المريخ يواصل تدريباته وتجدد إصابة كردمان    مركز الملك سلمان للإغاثة يدشن تسليم الدفعة الثانية من الأجهزة الطبية    مشاد ترحب بموافقة مجلس الأمن على مناقشة عدوان الإمارات وحلفائها على السودان    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    شمس الدين كباشي يصل الفاو    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    المريخ يتدرب بالصالة    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    بعد أزمة كلوب.. صلاح يصدم الأندية السعودية    الإمارات وأوكرانيا تنجزان مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة    المؤسس.. وقرار اكتشاف واستخراج الثروة المعدنية    القلق سيد الموقف..قطر تكشف موقفها تجاه السودان    البيان الختامي لملتقى البركل لتحالف حماية دارفور    الداخلية السودانية: سيذهب فريق مكون من المرور للنيجر لاستعادة هذه المسروقات    مدير شرطة ولاية النيل الأبيض يتفقد شرطة محلية كوستي والقسم الأوسط    السودان..مساعد البرهان في غرف العمليات    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    تدرب على فترتين..المريخ يرفع من نسق تحضيراته بمعسكر الإسماعيلية    الزمالك يسحق دريمز في عقر داره ويصعد لنهائي الكونفيدرالية    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    شاهد بالفيديو.. سائق "حافلة" مواصلات سوداني في مصر يطرب مواطنيه الركاب بأحد شوارع القاهرة على أنغام أغنيات (الزنق والهجيج) السودانية ومتابعون: (كدة أوفر شديد والله)    شاهد بالصورة والفيديو.. طلاب كلية الطب بجامعة مأمون حميدة في تنزانيا يتخرجون على أنغام الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله)    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصور.. بالفستان الأحمر.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تخطف الأضواء على مواقع التواصل بإطلالة مثيرة ومتابعون: (هندية في شكل سودانية وصبجة السرور)    جبريل إبراهيم يقود وفد السودان إلى السعودية    تجارة المعاداة للسامية    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    بايدن منتقداً ترامب في خطاب عشاء مراسلي البيت الأبيض: «غير ناضج»    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    سوق العبيد الرقمية!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سودانيون من الزمن الجميل .. وهموم سودانية «2-2»اا
نشر في الراكوبة يوم 13 - 10 - 2011


غرس الوطن
سودانيون من الزمن الجميل .. وهموم سودانية «2-2»
أم سلمة الصادق المهدي
في الاسبوع الماضي كنا قد طّوفنا معكم حول كنز سوداني أصيل مثّل لنا رمزا للأستاذ الجامعي الذي يمكنه قيادة التغيير للسلوك القويم ،قدوةً لطلبته ولمجتمعه من حيث الانضباط ،السلوك السوي ،الصدق والتعامل التربوي السليم ،وقلنا أن بروفيسور حسين سليمان آدم وصحبه من ذلك الجيل كانوا مع انشغالهم بالتخصص الأكاديمي لكنهم وطنيون حتى النخاع، بما يجعله غير بعيد من ملفات الهموم السودانية وأوردنا نماذج لانفعاله بقضايا مَن حوله : مثل استقالته التي سارع بتقديمها احتجاجا على فصل 16 بروفسورا من جامعة الجزيرة إضافة لعدد من مساعدي ?لتدريس للصالح العام دفعة واحدة في سنوات التسعينات الكالحة.
وانتهى بنا طواف الاسبوع الماضي في الجزء الأول من: «سودانيون من الزمن الجميل وهموم سودانية» عند عتبة حزنه وتأسيه على كنز سوداني مُضيّع هو مشروع الجزيرة المذبوح بدم بارد. و قدّمنا بما يزكيه لتلك الشهادة الدامية الدامعة . واليوم نلقي مزيدا من الضوء على مفردات تلك الشهادة وعلى مشروع الجزيرة وما أصابه من تدمير متعمد حطم قلوب العارفين بفضله الذائقين حلوه....
