب فى كافة الاتجاهات. إنها الانقاذ التى كما ذكرت «غطست حجر البلاد والعباد» فماذا تبقى؟ فبعد الفرص التى أتيحت للأحزاب والمؤسسات العسكرية وما تولد خاصة من الأخيرة، لا بد من السعي لخلق أحزاب جديدة برؤى وأفق عالٍ، أحزاب تؤمن بالديمقراطية وتمارسها داخل مؤسساتها، وتكون هى صمام الأمان للبلاد من ويلات الحروب، وتزيح المفاهيم القبلية التي شكلت أس الأزمة، فلا بد أن يتفاءل هذا الجيل خيراً، ويتحرك لخلق واقع جديد يرسمه بوعي حتى يتم اجتثاث الفساد ومحاكمة المفسدين الذين ساهموا فى زعزعة البلاد وإفقار العباد. إن التجمعات الشبابية فى داخل وخارج السودان، تحاول أن ترتب أوضاعها لتبدأ مرحلة التغيير والإصلاح، وهذه المرة لن تتمكن الترسانة العسكرية من إيقاف الموج الهادر، إنهم الأغلبية التى صمتت وصبرت حتى تجبر المسؤولون، فبعد المحاربة فى القوت وفرض الضرائب والرسوم بمسميات مختلفة، الآن يحاسب المواطن على قطرات المياه، ولا أرى تفرعن مسؤول فى دولة مثل تفرعن المسؤولين فى بلادى الذين يحسدون المواطن على شجيرات أمام داره يستظل بها من حرارة الجو فى بلد رغم سدودها تعانى من انقطاع الكهرباء، ورغم نيلها تعاني الآن من انقطاع المياه، وإن وجدت فهي ملوثة يا سبحان الله، فما يحدث يشير إلى أن المؤشر يتجه صوب التغيير المدروس، فكل أفعال المسؤولين تقود الى انتفاضة تزيح الفساد وتعيد التوازن للبلاد بعد تفشي الظلم والفساد. وقال الخليفة عمر بن عبد العزيز لأحد الولاة طلب مالاً ليبنى سوراً حول عاصمة الولاية، وماذا تنفع الأسوار؟ حصنها بالعدل ونقي طرقها من الظلم !! وهذا ما تحتاجه البلاد ويحلم به العباد. وحسبي الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. الصحافة