[email protected] يبدو ان الربيع العربي الذي انتعشنا بنسماته لبعض الوقت وتفاءلنا به خيرا وجلسنا انتظارا لمقدمه لبلدنا المنكوب .. السودان المختطف منذ 23 سنة باسم الاسلام زورا وكذبا .. يبدو ان هذا الربيع قد تحول – وبقدرة قادر – الى صيف حارق يبدو وكأنه ينداح رويدا رويدا ليجتاح المنطقة بأسرها بدءا من البوعزيزي التونسية مرورا بحزب الله في لبنان والحركة الانقلابية في فلسطين ( حماس ) ودولة ايات الله في طهران وحتى الخرطوم الحزينة مرورا بميدان التحرير القاهري وانعطافا ببنغازي الليبية حيث ظهرت عصابة الثوار الاسلامويين على حقيقتها بقيادة ( المجلس الوطني الانتقالي ) . هكذا وجدنا انفسنا - من حيث ندري او لا ندري – مطوقين بحزام ناري أشد وطأة من ديكتاتورية كانت معلومة لدينا اعتقدنا ان بعض ابطالها قد رحلوا والباقين في صف ينتظرون وعلى رأسهم مشيرنا الراقص الذي رأيته يقدم عرضا مخجلا امام ضيفيه الكبيرين ثائر ارتيريا ( افورقي ) وأمير قطر ( الشيخ حمد) ورأيت علامات التعجب على ملامحهما وهما يشاهدان – وعلى مقربة منهما - رئيسا راقصا على انغام الدلوكة والموسيقى في منظر اشبه بما يعرف في مصر بال ( قرداتي ) وهو رجل اشبه بالدرويش يقود قردا يجوب به الاحياء ويعمل على ترقيصه امام الجمهور وهم متجمعين حوله ليكسب بعضا من مال . انه حزام ناري يطوق هذه المنطقة الممتدة من المغرب العربي وحتى خرطومنا الباكية/ الحزينة .. حيث (راشد الغنوشي) خاطف ثورة الشباب في تونس و(مصطفى عبدالجليل) وزير العدل المنعدم لدى نظام القذافي الهالك في ليبيا وبقايا من اخوان مسلمين في ( مصرمابعد مبارك ) تدعمهم دويلة صغيرة تصرف ببذخ عليهم جميعا ودون وعي من قيادتها بحثا لها عن مجد زائف ودور اكبر من حجمها ولهثا خلف منافسة وهمية على قيادة مفقودة لأمة ماتت منذ رحيل الزعيم الخالد جمال عبد الناصر مطلع السبعينات . راشد الغنوشي – كما يعرفه الكثير من السودانيين - جاء لاجئا / هاربا للسودان في مطلع التسعينيات راميا بنفسه في احضان الاسلامويين الانقلابيين بزعامة الشيخ الكاذب حسن الترابي الذي كرمه بشرف منحه جوازسفر دبلوماسي تمكن به من الحصول على اللجوء السياسي ببريطانيا ليعيش على المساعدات الاجتماعية هناك حتى لحظة عودته بعد سقوط الديكتاتور التونسي زين العابدين بن علي الهارب الى كنف آل سعود بالمملكة الذين يمتلكون كل شئ فيها وحتى انسانها ( التابعية !!!). الغنوشي الذي بدأ – بعد اعلان فوز حزبه ( حركة النهضة الاسلامية)- في ممارسة الدور ذاته و مكررا سيناريو الترابي نفسه حين انقلابه الاسود على الديمقراطية قبل 23 سنة حيث البحث عن طريق للتمكين يبدأ أولى خطواته بتطيمن الداخل والخارج كذبا حيث يقول الغنوشي انه مع الديمقراطية وحرية المرأة والعمل مع كافة الاطياف السياسية من اجل تونس .. وواقع جماعة الاسلامويين جميعا يقول بأنهم يسعون للوصول للسلطة ولو عبر سلسلة من الاكاذيب .. وما ان تتمكن هذه الجماعة من الكرسي حتى تكشر عن انيابها وتظهر على حقيقتها وتمارس أساليب لا تتنافى مع اخلاقيات وموروثات المجتمع فحسب وانما مع تعاليم الاسلام نفسه الذي يرفعون شعاراته ويصدعون بها رؤوسنا اطراف الليل وآناء النهار .. وماتجربة السودان الا اصدق مثال و انصع نموذج للاسلام الذي يعيش على النفاق والخداع والغش والتلاعب بمصائر الامم والشعوب . والناس تطالع عبر التلفاز الغنوشي وهو منتشيا بالنصر الذي حققه حزبه في تونس ( 41% من مقاعد المجلس البرلماني القادم ) واشعل مظاهرات عارمة في منبع الثورة التونسية ( البوعزيزي ) وهو يعقد المؤتمرات ويتحدث للفضائيات مطمنا العالم الذي يتخوف من كل ماهو اسلامي استنادا على مايراه من الاسلامويين الذين تمكنوا من الوصول للسلطة سواء عبر الانقلابات ( الانقاذ وحماس ) او الانتخابات الزائفة ( كما جرى اخيرا في فوز المشير بالخج والتزوير ) او تلك التي جرت في غفلة من العالم !!!. مايقوم به ( الغنوشي) في تونس اليوم يذكرني تماما بمقولة شيخ مشايخ الكاذبين( حسن الترابي ) للضابط المغمور آنذاك ( عمر حسن احمد البشير) وعصابته ( اذهب انت للقصر رئيسا .. وسأذهب انا الى السجن حبيسا !!) .. وما أشبه الليلة بالبارحة ياغنوشي !!. ولأني كنت شاهدا على صورة جوازسفر الغنوشي الدبلوماسي الممنوح له من صديقه حسن الترابي ( صدر بالخرطوم يوم 23/3/1991م ) وقد نشرتها على صفحة ( شؤون سودانية ) بجريدة ( الخليج ) الاماراتية الصادرة بتاريخ 8/11/1991.. وهي اول صفحة معارضة سودانية تدخل في مواجهة مباشرة مع نظام الانقلابيين في الخرطوم يومها وأدت – في نهاية المطاف – الى قرار من الخرطوم ( بتوقيع اللواء الزبير محمد صالح ) بسحب جواز سفري السوداني لأصبح لاجئا سياسيا في اوروبا عن طريق الاممالمتحدة ( مكتبها بأبوظبي ) ومغيبا عن اهلي ووطني الآن لنحو من 24 سنة .. وهي قصة لا يسمح المقام بها هنا ولكني سأفرد لها حيزا لاحقا بمشيئة الله تعالى ان امد الله في الايام نزولا عند طلب الكثير من الاصدقاء أو الزملاء ممن عايشوا تلك الحقية وعاصروها عن قرب .. وجميعهم أحياء يرزقون ( أمد الله في ايامهم ) باستثناء اثنين منهم وهما الاستاذان الجليلان (حسن ساتي) و(محمد الحسن أحمد) رحمهما ربي وجعل قبريهما روضة من رياض الجنة .