وذلك التدمير الممنهج لم يكن بلا أهداف! فقد قصد به إنفاذ سياسة الخصخصة التي تسمح بتمكين سدنة النظام ومنسوبيه من مفاصل الانتاج والمال وبحسب ما تكشف من تصريحات الآيبين من معسكر الانقاذ فإن خطط التمكين تلك تمر عبر بوابات: السلطة «نفذت بالانقلاب على الشرعية»،الإعلام«امتلاكهم للصحف والوسائط الاعلامية» والاقتصاد ثم أرادوا تدمير مشروع الجزيرة لأنه مثّل صرحا من صروح السودان القديم والتي تقف حجر عثرة في طريق تنفيذ سياسات الانقاذ الهادفة لإعادة صياغة إنسان السودان بما يجعله «تابعيا إنقاذيا» على الطريقة الانقا?ية حتى يحكمون دون مقاومة، وفي تدمير مشروع الجزيرة كذلك خدمة لأغراض أخريات منها الانتقام من أهل الجزيرة ومعاقبتهم على نتائج انتخابات 86 بما ذكره د.الصديق عبد الهادي في سلسلة مقالاته قبل زمن قريب في صحيفة الأيام .
يقول علماء الاجتماع إن الرسالة-أية رسالة،إنما تتخذ قوتها من مصدرها ومن محتواها ومن الجهات التي تستهدفها بالمخاطبة. ومن هنا تكتسب شهادة أمثال بروفيسور حسين آدم أهمية محورية في ذلك الموضوع الهام المتعلق بحياة الآلاف بل الملايين من السودانيين إن نظرنا لاسهام مشروع الجزيرة الفاعل في الاقتصاد القومي منذ انشائه وحتى وقوعه ضحية لتلك السياسات التي أشرنا لمبتغاها ،فبروفيسور حسين بعيد من أي انتماء سياسي يتهمه بتلوين الحقائق ومصداقيته العلمية الرصينة غير مجروحة ، خبرها كل من تعامل معه كما أن محتوى ما شهد به يكتسب ?وته من علاقته بالموضوع كمتخصص في الري وفي حاجة المحاصيل الزراعية من المياه واشتراكه بفاعلية كرئيس للجنة الري المنبثقة من لجنة الاصلاح المؤسسي برئاسة د.تاج السر مصطفى بصفته عميدا لمعهد إدارة المياه والري السابق بجامعة الجزيرة، وكونه كان عضوا في تلك اللجنة فذلك يجعل شهادته ،من داخل البيت أكثر من كونها أتت من مراقب خارجي كما أنه وجه حديثه الناقد بالأساس الى جهات الاختصاص قبل نشره على عموم الجمهور حيث نصحهم بوجوب معاملة مشروع الجزيرة كمرفق استراتيجي مثل النظر للأمن القومي بعيدا عن حسابات الربح والخسارة،لكن?م - بما صار من المسلَمات :لا يحبون الناصحين!
قبل أن نذكر ما شهد به البروف نعيد تذكير القاريء بأن لجنة الاصلاح المؤسسي لمشروع الجزيرة تم تكوينها على خلفية تكوين رئيس الجمهورية لجنة لتقويم الأداء بالمشاريع المروية القومية: الجزيرة والرهد وحلفا الجديدة والسوكي في عام 1999 وكانت اللجنة برئاسة الدكتور تاج السر مصطفى وشارك فيها عدد كبير من الشخصيات البارزة منهم: الزبير أحمد الحسن ، وكونت اللجنة المذكورة أربع لجان فرعية وهي: هوية المشروع- التمويل والتسويق ولجنة الشؤون الزراعية والري، وقد كانت اللجنة الفرعية للشؤون الزراعية والري برئاسة بروف حسين كما ذكرنا?، وكان من ضمن أعضاء اللجنة من الزراعيين البروفيسور عبد الله احمد عبد الله والبروفيسور موسى محمد موسى والبرفيسور محمد عثمان أبوزيد والسيد إبراهيم مسلم، ومن المهندسين الطيب تاج الدين والخير حاج الأمين.
