انفصال الجنوب... لنهاية الحكاية نهايات !! * حسن بركية [email protected] (بعد انفصال الجنوب استدبرنا أكبر معوقات بناء هوية وطنية واحدة تقوم علي مشتركات قوية من دين جامع ولغة واحدة) هكذا كان الخطاب الانفصالي في الشمال يبشر الناس بأن عهد الصراعات والحروب قد إنتهي بذهاب الجنوب وكان هناك من يتغزل حتي في شكل خريطة سودان مابعد الجنوب، والسؤال الذي يطل علي المشهد السياسي هل مشتركات الدين واللغة كافية في ظل غياب رؤية سياسية عميقة لبناء دولة حديثة ؟الواقع الماثل اليوم والصراعات التي تشتعل في معظم أطراف دولة الشمال (دارفور- جبال النوبة – النيل الأزرق) والإرتفاع الجنوني للأسعار وتدني مستوي الخدمات وإرتفاع أسعار العملات الأجنبية في مقابل الجنيه السوداني كلها ترسم مؤشرات سلبية لمستقبل سودان مابعد الجنوب والأهم من ذلك التجربة العملية أثبتت أن علاج المشاكل ببتر أجزاء من الوطن تحت دعاوي الهوية والثقافة المشتركة محض خطوة فاشلة وقفزة في الظلام. (1) وكان أمين حسن عمر من ضمن الذين يبشرون بسودان مابعد الجنوب وقال أمين : السودان بات الآن أكثر تجانسا من حيث السكان والعقيدة والثقافة واللغة وأصبح أكثر ترابطا وأصبح بإنفصال الجنوب أرقي في درجة في سلم التنمية الإجتماعية، إنتهي حديث أمين ودعونا نتابع أخبار السودان في الوسائط الإعلامية خلال الأسبوع المنصرم وكيف تتدهور الأوضاع المعيشية لغالبية الشعب،وقال محافظ بنك السودان كما جاء في وكالة رويترز: طلبت من دول عربية يوم الخميس إيداع أموال في البنك المركزي والبنوك التجارية في السودان بعد انفصال الجنوب في الاونة الاخيرة. وقال الأمين العام لإتحاد الغرف الصناعية عباس علي السيد لصحيفة الأحداث :توقفت كثير من المصانع بسبب عدم توفر النقد الاجنبي اللازم لإستيراد مدخلات الانتاج وأضاف نحس بالمرارة لإستيراد السودان المكرونة والبسكويت من السعودية وهي عملية مؤسفة. (2) ورسم تقرير بنك السودان الأخير صورة قاتمة للوضع الاقتصادي في السودان حيث تراجعت قيمة الصادرات غير البترولية بصورة كبيرة جدا بلغت صادرات القطن 23 مليون دولار فقط واستورد السودان منسوجات وملابس ب28 مليون دولار، صادر الضأن 108 مليون دولار واستورد مواد غذائية ب 145 مليون دولار . وفي حوار مع صحيفة التيار قال قطبي في رده لسؤال حول الأوضاع الاقتصادية والضائقة المعيشية( البلد تحت الحصار وخارج من تبعات موضوع الانفصال ).وهنا يطرح السؤال نفسه كيف يكون انفصال الجنوب بمثابة نصر وفتح عند أمين حسن عمر وله تبعات اقتصادية عند قطبي وهما يجلسان تحت مظلة فكر واحد وحزب واحد؟.وفي الأسبوع المنصرم بلغ التدهور الاقتصادي قمته وانخفض سعر صرف الجنيه السوداني الى مستوى قياسي جديد مقابل الدولار وسط ندرة العملة الصعبة في البلاد، في حين ارتفع معدل التضخم السنوي الى 21.1 في المئة في أغسطس، بسبب ارتفاع أسعار الغذاء. (3) وإذا تركنا الأوضاع الاقتصادية لفترة مابعد الجنوب جانبا ونجد أن الأوضاع الامنية والسياسية الغير مستقرة تلقي بظلال سالبة علي مجمل المشهد السوداني،علاوة علي الحرب المشتعلة في جبال