زاوية حادة تحرير يوم مولدي جعفر عباس مع اقتراب الأول من سبتمبر من كل عام كنت أترقب هدية من الدكتور غازي القصيبي، وكانت الهدية عادة قصيدة يلعن فيها خاشي، لأن ذلك اليوم يوافق ذكرى يوم مولدي، وفي 5 أغسطس من العام الماضي انتقل غازي إلى رحمة مولاه، وتضاعف حزني عليه هذا العام، لأنه كان لا يفتأ يقول لي إنه لن يوجه لي تهنئة صادقة بمناسبة «عيد ميلادي»، لارتباط ذلك اليوم بحدث شؤم هو تولي القعيد مزمجر الجزافي للسلطة في ليبيا، وفي هذه اللحظة ومعظم أنحاء ليبيا محررة وأطراف العاصمة طرابلس تنتفض في وجه الطاغية، كنت أتمنى لو أن غازي كان حيّا ليفرح بزوال الكابوس عن ليبيا.. تذكرت حزني الشديد على الفريق سعد الدين الشاذلي البطل الحقيقي لحرب أكتوبر 1973 الذي تعمد كل من الرئيسين المصريين السابقين السادات وحسني مبارك تهميشه وسجنه وملاحقته لأنه توفي في 11 فبراير من العام الجاري وهو اليوم الذي شهد إزاحة حسني مبارك مصداقا لمقولة أبو القاسم الشابي: إذا الشعب يوما أراد الحياة / فلابد ان يستجيب البقر. كان آخر ما كتبه القصيبي بمناسبة يوم مولدي: أيها الفاتح من سبتمبر / جئتنا تزهو بشَِرٍ أغبر/ جئتنا ذات صباح عابس / (أو مساء) بصبي أشِر/ سحبته داية أميّة / بلسان مذ نما لم يقصر/ طوله متران إن أشهره/ ودوين المتر إن لم يشهر.. ويختتم قصيدته بتأليب زوجتي عليّ وتحريضها على خلعي: واسمعي ما قلته يا زوجَة/ وخذي منه بليغ العبر/ وإذا ما رمت تسريحا له/ فأنا الشاهد ضد المفتري.. وكتب من قبل قصيدة «إضحاك النوائح في هجاء وليد الفاتح»: هنيئا عيد ميلادك / يا خلي ابن عباس، ولم يترك لي جنبا أرقد عليه، واستنجدت بشعراء من السودان كي يدافعوا عني، فهب علاء الدين شاموق لنصرتي: صديقي ابن عباس/ بحقِ أجدع الناس/ فأنت الفخر للسودان/ من سوبا لتنقاسي... ثم ينقلب شاموق علي: فما قال القصيبي فيك/ لا يخفى على الناس، ثم جاء هاشم طه محمد وبزعم أنه يريد نصرتي كتب قصيدة في مدح غازي الذي كان في ما اعرف أول سعودي ينتسب الى ابنته فكان يكنى ب»أبو يارا»: أتاك أبو يارا بقول نصفه عار وقول نصفه كاسي/ وألقى الدر من كلم فأثرى العقد بالماس (يعني ان هجاء غازي لشخصي كان عقدا من الأحجار الثمينة)، وكان شاموق وهاشم طه يعملان في السعودية وكان غازي وزيرا للعمل فيها ولما عرضت عليه القصيدتين قال: بشرهما بحصانة ضد التفنيش (إنهاء الخدمات) وكما ذكرت أكثر من مرة فإنني لا احتفي بذكرى يوم مولدي بل لم أتذكره إلا بعد ان استولى عليه القعيد الليبي في عام 1969، وسأنال قريبا بإذن الله أعظم هدية عيد ميلاد، وهي سقوط نظام القذافي الذي احتكر عبارة «الفاتح من سبتمبر» ل42 سنة، وفور دخول الجرذان والمقملين الى طرابلس سأعلن عن تبرع يكون عونا لبعض طلاب جامعة الخرطوم، وستكون البداية هذا العام تسليم مايكروفونات ومكبرات صوت لتستخدم في قاعات المحاضرات في عدد من الجامعات.. تلك المعدات وصلتني كتبرع وكنت عادة أطالب كل جامعة بتحمل نفقات شحن الكتب والمعدات التي أجمعها لها، ولكن واحتفاء بشفاء ليبيا من القذافيزم (وهو مرض فيروسي يسبب الشلل للبلاد والعباد) فسأتحمل نفقات شحن المايكروفونات وملحقاتها، وبما أن أول سبتمبر يكون عادة بداية العام الدراسي فإنني أعاهدكم أمام الله بتوفير كفالات لطلاب جامعيين فقراء في ذلك اليوم من كل سنة ما دمت حيّا أفرفر، ولا علاقة لهذا التعهد بالكفالات القائمة سلفا للطلاب المكفوفين في جامعة الخرطوم والتي يتولى أمرها محسنات من دولة قطر بالتنسيق مع عمادة شؤون الطلاب... أما لماذا جامعة الخرطوم فلأنني خبرت العاملين في عمادة شؤون الطلاب فيها ووجدتهم أهل ثقة ومروءة. الرأي العام