ولكي نفهم الأمر من كل جوانبه لا بد لنا من التنويه هنا الى ما ذكره د.الصديق عبد الهادي في كتابه الموسوم «مشروع الجزيرة وجريمة قانون 2005» حيث ذكر ان لجنة الاصلاح المؤسسي برئاسة د. تاج السر مصطفى كانت قد أوصت في تقريرها الذي قدمته عام 1998 بقيام شركة تؤول اليها ممتلكات مشروع الجزيرة وتلك التوصية مهدت لوصفة الخصخصة وسياسة نقل الممتلكات العامة للقطاع الخاص - عمدة سياسات البنك الدولي والتي انعكست فيما بعد في تقرير البنك الدولي بعنوان:خيارات التنمية المستدامة في مشروع الجزيرة الذي أعده في 27 اكتوبر2000
كما لا بد لنا من التحبير على أن الشموليين إنما يستعينون بأمثال بروف حسين من الأكاديميين الخلصاء الذين يستجيبون لتلك النداءات إما بحكم مواقعهم الوظيفية أو بدوافع الاشتراك لانقاذ ما يمكن انقاذه ولكنهم يسارعون بنفض أياديهم من هذا العبث حالما تتضح لهم عدم جدوى الاصلاح والعود أعوج ، مثلما فعل بروفيسور حسين نفسه حينما دعي بعد ذلك للاشتراك في لجنة حكومية رفض الانتماء لها ولكنه حضر مناقشات الورشة التي عقدتها فأفحم رعاتها المنظمين الذين دعوا شركة تركية أوصت باستبدال نظام الري السطحي الانسيابي في مشروع الجزيرة?بالري بالتنقيط وأوضح لهم ان أرادوا ذلك فهم يجهلون حقائق مشروع الجزيرة والكفاءة التي عمل بها ورخصت كلفة منشآت الري الموجودة اضافة لأن خسائر البخر التي حسبها عن كل مساحة أسطح المياه ووجد أنها لا تزيد عن 6% من المياه التي تروي المشروع.
ووصف البروف في عشق غير مخفي كيف أنه حينما ينظر لنظام الري في مشروع الجزيرة يرى أمامه سيمفونية محكمة تعمل بتناغم لا يطاله نشاز، إذ تسري المياه كما النغمات من الميجر للكناري لأب عشرين لأب ستة بكفاءة تزيد عن 87% فلماذ يفكر أي عاقل في ابدالها؟!
وفي الجانب الآخر تكون عين الشموليين وهدفهم من اشراك أمثال هؤلاء الخبراء طمعا في تطعيم لجانهم واعطائها بعض المصداقية اللازمة لكنهم غير جادين في الاستفادة من خبرات من يستعينون بهم بل يلقون بتلك النصائح في سلة المهملات وعلى قارعة الطريق دون وخز للضمير كما سنرى بعد قليل....
