آخرمسمار في نعش الغناء السوداني! صلاح الدين مصطفى [email protected] يبدو ان الفئة التى تشن هجوماً شرساً على الغناء ، تمددت فى جميع مفاصل وهياكل البلد ، وبعد الاطاحة ببرنامج اغاني واغاني من زمنه المعتاد فى خارطة برامج قناة النيل الازرق ، حملت الأخبار ، رفض السلطات اعطاء فرقة عقد الجلاد تصريح بإقامة حفلات عامة درجت الفرقة على اقامتها فى رمضان وفى غير رمضان . وهنالك ملامح أخرى تشير إلى أن جهة \"ما\" أصدرت قرارا غير قابل للمناقشة ، منعت بموجبة قيام أية حفلات غنائية أو موسيقية فى ليالي شهر رمضان ، وتظهر ملامح هذا القرار \"غير الواضح \" فى الغموض الذى إلتف حول حفلات الدكتور الفاتح حسين الموسيقية التى درج على اقامتها فى فترات متقاربة ، وظل شهر رمضان يمثل محوراً مهماً لهذه الحفلات ، خاصة فى الفنادق والسفارات . ويبدو – ايضاً – أن مايحدث هو تنفيذ \"عملي \" و\"تدشين \" لما يعرف بالجمهورية الثانية وهذا مصطلح جديد دفع به الاسلاميون بعد إنفصال الجنوب وانتهاء عهد \"دغمسة الشريعة \" ! ورغم اجتهادات الاستاذ السموءل خلف الله وزير الثقافة الاسلامي المنفتح على الغناء والفنون فى التلفزيون القومي قبل عدة ايام ، فإن مسيرة القمع الغنائي لاتزال مستمرة ، وكان السموءل قد اجتهد \"ايما اجتهاد \" فى تبرئة الاغنية السودانية مما يحاك ضدها من اوصاف تجعلها \"تتكوم\" مع الفسق والفجور فى الدرك الأسفل . والهجوم الشرس على اماكن الترفيه فى شهر رمضان لم يبدأ هذا العام ، فقد شهدنا فى الاعوام الماضية إلغاء تراخيص مايعرف بالخيم الرمضانية وكانت هذه \"الخيم \" تضم الغناء والموسيقى والنكات ، والكثير من ألوان اللهو المباح .. وتم وأد هذه التجربة دون ان يبكي عليها أحد . ويلاحظ الذى يتابع الشأن السوداني أن الجماعات الاسلامية المتشددة تنشط فى شهر رمضان من كل عام ، مستغلة الاجواء الروحية لهذا الشهر ، وغير بعيد عن الاذهان حادثة مسجد الجرافة وماخلفته من ضحايا ، وهى نتيجة مباشرة لبذرة التطرف الديني وهو مابدأت ملامحه تظهر الآن ، فى الثلث الاول من شهر رمضان . ولا ادري ما الحكمة فى منع الغناء والتضييق عليه فى شهر رمضان ، والكف عن ذلك باقي أيام العام ، اللهم إلا اذا كان ذلك \"بالونة اختبار \" لخارطة مستقبلية يتم نسج شباكها في رمضان ، وتعميمها فى باقي شهور السنة . ظللت اكرر القول بأن المجتمع السوداني اكتسب تماسكه وتسامحه من المرونة التى يتمتع بها ، وانتشرت تعاليم الاسلام فى السودان بسهولة ويسر بعد أن تدثرت بأنفاس التصوف ، واستفاد الاسلام من قيم واعراف المجتمع التى لاتتصادم مع ثوابته ، لذلك فإن الخطر الذى ينتج من تحكم الانظمة الاحادية وفرض الاراء المتعسفة سوف يعود الى فتنة تقسيم البلاد إلى عدة ولايات وهذا مابدأ بالفعل بانقسام الجنو ب . اتمنى ألا يستخف أهل الثقافة والفن والابداع ببلادنا بمثل هذه التيارات المتطرفة ، ولابد من وقفة قوية ضد أية قرارات لاتستند الى حقائق موضوعية وتتعارض مع قوانين حقوق الانسان ، بل قوانين الدولة نفسها !