عبدالله مكاوي [email protected] تمثل الأعياد فرصة ذهبية للاستجمام من عبء الحياة ودوامة العمل والرجوع من السفر وفرص ثمينة للتواصل مع الأهل والأصدقاء وعقد الزيجات وإذابة الكثير من الخلافات بين الأفراد وغيرها من الأشياء الجميلة. ولكن عيد الاضحي أصبح يشكل هم وغم للكثيرين بسبب الفقر الذى اضحي سمة ملازمة لنا منذ الاستقلال الصوري والي إشعار آخر ولكن في الفترة الأخيرة اجتاح الديار فقر رهيب كخيول المغول علي أيدي التتار الجدد ليجعل بلادنا كالعصف المأكول او فقر حضاري علي وزن المشروع الحضاري وفي رواية اخري المشروع الدماري أو الزلزالي الذي زلزل كل القيم الخيرة التي بنيت عبر أجيال و دمر روح التكافل المتجذرة في مجتمعنا وأصبح شراء الأضحية للغالبية العظمي(أكثر من 95% من أبناء شعبنا فقراء ) حلم بعيد المنال و تفاقمت المشكلة بعد تحول الأضحية إلي عادة اجتماعية تفاخرية أكثر منها عبادة يقصد بها التقرب إلي الله ليتحول المواطن المسكين إلي الضحية رقم واحد وهو يكلف بأعباء لا قبل له بها وهو مسبقاً كان ضحية لتسلط الحكومات الشمولية التي فرضت عليه طوق من المعاناة والإرهاب ولباس الجوع والخوف وتحول في شرعتها من غاية تستحق الاهتمام إلي مجرد وسيلة تستغل لإدامة حكمها وتنفيذ رغباتها مهما كانت غرائبيه لتصبح هي الصوت والصدى الأصل والصورة باختصار الكل في الكل. وكان ضحية ايضاً لنظم سياسية فشلت في فهم واقعه بطريقة صحيحة وابتكار مشاريع بأسس علمية تستلهم ماضية وتستشرف مستقبله وتخرجه من حالة التيه التي لازمته طويلاً الي فضاء أرحب للحرية والكرامة والإبداع وتفجر طاقاته وتستكشف مواهبه وامكانته وتخلصه من الخوف او علي الاقل توفر له احتياجاته الاساسيه وتثبتها في بنية عقله او ثقاقته كحق طبيعي وليست منحة من إي جهة وبدلاً عن ذلك لجأت لتتبني مشاريع أممية ورسالية وهلامية لتغطي عجزها عن بناء الواقع الفعلي. وكان المواطن المسكين ضحية ايضاً للنخب المتعلمة التي نالت حظها من التعليم علي حساب احتياجاته وإمكانياته الشحيحة خاصة في الريف وأطراف المدن ليكفل لها الإطعام من الجوع والأمان من الحوجة لتتفرغ للعلم والتحصيل وهو سعيد بذلك لأنه ظن انه يستثمر في المستقبل لساعة كريهة او لليوم الأسود وأنهم أبنائه الذين سينيرون له الظلام وسيفتحون له طرق التطور والتنمية المستدامة وأنهم سيملأون الأرض اخضراراً وعدلا بعد أن ملأت جدباً وجورا ويخططون له المدن ويبنون له المشافي ويطببون المرضي ويداوون ألجرحي وان هذه النخب ستفرز مفكريها وعلمائها ومبدعيها و كتابها و كوادرها التي تدير الخدمة المدنية بكفاءة واستقامة ولكن وآه من لكن هذه لم يجني المواطن ما زرع وانتظر طوال السنين ولم يجد عنب الشام ولا بلح اليمن ولا دوم أم صفقاً عراض لأن جزء من هذه النخب انكفأ علي مشاكله ألذاتيه والاسريه والمهنية في الداخل أو الخارج وقد نجد لهولاء العذر بسبب ضيق المواعين الحزبية وبيئة الكبت والضغوط الاقتصادية ولكن اللوم كل اللوم علي الذين ارتضوا بمحض إرادتهم أن يرتموا في أحضان الشموليات والعسكر وان يبرروا لهم أفعالهم ويجملوا صورتهم القبيحة حني ولو بتبريرات مضحكة ومغالطة للحقائق والبديهيات و بصورة مذرية وكل ذلك من اجل حفنة مناصب وهبره مالية معتبرة والطامة ألكبري عندما تحولت هذه الامتيازات إلي حالات عجيبة من التبذير والإسراف في مناسباتهم الاجتماعية كالزواج والوفاة ودخول الأطفال الروضة الفلانية وتخرج الشباب من الجامعة العلانية فتري وتسمع وتشاهد العجب العجاب موسيقي عربية وشئ غربية ومرة اثيوبية ومرة فرفور ومرة زرزور ولأعزاء لمصطفي سيداحمد او حنان النيل او صديق احمد او وردي اوغيرهم من المبدعين الذين أثروا وجدان ألامه بروائع إبداعهم الخالدة ولا نامت أعين النقاد أما الولائم دي قصة براها واحتراماً للبطون الخاوية نمسك عنها أما البيوت فهي عبارة عن قصور وحدائق غناء وسط أكواخ من الصفيح وبيوت الطين والحيطان المتهالكة المتخاصمة مع المطر وعربات آخر موديل كل سنة شئ برادو وشئ همر . عذراً للإطالة ولكن قصدنا من ذلك أنهم يكرسوا لإدامة النواحي السلبية في المجتمع كالتباهي والتفاخر واستحداث قيم أكثر خطورة كاستسهال الكسب بكل الطرق وتعظيم و تقديم صاحب المال علي حساب الآخرين حني لو كانوا أفضل منهم( ولنا في ناديي الهلال والمريخ الأسوة السيئة و التجربة المريرة) واحتقار العمل اليدوي والوظائف ذات الدخل البسيط بدلاً من أن يكونوا طليعة مستنيرة وقدوه حسنة تسعي لتخليص المجتمع من عاداته المكبلة للتقدم بالرفق واللين وتشجيع الإخلاص في العمل والكسب المشروع وتوجيه المجتمع للإعمال ذات العائد المادي والاجتماعي والابتعاد عن المضاربات والسمسرة واحتقارهما واحترام القوانين والاهتمام بالشأن العام والحفاظ علي الممتلكات العامة وغيرها من الأشياء المفيدة. بالتأكيد هنالك استثناءات لمجموعه من السياسيين والمتعلمين قدمت الكثير للوطن والمواطنين ومازالت وضحوا بمالهم ووقتهم و صحتهم وحرياتهم وأحياناً أرواحهم الغالية فلهم منا كل الشكر والتقدير. ما ذكرناه ليس جلداً للذات او حالة من حالات اليأس والإحباط وقد يتفق معنا او يختلف الكثيرون ولكن الواقع البئيس الذى نصطلي بناره الحارقة يدلل علي ذلك وعلي العموم المؤكد أننا نحتاج لثورة ليس بمعناها السياسي المحدود ولكنها ثورة شاملة تطال كل الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والفكري وتعيد بنائه علي أسس حديثة علي أن تنصت لصوت العقل ولا شئ سواه وتتوكل علي الله وكل ثورة وانتم بخير.