يشهد بروف حسين بأن قانون 2005 على الأقل في الجانب الذي يليه وهو جانب الري لم يكن في أصله معيب ولكنه كان كارثيا في التنفيذ إذ جاء تطبيق القانون مخالفاً لنص القانون في شيئين مهمين هما:
1- عدم فصل شبكة الري الى قسمين كما كان الالتزام : شبكة كبرى تشمل المواجر والفروع والقنوات الرئيسة وعرفت في قانون 2005 بقنوات الري وهي مسؤولية وزارة الري والموارد المائية صيانة وتشغيلاً، وشبكة صغرى وتشمل القنوات الفرعية وأبو عشرينات وعرفت في القانون بقنوات الحقل وهذه مسؤولية الإدارة الزراعية والمزارعين صيانة وتشغيلاً تحت الإشراف الفني لوزارة الري والموارد المائية. وفي العام 2000 بدأت تجربة عبد الحكم لروابط مستخدمي المياه بتمويل من البنك الدولي وتنفيذ منظمة الفاو بمشاركة «6» خبراء سودانيين ويواصل البروف حد?ثه :و كنت خبيراً لإدارة المياه، وبعد عامين من العمل تم تقديم نتائج التجربة في ورشة عمل كان من ضمن توصياتها توسيع التجربة في تفاتيش أخرى بمعدل تفتيش في كل قسم أي «18» تفتيشاً، وقدم البنك الدولي «25» ألف دولار لمعهد إدارة المياه والري بجامعة الجزيرة، كما كانت التوصية الأخرى تكوين فريق «الإصلاح المؤسسي» برئاسة البروفيسور عبد الله أحمد عبد الله وهذا الفريق قدم تقريره في ورشة عمل ببركات وكانت توصيات تلك الورشة هي تقريباً قانون مشروع الجزيرة 5002م، مع العلم أن القانون الذي أجيز يختلف عن تلك التوصيات وخاصة في ملك?ة الأراضي، بينما كانت توصية الورشة أن تكون الملكية ملكية منفعة لمدة «99» عاماً وجاء القانون بملكية عين للمزارعين.
2- أيضاً لم ينص القانون على المدى الزمني لتطبيق القانون،ولكن قلت مراراً وتكراراً إننا نحتاج لثماني سنوات على الأقل حتى يتم التطبيق سلمياً، ولكنهم فوجئوا بتنفيذها في اسبوع واحد مما عصف بكل تدبيرهم وكدهم.
ويقول البروف والألم يعتصره أنهم ولمدة ستة أشهر ظلوا عاكفين على حل مشكلة استعصت على الحل أبدا..وهي النزاع بين مهندسي الري والزراعيين حول من يحق له تقرير كمية المياه المناسبة لري المشروع وأنهم في النهاية حكموه مع أنه كان الأصغر سنا لتخصصه الذي يجمع بين الري والزراعة وقد توصلوا بعد لأي الى أن الحل الأمثل هو ما ورد في 1-أعلاه ،ثم كانت الكارثة الكبرى ورابعة الأثافي حينما صدم بقرار نائب الرئيس السيد علي عثمان راعي برنامج النهضة الزراعية السنة الماضية القاضي بأيلولة مسئولية الري لادارة مشروع الجزيرة! وكأن القدر ?ريد أن يثبت لنا أن كلام البروف لم يلق على عواهنه فقد نشر في مانشيت الصحافة 6 اكتوبرالماضي :زيادة مياه ترعت يالجزيرةوالمناقل تهدد المزارع والمساكن! كنتيجة شاهدة على كل نصائح الخبراء وعدم الاستفادة من التجارب حيث كان لمثل هذا القرار شبيها صدر أيام المخلوع نميري ورفض من الجميع فأوقف تنفيذه.
ولكي تتضح لنا أبعاد ما حدث من تدمير للمشروع العملاق يجدر بنا ذكر بعد الحقائق عن مشروع الجزيرة.
نبذة عن مشروع الجزيرة
أسس الانجليز مشروع الجزيرة في الأساس لتزويد مصانع القطن في لانكشير بحاجتها من القطن ،وبعد نجاح التجارب الزراعية في منطقة الجزيرة وفشلها في مناطق أخرى حيث تضافرت عوامل عديدة لذلك النجاح.اكتمل العمل في خزان سنار في العام 1925م،وهو التاريخ الرسمي لبداية مشروع الجزيرة وقد تدرج التوسع في مساحة المشروع عبر مراحل بدأت ب3000000 فدان وهي الآن تبلغ 2,200,000 فدان ،وبتلك المساحة يعتبر المشروع الأكبر في افريقيا ويعد أكبر مشروع مروي تحت ادارة واحدة في العالم.تم ادخال الذرة والفول السوداني الى جانب القطن في الدورة ا?زراعية كما أدخلت زراعة القمح على حساب القطن بحجة انحسار سوقه ، ارتهانا لنصائح من البنك الدولي وأحلام «نأكل مما نزرع».
