أفق بعيد فيصل محمد صالح [email protected] أبطال المعارك الصغيرة أصدر مجلس الصحافة والمطبوعات قراراً بسحب تصريح ترخيص صحيفة \"أجراس الحرية\"، بما يعني حرمانها من الصدور نهائيا، واعتبارها غير موجودة. جاء خطاب مجلس الصحافة مصحوباً بتوضيح يقول أن القرار صدر استناداً إلى خطاب وزير الإعلام المعنون إلى وزير العدل ومجلس الصحافة مقروءاً مع عدد من المواد الصحفية، هي (7-1-أ) ، (9-ب)، (21)، و(28). ودعونا نبدأ القصة من الأول، قرر المجلس يوم الثامن من يوليو، قبل يوم من إعلان قيام دولة الجنوب، بايقاف ستة صحف عن الصدور، من بينها صحيفة \"أجراس الحرية\"، بحجة أن حملة اسهمها أجانب، وباعتبار ان المادة (28) تقول إن الناشر يجب أن يكون سوداني الجنسية. هؤلاء الأجانب مقصود بهم حملة الأسهم من أبناء الجنوب، الذين لم يكونوا قد أصبحوا أجانب وقت صدور قرار المجلس، ولم تكن تعديلات قانون الجنسية قد صدرت بعد، فانظر كمية الترصد وسوء النية المبيتة، خاصة أن القرار صدر دون إعطاء الصحف مهلة لتوفيق أوضاعها. بالنسبة لصحيفة \"أجراس الحرية\" يملك شخص واحد من جنوب السودان ما قيمته (8.3%) من أسهم الشركة المالكة للصحيفة، أما بقية الاسهم فمملوكة لشركاء من الشمال. وبالتالي، ورغم الإجحاف والمخالفات القانونية وسوء النية، تستطيع توفيق أوضاعها مع \"الأجنبي\" الوحيد الذي يحمل أسهمها، وهو عضو سابق في المجلس الوطني، بلا صعوبات ، وليست هناك أي مخالفات قانونية في هذا الأمر. لكن فوجئت إدارة الصحيفة قبل يومين بخطاب يفيد سحب ترخيصها، استنادا كما قلنا لخطاب وزير الإعلام لوزير العدل، الذي لا نعلم فحواه، وللمواد المذكورة التي سنفصلها فيما يلي: المادة (7- 1-أ) تختص بالإشراف على المجلس، وتقول إن المجلس تحت إشراف رئيس الجمهورية التي تخطره بالسياسات العامة للدولة فيما يتعلق بمهنة الصحافة، وترتبط بها المادة (7-3) التي أهملها خطاب المجلس وتنص على أن \"يتولى الوزير مهمة التنسيق بين المجلس ورئاسة الجمهورية دون التدخل في اختصاصات المجلس وسلطاته\". والجملة الأخيرة في غاية الأهمية، فالوزير ليس من حقه التدخل في اختصاصات المجلس وسلطاته. ويعني هذا أن مجلس الصحافة يتحمل كامل المسؤولية عن قرار الإيقاف، وكونه خضع لتوجيهات الوزير، بالمخالفة للقانون، فهذا لا يعفيه من المسؤولية القانونية والأخلاقية والسياسية. المادة (9- ب) توضح سلطات المجلس في منح الموافقة على مزاولة العمل الصحفي للشركات، وليست هناك مشكلة فيها، ويبدو لي أن لا علاقة لها بسحب الترخيص، لأنها لا تشير لشروط الترخيص أو سحب الترخيص، فالمادة (9-م) هي التي تنص على ذلك. المادة (21) تتحدث عن أن من شروط صدور الصحيفة الحصول على موافقة المجلس بعد دفع الرسوم التي تحددها اللوائح، والصحيفة المذكورة حصلت على الترخيص منذ سنوات وهي توالي الصدور، أما المادة (28) فكما ذكرنا تقول إن الناشر يجب أن يكون سوداني الجنسية. أين خالفت الصحيفة القانون؟ لا يشير خطاب الإيقاف لذلك، ولن يشير، ببساطة لأنه يعلم أن المسألة ليست قانون، ومتى كانت الأمور في بلادنا تجري على مسار القانون وحده. لقد توقفت الصحيفة عن الصدور امتثالا لقرار التوقيف وبدأت في توفيق أوضاعها، فما الجديد الذي يؤدي لسحب ترخيصها؟ لم يحدث جديد على أرض الواقع، لكن يحدث الكثير في أقبية التآمر وعقليات لوي عنق الحقيقة ويد القانون، لقد انتصروا في معركة \"أغاني وأغاني\" وانتصروا في معركة \"أجراس الحرية\"، وليتهم ينتصرن يوما في أي من المعارك الكبيرة، ولن يستطيعون، فهذه حدود قدراتهم وإمكانياتهم. الاخبار