النوبة والنيل الأزرق تجددت الصرعات مرة اخري في أقليم دارفور بعد هدوء نسبي في الفترة الماضية عندما حدثت اشتباكات بين الجيش السوداني وقوات من حركة العدل والمساواة في الحدود مع ليببيا وتشاد، وهذا التطور الاخير يعكس مدي تدهور الحالة الأمنية في السودان حيث تتمدد الصراعات من النيل الأزرق والحدود مع أثيوبيا شرقا إلي دارفور والحدود مع ليبيا وتشاد غربا وهناك أنباء عن وجود حشود عسكرية في شرق السودان وتوتر في العلاقة بين السودان وارتريا. واذدادت الصورة قتامة عندما ذكرت وسائل الإعلام أن الألاف نزحوا من شمال السودان نحو الجنوب بسبب المعارك.. (أعلنت المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة امس أن اكثر من ثمانية الاف لاجئ نزحوا الى جنوب السودان فرارا من المعارك في ولاية جنوب كردفان في شمال السودان، وقالت إن النزوح تكثف منذ الأسبوع الماضي، لا سيما من جبال النوبة بمعدل 500 شخص في اليوم. وأكدت المفوضية أنها المرة الأولى التي يستقبل فيها جنوب السودان لاجئين منذ اعلان استقلاله في التاسع من يوليو. وسار اللاجئون أياما قبل الوصول الى جنوب السودان وتفرقوا في شمال الدولة الوليدة..) هذا الخبر يدحض كل المقولات التي كانت تبشر الشعب السوداني في الشمال بسودان خال من الجنوب والمعارك والمرض ومتوحد ومتجانس عرقيا وثقافيا وهاهي الأرقام والأنباء ترسم واقع الشمال بمداد أسود قاتم. (4) وتؤكد الكثير من المؤشرات أن الوضع في السودان (ليس علي مايرام)العلاقة مع الخارج متوترة أو قل مع كل الدول الكبيرة والفاعلة ومع كل المنظمات والتكتلات الاقتصادية الكبيرة ،أول البارحة كان رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت يلقي خطابة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في حين كان السودان (ممنوعا من الصرف) والصورة مهما تباينت الرؤي في قراءة مضامينها تعكس مدي العزلة الخارجية للسودان،صرعات داخلية وحروبات وارتفاع جنوني في الأسعار ومحافظ البنك المركزي يطلب ضخ أموال عربية في شرايين الاقتصاد السوداني ، وسبق لوزير المالية السوداني أن صرح لوسائل الاعلام أن السودان بحاجة إلى 1.5 مليار دولار من المساعدات سنويا، وهنا يحق لنا أن نسأل من أين ستأتي المساعدات؟ يقول الأستاذ خالد التجاني في تحليل عميق لأوضاع مابعد بتر الجنوب ،،لم يتم فصل الجنوب مجاناً وحسب, إذ لم يظفر الحزب الحاكم في الخرطوم بشئ مما ظنه استثماراً ناجحاً في تعبيد الطريق أمام الانفصال سيجلب عليه تطبيعاً دولياً ودخولاً سلساً في نادي المجتمع الدولي, بل أصبح يتعين عليه أن يدفع ثمناً باهظاً لهذه الغفلة السياسية وغياب الرؤية الاستراتيجية قد تكلفه سلطته وهو يواجه تبعات الانفصال وتداعياته بلا صديق حميم ولا حليف هميم مستعد ليدفع عنه غائلة الزمان،،.علي أيه حال انفصل الجنوب وانتهي الأمر غير أن الشمال لم ينعم بما كان يقال وظلت المشاكل قائمة وبل تكاثرت وتعمقت أكثر .700 مليون دولار فاتورة إستيراد القمح في العام الماضي ، و80% من إستهلاك القمح يأتي من الخارج وهناك مشروع يسمي توطين القمح في السودان !!