الحرب على الغناء! صلاح الدين مصطفى [email protected] منذ فترة طويلة ظلت وتيرة الحرب على الغناء في تزايد ممنهج وارتفاع مقصود ،ولعل هذه الحرب الان وصلت الى مرحلة لا يمكن السكوت عليها، وقد ترك ائمة المساجد ما يحدث في البلاد من فساد وظلم للعباد ووجهوا سهامهم لقبيلة الفنانين متهمينهم بانهم اس البلا ء وسبب الغلاء ،والواقع ان الحرب على كل اجناس الفنون ،لكن يتم التركيز على الغناء لانه الاكثر انتشارا في المجتمع السوداني. صحيح ان البعض ينتقد نوعية معينة من الغناء ،يرى انها تخدش الذوق العام ،ورغم اختلاف وجهات النظر في هذه المقام الا ان مثل هذه النوع من النقد يمكن تقبله في حدود معينة لكن ،الخطورة في الاراء المتطرفة وليس المقام هنا مقام فتوى ،لكن الغناء موجود في كل الدول الاسلامية \"حتى المملكة العربية السعودية\" يوجد فيها فنانون لديهم جمهور كبير جدا. والواقع- كما ظللنا نردد دائما- ان الخطورة تكمن في اجهزة الاعلام الرسمية والتي نعني بها \" الاذاعة والتلفزيون\" فهذين الجهازين يوقعان الناس –من حيث يدريان او لا يدريان – في بلبلة وارتباك كبيرين ، وذلك عتدما تتم استضافة \"شيخ كبير\" في احد برامج الفتاوي ويفتي الشيخ بحرمة الغناء ،ثم ينتهي البرنامج وتتم اذاعة او بث مجموعة من الاغنيات قبل ان يغادر الضيف –والمستمع كذلك- مكانه ،وهنا يحتار الناس في هذه الاجهزة التي تنكر الغناء وتحرمه ثم ما تلبث ان تنشر سيلا من هذا الغناء! والمشكلة بدأت في سنوات الانقاذ الاولى حيث صدر قرار\" لقيط\" يمنع تسجيل الاغاني العاطفية في الاجهزة الرسمية وبعد سنوات طويلة من القحط الغنائي انكر الجميع هذه القرار ولم يجد حتى الان من يتبناه بشجاعة وينسبه اليه ،وقد ساهم ذلك القرار في انتشار الغناء الضعيف والركيك شكلا ومضمونا ،فقد كانت الاذاعة والتلفزيون من المنابر المشهود لها بالجودة في تقديم الغناء الرصين رغم الماخذ الكثيرة على لجان النصوص والالحان . اقد استمرأ البعض محاربة الغاني السودانية ،والحفلات الغنائية ،تارة بتسليط سيف التحريم عليها ،وتارة بوضع القوانين التي تضيق على الفنانين وتجرمهم ،مثل قوانين المظام العام التي تحدد للناس سقف الفرح!والامر الغريب ان النوسسات ذات الصلة المباشرة لهذا الموضوع لم تأخذ الموضوع مأخذ الجد رغم تأثيره المباشر عليها . فعلى سبيل المثال هنالك كلية اكاديمية تحنل اسم كلية الموسيقى والدراما وبها من يحملون درجة الدكتوراة في الموسيقى والغناء ،وهناك ايضا اتحاد المهن الموسيقية واتحاد فن الغناء الشعبي وغيرها من الكيانات التي تعمل في هذه المجال .فلماذا لا يتصدى هؤلاء لتلك الحملات الشرسة؟ ثم ان الدولة نفسها ما فتئت تكرم الفنانين وتحتفي بهم ،بل ان فقرة رئيسية في كافة خطابات رئيس الجمهورية تقوم على الغناء والرقص،فكيف نفهم هذه الازدواجية المربكة؟ وخلاصة القول ان هذه الموضوع ليس بالسهولة التي يتصورها البعض ويحتاج لقول فصل ،فالغناء الان يمثل مهنة لاعداد كبيرة من السودانيين ،ولهؤلاء المبدعين اسر تأكل من عرق اصواتهم او عزف اناملهم !