حديث المدينة الهبوط بالباراشوت!! عثمان ميرغني تصور كابتن طيار.. أقلع بطائرته الضخمة في الفضاء.. واستوت فوق السحاب هادئة تمخر عباب السماء.. بعد ست ساعات طيران وصلت الطائرة إلى نهاية الرحلة وحان وقت الهبوط.. الكابتن تدرب على كل شيء وحذق عمله إلاّ الهبوط.. افترض أنه عملية سهلة.. فهي مجرد عملية انزلاق على الهواء حتى ملامسة عجلات الطائرة لمدرج المطار. ماذا فعل الكابتن.. لا مشكلة الحل سهل.. وضع على يمينه كتاب (دليل الهبوط السلس).. كتاب كبير فيه تعليمات كيف تهبط بالطائرة بأمان.. يقرأ سطراً ثم ينفذه.. وهو في الطريق الهابط من السماء إلى الأرض.. هل سيصل الطيار سالماً؟ أترك الأمر لخيالكم.. هذه الطائرة الجامبو العملاقة هي السودان.. الذي نمتطي ظهره جميعاً.. أقلع ذات مساء في العام 2005 في رحلة (انتقالية) عمرها ست سنوات. الكابتن حذق وأعد كل شيء.. إلاّ الهبوط تركه لآخر الرحلة.. أرأيتم كيف كانت النتيجة.. الجنوب هبط هبوطاً اضطرارياً.. لم يتمكن الطيار من إنزال العجلات حتّى ملامسة الطائرة لأرض المطار.. لا تزال هناك قضايا عالقة كلها تصلح لتكون البيان رقم واحد في الحرب القادمة (لا) محالة مع الجنوب.. في أبيي أو الحدود المشتركة أو البترول أو أيّ شيء آخر.. ثم في جنوب كردفان.. هبطت الطائرة على بطنها وهي تتلوّى بأوضاع قوات الجيش الشعبي.. ما هو مصير الجنود.. فانتهى الأمر بانفجار ضخم لا يزال يدوّي صوته.. ثم جاء دور النيل الأزرق.. سكان الدمازين يقولون لنا.. متى شعرتم –أنتم يا سكان الخرطوم- بالخطر؟ عندما كشر عقار عن أنيابه وتوعد بالحرب وسن نصاله؟ لكننا (والحديث لسكان الدمازين) كنا نعيش مع الخطر، وحشود من قوات الجيش الشعبي بزيهم العسكري المموه تعيش معنا في الأحياء السكنية جنباً إلى جنبنا.. البنادق تتدلى على الأكتاف.. وشباب في يده سلاح بلا عمل.. ولم يكن يمضي يوم بلا مشكلة بسبب هذا التداخل المخلّ بين العسكريّ والمدنيّ.. في أحياء مدنية.. بعبارة أخرى.. كل ما حدث ويحدث الآن كان من الممكن أن نتجنبه لو كنا ننظر ببصيرة للمستقبل.. بالله عليكم .. هل كان في خاطر أحدكم أن انتهاء الفترة الانتقالية بينما شباب الجيش الشعبي لا يزالون (جنوداً) يحملون السلاح سيكون قنبلة موقوتة تنفجر بكل قوة عندما نحاول تفكيكها بعد فوات الأوان. نحن أشبه بطائرة لم يفكر طيارها في معرفة كيف الهبوط إلاّ بعد أن صار فوق المطار.. تفكيك العقل المركزي أمر حتمي ولن نخرج من مآزق ال(لا) استقرار إلا عندما تعمل المؤسسات.. لكن الواقع الآن. عقل واحد يفكر.. والبقية كورال يردّد صدى المغني.. هل سمعتم في الإذاعة التسجيل الصوتي لما دار في لقاء الأحزاب السيد رئيس الجمهورية؟؟ واحد قال للرئيس: رأينا مع رأيك بنسبة 200% .. وآخرون قللوا النسبة قليلاً وقالوها بعبارت يفهم منها أنهم مع الرأي السرمي للدولة بنسبة 100% فقط.. بينما واحد فقط هو السيد إبراهيم الشيخ فهمنا من حديثه أنه يؤيد سياسات الحكومة بنسبة 90% ويعترض بنسبة 10% فقيل له: (المكجنك.. في الضلمة يحدر ليك..) التيار