هناك فرق غياب العدل في حضور القانون..! منى أبو زيد بمناسبة الحديث عن قانون الصحافة الجديد – العزم على إزالة التعارض بين القوانين، وتقليل الوجود الصحفي في المحاكم، والجدل الدائر حول الحريات وحقيقة القدر المتاح منها – سأحكي واقعتين، الأولى \"من بلاد أخرى\"، والثانية من أخبار صحفنا الصادرة ليوم أمس..! في سويسرا حدث مرة أن التقط مصور صحفي صورة لأحد الأطفال وهو يقطف وردة من الشارع العام، وتم نشر الصورة في إحدى الصحف المحلية، مع تعليق بسيط من بضع كلمات، فما الذي حدث؟!.. تحولت الصورة إلى قضية رأي عام، ووجد وزير التربية والتعليم نفسه محاطاً باتهامات الشعب وتوبيخ الصحافة على مناهج وزارته التي فشلت في تعليم الأطفال قيمة حياة الوردة وأهمية المحافظة عليها، فبادر السيد الوزير بتقديم استقالته، والسبب صورة طفل حسن التربية والتعليم يقطف وردة لا أب لها، في الشارع العام..! وفي الخرطوم، تناقلت الصحف قبل أيام خبر وفاة طالب أساس، كان طريح الفراش لأسابيع إثر تعرضه لضرب مبرح في الرأس على يد أحد مدرسيه، وقد تناقلت معظم الصحف الخبر كفعل شبه مبني للمجهول، لفاعل هو \"مدرس أساس\" وكفى، وعلى الرغم من تركيز معظمها على مأساوية الحدث وشناعة الضرب المفضي إلى الموت في المدارس، لم نسمع لوزارة التربية والتعليم صوتاً يطمئن هذا، أو يندد بذاك .. يعد هؤلاء، أو يتوعد أولئك..! ثم حملت صحف الأمس خبرين، الأول حلقة جديدة من ذات المسلسل: (شروع) شرطة حماية الأسرة والطفل في التحقيق مع أستاذ بمرحلة أساس كان يسمِّع لأحد طلابه سورة قرآنية، تلجلج الصغير في تلاوتها، فضربه مربي الأجيال على يده بالعصا حتى كسرت ذراعه..! والثاني عن تصريح للسيد وزير التربية والتعليم بولاية الخرطوم بخصوص قضية مقتل طالب الأساس إياها، فما الذي قال به سعادة الوزير؟!.. شجب وتنديد بالحادثة وبالعقاب المفضي إلى القتل؟!.. قرار وزراي يساهم في تغليظ العقوبة على كل معلم يلحق أذى بطالب بحجة تأديبه.. كلا..! بل إعلان عن براءة المعلم المتهم بقتل تلميذ مدرسة الحارة الرابعة استناداً على التقرير الطبي الذي يثبت أن سبب الوفاة هو \"خراج\" برأس التلميذ، ثم حديث عن (شروع) الوزارة في فتح بلاغ ضد كافة الصحف التي تناولت الحادثة قبل انتهاء التحقيق فيها..! أي والله!، هذا هو كل ما فتح به الله على سيادة الوزير، التهديد بمقاضاة كل صحيفة تجرؤ على نشر تفاصيل مثل هذه الحوادث، ومعاقبة كل صحفي تسول له نفسه ب \"الشوشرة\" حول منسوبي إدارة سعادة المسئول، أما ضحايا ثقوب السياسات، وفجوات القوانين، فلا بواكي لهم!.. \"اللهم إنك المأمول لأحسن الخلَف، وعليك العوض عما تلَف، فافعل بنا ما أنت أهله\"..! الاحداث