ترتبط أطراف المشروع بشبكة للسكة الحديد كانت تعمل بكفاءة حتى وقت ما حدث من انهيار كامل للمشروع نأتي على ذكر بعض مؤشراته لاحقا.
ارتكزت فكرة مشروع الجزيرة على علاقة انتاج وشراكةٍ ثلاثية بين الحكومة،الشركة وهي شركة الأقطان والزراع، حيث كانت الارباح توزع علي أساس النسب التي رفعت نصيب المزارع الى 48% على حساب نصيب الحكومة في عام 1964 اعترافا بفضلهم وتقديرا لمشاركتهم في ثورة اكتوبر .
900ألف فدان من أراضي المشروع ملك حر وبقيتها تابعة للحكومة يضم المشروع حوالي 128 الف زارع،ويكِّونون مع اسرهم حوالي مليون نسمة. هناك حوالي 150 الف عامل موسمي ويكِّونون مع اسرهم اكثر من مليون نسمة هنالك 5 آلاف عامل وموظف يتبعون او يعملون في ادارة مشروع الجزيرة.
يقع ثلث ولاية الجزيرةتحت ادارة المشروع ويتأثر 80%% من سكان الجزيرة والبالغ عددهم 6 ملايين بشكل مباشر او غير مباشر بالمشروع. تُمثل ولاية الجزيرة في مجلس ادارةالمشروع.ولابد من الاشارة الى ان بالمشروع ثروة حيوانية تُقدر بحوالي 3 ملايين رأس من المواشي وللمشروع أصول مملوكة عديدة يمكن الرجوع الى تفاصيلها في محاضرة سلمان محمد سلمان :أضواء على مشروع الجزيرة التطورات والمتغيرات وقانون 2005 التي استقيت منها معظم المعلومات عن المشروع ومن أمثلتها عقارات تفوق قيمتها 25 مليون دولار .
بتلك الأرقام المذكورة يتضح الأثر الكبير الذي لعبه هذا المشروع في حياة أهل المنطقة والسودان ككل حيث كان يسهم بما يزيد على 65% من الميزانية.
كما أن لمشروع الجزيرة بصمات واضحات على أهل الجزيرة بسبب الطفرة الاقتصادية والاجتماعية الكبرى التي نقلت المنطقة من الزراعة التقليدية الى علاقات انتاج حداثية وزراعة مروية وبنيات حديثة.
صار المشروع قبلة للسودانيين من كل انحاء البلاد، و بل من دول غرب افريقيا حيث اصبح بالتالي نقطةً للتداخل بين هذه المجموعات المختلفة،ونموذجا للانصهار بين القبائل والتعايش السلمي.
ساهم المزارعون و العاملون بالمشروع من موظفين و عمال في إرساء العمل النقابي في السودان و تطويره ليساهم بشكل فاعل في نيل السودانيين لاستقلالهم، حيث نفذ العمال و الموظفون اضراب العام 1941م و كذلك نفذ المزارعون اضراب العام 1946م ، وقد تشكل وعي أهل الجزيرة في ظل مؤسسات ديمقراطية أتاحت لهم ممارسة الديمقراطية قبل غيرهم في السودان وقد كان المزارعون يمارسون حقهم الديمقراطي في انتخاب اعضاء مجالس الانتاج في كل قرية صغرت أم كبرت،وقاموا بتشكيل «اتحاد مزارعي الجزيرة والمناقل» في عام 1953م. يضم الاتحاد في عضويته اكثر?ن 125 الف مزارع ومزارعة. وهنا لابد من إشارة ضرورية، وهي ان عدد المزارعات النساء في مشروع الجزيرة يقارب 14%،اي ما يقارب 17,500 من نساء الجزيرة كن يمارسن حق الانتخاب الديمقراطي في كبرى نقابات السودان.
