،، شريف ذهب [email protected] بدئاً ننوه إلى أنّ تسارع الأحداث قد تطرنا أحياناً لتغيير عنوانين بعض المقالات المعلقة مثل هذا المقال الذي يعد تتمة لمقالنا السابق تحت عنوان ( العزف على وتر الدين والجهوية هما سبب بقاء نظام الإنقاذ ) . وقد تناولنا في الحلقة السابقة بعض العوامل التي أقعدت الدولة السودانية عن التقدم طيلة أعوام حكم الإنقاذ الماضية وانتهت بها نحو التقسيم ، وأكدنا على ضرورة وضع التصور الملائم لمعالجة ذلك الخلل في شتى مناحيه ، وأنّ خطوات تجاوز تلك المرحلة المظلمة من تاريخ البلاد يجب أن تشتمل على عزل وتجاوز كافة العناصر السرطانية الفاسدة التي شاركت نظام المؤتمر الوطني في ذلك الإفساد الكبير للبلاد ، وشخّصنا تلك العناصر بأنها المجموعات النفعية التي باعت ضمائرها لحساب المصالح الشخصية الضيقة وأسهمت بشكل أساسي مع المؤتمر الوطني في فتق النسيج الاجتماعي للبلاد وتعطيل مصالح الشعب وعرقلة مسيرة التحول الديمقراطي بمنحها شرعية زائفة لنظام الإنقاذ . ونواصل ونقول بأن خطوات الإصلاح الضرورية كذلك يجب أن تشمل قوى التغيير الوطني نفسها بإعادة بناء مكوناتها التنظيمية والحزبية وفق أسس ونهج جديدين على أساس الديمقراطية والشفافية والمؤسسية ، وتطوير رؤاها السياسية لتواكب المرحلة وتلبي متطلباتها . وحينما نقول قوى التغيير الوطني فإننا نعني بها ( تحالف القوى الثورية للتغيير ) ومعها أحزاب المعارضة الوطنية . وهذه الإصلاحات التنظيمية المرجوة ينبغي إعمالها في المقام الأول في نطاق كل تنظيم أو حزب على حده بعقد مؤتمره العام وتكملة هياكله التنظيمية وإعادة ترتيبها وتطوير برامجه السياسية لتواكب المرحلة ، ومن ثم ينسحب ذلك على الهيكلة الإدارية للتحالف الوطني القومي المرتقب الذي يحوي كافة القوى المعارضة لنظام الحكم الحالي ، ولا بد من تسارع الخطى في هذا الاتجاه إذا أردنا اللحاق بركب جماهير الشعب بالداخل التي باتت متقدمة بخطوات عديدة عن قواها السياسية والنقابية وبشكل أخص الأحزاب التقليدية التي لا تزال في حيرة من أمرها ، حيث تنظر بعين لما يطرحها لها المؤتمر الوطني من فتات لحكومة قومية وبعين أخرى للحراك الشعبي المتسارع في اتجاه انتفاضة شعبية تطيح بهذا النظام . أما بالنسبة لتحالف قوى المقاومة الثورية ( حركة شعبية + المقاومة الدارفورية ) والذين نحيهم على صمودهم تحت نيران القصف اليومي المتكرر لآلة التدمير البرية و الجوية للنظام ، فتجدر الإشارة لنقطة واحدة فقط تبدو وكأنها أضحت تشكل معضلة أمام إكمال جهود التنسيق النهائية لحلفهم ، وتتمثل في تباين وجهات النظر حول شكل الدولة المقبلة أتكون ( مدنية ) أم ( علمانية ) وفق فهم كل طرف لمصطلحه ، وتقديري الشخصي أن هذه المسألة من السهولة بما يمكن تجاوزها دون أن تشكل ادني عائق أمام مسيرة التنسيق المشترك ، وحلّها يكمن في إحالتها وكافة القضايا المماثلة إلي لجنان فنية مختصة مثل لجنة الدستور وخلافها لدراستها والفصل فيها وفق نهج علمي سليم دون أن تتأثر بقية المسارات . واعتماد هذه المنهجية في تجاوز القضايا محل التباين سيختصر الطريق أمام تأسيس جبهة وطنية عريضة تكون مؤهلة لتشكيل مجلس وطني انتقالي في المنفى لتحل محل النظام القائم الآيل للزوال قريباً بعون الله ، واقترح التباحث بشكل جدي في إمكانية الترتيب لمؤتمر قومي لقوى المعارضة على غرار مؤتمر اسمرا للقضايا المصيرية استكمالاً لما تم في كودا بين أقطاب المقاومة السودانية .