لعب اتحاد المزارعين دوراً رائداً في ثورة اكتوبر 1964م ، و الذي على اثره كان ان أُختير شيخ الامين محمدرئيس الاتحاد وزيرا لحقيبة الصحة في حكومة اكتوبر اعترافا بذلك الدور.
مشروع الجزيرة: الغيط الذي قلب غيظا:
«وردت العبارة في كركاتير بمنتديات الراكوبة»
لسنا في حاجة هنا الى الاصطفاف مع أو ضد مشروع قانون 2005 والذي كثر حوله الجدل بين مؤيد بسبب حاجة المشروع الحقيقية للاصلاح ومعارض يرى ان القانون انما كان مكرا ظاهره فيه الرحمة ومن قبله العذاب كما أن الحاجة للاصلاح لا تعني ذلك القتل العمد.. بمثل ما كتب السيد عبد الله الزبير محافظ مشروع الجزيرة السابق في «وقفات مع قانون مشروع الجزيرة 2005» بقوله أن القانون هو الثغرة التي أرادت بها الانقاذ تحويل المشروع الى مسخ وعمل غير صالح حتى ييأس منه أهله ويسهل انتزاعه وتحويله الى ما يشتهيه الانقاذيون . وقد كان القانون هو ?لنفاج الذي تسرب منه البنك الدولي وسياساته غير الرحيمة التي خصخصت المشروع وشردت العاملين فيه.
كما يقول منتقدوه إن قانون مشروع الجزيرة لسنة 2005 والصادر في 3 يوليو 2005 يهدف لاحداث تغيير في هوية المشروع وتغيير علاقات الانتاج فيه..والحَكم في النهاية ليست مباديء القانون مهما قيل في سلامتها لكن العبرة في التنفيذ والتطبيق فلو كان القانون حقا وحقق عكس مقاصده فهو باطل كما يقرر العز بن عبدالسلام وكما حدث فعلا بالنسبة لروابط الري مثلا، مثلما أكد لنا بروفسور حسين آدم متحسرا.
لكننا بالتأكيد بحاجة لاستعراض بعض أوجه هذا الدمار الذي طال ذلك المشروع القامة،لكي نقف على حجم التخريب الذي تعدى حدود الجزيرة الجغرافية لكي يلحق بكل الوطن ،ثم نحن بحاجة لأن نقف ونتساءل : كيف تم ذلك ؟ وهل نامت نواطير السودان عن ثعالبها فعاث الثعالب في الوطن فسادا وما يزالون!
تدليلا على الخراب المدوي نأتي بشهادة أصدقاء للنظام ومن شيعتهم الأقربين حتى لا تتهم، مثل ذلك التقرير الذي أصدرته لجنة بروفيسور عبدالله عبد السلام مدير المشروع سابقا والذي تكفي شذرات منه أتى بها د.صديق عبدالهادي في مقال عنوانه:هذا التقرير الادانة سيلاحقكم أينما ذهبتم :ورد في ص«18» من هذا التقرير أنه تم تعدي على سكة حديد الجزيرة والتي قدرت قيمتها ب225 مليون $«قد رأينا كيف بيعت قاطرات عاملة بنظام طن خردة فتم تدمير مرفق يصعب اعادته ثانية وأعقب ذلك سرقة منظمة لكل مقتنيات السكة حديد والآن البلاغات بالمئات إن?ا النهاية المؤلمة والمأساوية».
ثم ورد في ص «21» من التقرير بشأن اقتراح الأتراك في دراستهم احتياج العمالة في المشروع ل328 عاملا فقط واهمال أن الجزيرة مشروع تنموي بالأساس «لا يعتقد أحد ان مشروعا بهذا الاتساع ومتعدد الأغراض يمكن أن يدار بمبدأ الفهم ضعيف المبنى،ضحل التصور قاصر عن قراءة المستقبل والدراسة التركية التي خلصت الى أن العمالة المطلوبة في المشروع 328 عاملا فقط تنم عن سوء الفهم ومجانبة الواقع ومجافاة العلمية».
وعملا بتلك التوصية التركية-وبرغم الشهادات الحادبة الموالية لكنها مرفوضة بسبب تمتعها ببعض الموضوعية - تم التخلص من كل عمالة المشروع في مجزرة للتشريد وقطع الأرزاق لم تجرؤ عليها حكومة وطنية أو استعمارية بل قال بشيرهم ان مشروع الجزيرة كان عبئا على الدولة السودانية منذ الستينات!
عند هذا الحد من البكاء على الأطلال علينا التوقف قليلا لاستصحاب الخلاصة الصاعقة التي أنهى بها بروفسور حسين شهادته. بمنطق واستنتاج عقل أسانذة العلوم والرياضيات يقول بروفسور حسين عندما أرى ما يحدث بمشروع الجزيرة فأنا على يقين من وجود «شيطون» خلف ما يدور فالذي يحدث ليس انهيارا عاديا و لا شك عندي من وجود علاقة ما ،بين ما يحدث في مشروع الجزيرة والحروب المشتعلة في جنوب كردفان، دارفور والنيل الأزرق :فتلك مناطق الخير والانتاج في السودان فمن يقف وراء حرقها؟!
وضع بروفسور حسين سؤاله ذاك ثم أعقبه بقول تقريري هو أنه غير مشتغل بساس يسوس لذلك يدعو أهل السياسة للوصول باستنتاجه ذاك الى نهاياته المنطقية التي تفسر وتجيب عن الأسئلة حتى تكتمل الصورة ونعرف البينا والعلينا...
تلك النتائج التي توصل لها تفكير بروف حسين المنطقي ليست الأولى من جنسها فقد كتب د. صديق عبد الهادي كما ذكرنا أعلاه أن خراب مشروع الجزيرة مرده الى انتخابات 86 عندما حرمت الجزيرة من يحكموننا اليوم من أصواتها فهم حانقون على الجزيرة وناسها بذلك السبب ويريدون إعادة صياغتها لتجري على هواهم وكتب سالم احمد سالم في 24 ديسمبر 2010 ان الجماعات الباطنية تحكم السودان على سودانيل يشير الى تلك الأيادي الخفية التي تعبث بالوطن وكتبت في 4نوفمبر 2010 في الصحافة بعنوان الانقاذ خلقت من ضلع أعوج ودليلنا دارفور عن أن الذ?نية التي تحكمنا تخلقت في رحم مثاله وسراجه المنير استراتيجية السيد عبد الرحيم حمدي الانتخابية التي تتعامل مع الوطن بحساب الربح والخسارة في الانتخابات ، لكنها تظل شهادات مجروحة لأن قائليها مسيسون بينما شهادة بروفيسور حسين غير!لذلك هي الأولى من نوعها والأكثر أهمية.
وسلمتم
اضافة في السياق واعتذار
أعتذر للقراء الكرام عن الخطأ الذي ورد في مقال الخميس الماضي حيث كتبت
مما لا يخفى على فطنة القاريء الكريم Weather بينما كان المقصود Whether
وأضيف في غير مبالغة أن الحزن الذي كسا وجه بروفيسور حسين آدم عند حديثه عن مشروع الجزيرة لم يكن لحظيا ورغم لقائنا القصير أقررأن ذلك الأثر ممتد فقد لحظت ومن معي من زملاء كيف أن بروفيسورحسين قد صار مدخنا شرها ولم نره يفعلها من قبل ! ثم أطلب منه ومن منبري هذا - إن شاء،أن يكف عنها إذ نضن به و بصحته من شرورها!
الصحافة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.